رعى
((
الاثنينية
))
منذ 17 عاماً الكاتب الأديب رجل الأعمال عبد المقصود خوجه:
|
رغم عملي في القطاع الخاص إلا أن ارتباطي بالكلمة ما زال متوهجاً
(1)
|
|
أجرى اللقاء/عبد الله محمد الغامدي
|
|
هل ندعوه برجل الأعمال، أم بالكاتب، أم بالأديب.. أم بالصحفي.. أم براعي الاثنينية المتألقة.. إننا بكل ثقة نستطيع أن ندعوه بكل هذه الصفحات.. لقد استطاع بذكاء وقدرة في الإبداع أن يستقطب الوسط الثقافي والإعلامي والأدبي مثلما نجح في استقطاب الميدان التجاري.. وأيضاً بكل ثقة تقول: إن هذا الرجل يندر أمثاله.. وتنطبق عليه مقولة: (رجل والرجال قليل).. إنه الأديب الكاتب رجل الأعمال الأستاذ عبد المقصود خوجه.. التقته المسائية من خلال مجموعة من الأسئلة فبماذا أجاب؟
|
باب الذكرى |
ـ موافقتك على إجراء حوار صحفي هل تعني توضيح أشياء تريد أن يعرفها القارئ وما هي؟
|
ـ لم أسعَ إلى الحوار الصحفي، لكنه تجاوب مع حسن ظنكم، وما أطرحه من أفكار وآراء قد يكون القارئ الكريم أكثر دراية بها مني، وفي هذه الحالة تكون من باب الذكرى التي قد تنفع المؤمنين. |
حقائق جغرافية |
ـ بين فصول السنة وهذا الشتاء هل تقلُّ قدرة العمل في نظرك أم أن الصيف كما هو الاعتقاد يضعف القدرات وبالتالي الإنتاج؟
|
ـ بالتأكيد الإنتاج ـ في أي مجال كان ـ يحتاج إلى مناخ مناسب، لذلك قامت معظم الحضارات العريقة على ضفاف الأنهار وحول حوض البحر المتوسط، وفي المناخات المعتدلة، أما التطرف في المناخ فإنه يؤدي إلى اضمحلال العمل حتى درجة الموت في القطبين أو الصحارى الشاسعة.. هذه حقائق جغرافية بديهية يعرفها الجميع.. لكني قصدت منها التدليل على أهمية ((الوسطية)) والاعتدال في كل الأمور حتى يكون الإنتاج مثمراً. |
بيت علم |
ـ قبل أن تتجه إلى هذا المجال ما هو الشيء الذي كان يعتبر اهتمامك أو توقُّعك لأن تكون عليه مستقبلاً؟
|
ـ اهتمامي كان منصباً في المجال الإعلامي، وعملت من خلاله حتى وصلت لوظيفة مدير الإدارة العامة للصحافة والإذاعة والنشر في جدة ((قبل تشكيل وزارة الإعلام)) وبالرغم من عملي في القطاع الخاص لأكثر من سبعة وثلاثين عاماً فإن ارتباطي بالكلمة ما زال متوهجاً لأنها الأصل والأساس الذي قامت عليه أسرتي حيث تربيت في بيت علم يعرف مكانة الكلمة وكيفية التعامل معها. |
البصمة المميزة |
ـ في مجال عملك هناك أسماء كثيرة فمن الذي تشعر بأنك مثله أو تتشابه معه؟
|
ـ إذا كان من تشابه فهو في الخطوط العريضة والعموميات فقط، أما التفاصيل والبصمة المميزة فإن لكل شخص خصوصيته. |
نوعية الصحافة |
ـ وسائل الاتصال هي اللغة الأقوى في الوصول للناس.. من وجهة نظرك أين موقع الصحافة؟
|
ـ هذا يعتمد على نوعية الصحافة، فإذا كانت تتمتع بهامش كبير في حرية التعبير والمصداقية والنزاهة فهي حتماً في الصدارة، أما إذا كانت تعمل بالريموت كونترول، فلا حول ولا قوة إلا بالله. |
هذه الشروط |
ـ وكيف تنظر إلى ما يجب أن تكون عليه الصحافة حتى تؤدي للتوازن مع هذه الوسائل المرئية؟
|
ـ حرية في التعبير، مصداقية في القول، نزاهة في القصد.. إذا توافرات هذه الشروط فإن الصحافة ستحتل مكانتها المناسبة وقد تبرز الوسائل المرئية. |
الساحة واسعة |
ـ هل تعتقد بأنها تراجعت بوجود فضائيات وإنترنت؟
|
ـ لم ولن تتراجع.. ففي الساحة متسع للجميع، وكل إبداع يجد من يقدِّره ويهتم به. |
ترويض النفس |
ـ المثالية شيء مستحيل فكيف ترى الاقتراب منها؟
|
ـ التعبير الإسلامي الرقيق والباهر الذي يقابل كلمة المثالية هو ((الإحسان)) وهو ليس مستحيلاً لكنه يحتاج إلى ترويض النفس وفطمها عن الصغائر والدنايا، ثم التدرج بها في مراتب الكمال ((الإنساني)) طبعاً، حتى تصل إلى مرتبة الإحسان.. أما ((الثانية)) فهي أقرب إلى روح الترجمة وتقابلها في الإنجليزية كما تعلمون كلمات مثل Ideal أو Perfect. |
لا مجال |
ـ هل تطمح إلى الشهرة؟
|
ـ سؤال يليق بمن يخطو في بداية المشوار، أما وقد قطعت الشوط الأكبر من حياتي فلا مجال للسؤال حيث يغني بالحال التي أنا عليها والحمد لله. |
قمة المتعة |
ـ هل تعتقد بأن هناك فرقاً بين الهواية والوظيفة؟
|
ـ بالتأكيد هناك فرق.. ولكن إذا اتحدتا كانت قمة المتعة، أي إذا أصبحت الهواية وظيفة والوظيفة هواية فإن الملل سوف يختفي من الحياة نهائياً. |
أنا أميّ |
ـ إذا كان الكمبيوتر لغة اليوم والمستقبل فكيف تستفيد أنت شخصياً من التعامل مع هذه اللغة في مجال عملك؟
|
ـ لقد تم تحديث مجال عملي وكانت مؤسساتي من أوائل مستخدمي هذه التقنية بمجرد دخولها المملكة.. أما الاستخدام ((الشخصي)) فما زلت للأسف في مرحلة ((محو الأمية)). |
خطتي الخمسية |
ـ هل لديك اشتراك في الإنترنت؟
|
ـ لدي اشتراك في مجال العمل، وآمل دخول عالم الإنترنت شخصياً ضمن خطتي الخمسية القادمة بمشيئة الله. |
ـ متى بدأت المشوار؟
|
ـ في هذه اللحظة بالذات. |
دع الخلق للخالق |
ـ دائماً ينظر الناس إلى مجالك بأنه محل مقارنة مع الآخرين.. فهل نلاحظ ذلك؟
|
ـ الناس أحرار فيما يعقدونه من مقارنات، لكن السؤال: لماذا لا ينظر كل إنسان إلى داخله ويترك الخلق للخالق؟ |
خط الأفق |
ـ الإبداع مطلوب فيه التميز، ما رأيك في هذا وهل وصلت إلى درجة الإبداع؟
|
ـ الإبداع والتميّز صنوان .. وبدون تميّز لن يكون هناك إبداع.. سيكون مجرد نسخة من عمل آخر، قد يكون جميلاً لكنه بلا روح، أما بالنسبة إلي فإن الإبداع ((في مجال عملي)) مثل خط الأفق، كلما حسبت أني وصلته ظهر مجدداً. |
متذوّق ومقدّر |
ـ وما دام الفن هو طريق الوصول إلى الحسن وكذلك التجاوب مع الحس الجمالي فهل شعرت بأنك اقتربت من ذلك؟
|
ـ علاقتي مع الفن ـ بكل أنماطه ـ علاقة متذوق ومقدّر لجمالياته.. فإذا كان إطار سؤالك لا يتعدى هذه العلاقة فأحسب أنني في الجانب الإيجابي. |
رحلة طويلة |
ـ لو قلنا إن لك هدفاً أو رسالة تؤديها فما هو هذا الهدف الذي تسعى إليه.. وما هي تفاصيل الرسالة أو مضمونها؟
|
ـ عملت جاهداً للمساهمة في خدمة ((الكلمة)).. وكما تعلم فإن أي عمل بدون تأطير لن تكتب له الاستمرارية والنجاح، لذا جاءت ((
الاثنينية
)) لتؤطر هذا العمل، والحديث عنها يطول.. ويكفي أنها طبعت من فعالياتها ثلاثة عشر مجلداً.. وهناك ثلاثة مجلدات أخرى قيد الطباعة وسترى النور إن شاء الله بنهاية العام الهجري الحالي.. ثم انبثق منها ((
كتاب
الاثنينية
)) الذي نشرت من خلاله حوالي ثلاثين عنواناً، بعضها يتكوّن من ثلاثة أجزاء، وكلها توزّع مجاناً على المهتمين والجامعات ومراكز البحث العلمي والمكتبات العامة ومكتبات بعض المؤسسات التعليمية بالإضافة إلى مراكز دراسات الشرق الأوسط في أوروبا وأمريكا ومكتبة الكونجرس الأمريكي.. إنها رحلة طويلة بدأت منذ عام 1403هـ ـ 1982م وما زالت تواصل خطاها نحو الأفضل بعون الله ثم ذوي الفضل الذين لا يبخلون بمساهماتهم العلمية والثقافية في هذا العمل. |
الشائعة والحسد |
ـ لماذا أنت محوط بالشائعات؟
|
ـ الشائعات مرض اجتماعي، قد يكون من مصادرها الحسد والعياذ بالله.. ولعلّ من اطرف ما قيل في ذلك قول يزيد بن معاوية: |
هم يحسدوني على موتي ويا أسفي |
حتى على الموت لا أخلو من الحسد |
|
ـ هل تعتقد أنه ضرورة لكل إنسان؟
|
ـ للنجاح ضريبة، بل ضرائب، وأعتقد أن هذا أحدها. |
ـ هل تتذكر ونحن نسأل أن هناك سؤالاً كان يجب أن يطرح من البداية؟
|
ـ نعم أتذكر أسئلة.. ولكني أستغرب.. لماذا طرحت؟ |
عوامل لا بد منها |
ـ الانسجام في العمل هل يتحقق بوجود عوامل معينة؟
|
ـ بالتأكيد فلا بد من: التقارب الثقافي، وحدة الهدف، تناغم الإدارة، تهيئة المناخ المناسب للعمل. |
فلسفة وقوانين |
ـ التنافس هل يؤدي إلى الأفضل؟
|
ـ هذا أمر بديهي.. فقلب فلسفة الاقتصاد الحر يقوم على عنصر المنافسة، التي تؤدي بدورها إلى الأفضل.. وهناك قوانين في بعض الدول تحرّم الاحتكار لأنه يضر بتلك الفلسفة. |
الأكثر إثارة |
ـ كيف تجد الحوافز وتأثيرها لزيادة الإنتاج وحسن الأداء؟
|
ـ لا شك أن للحوافز دوراً هاماً في العملية الإنتاجية، غير أنه من الضروري التفريق بين أنواع الحوافز، فهناك من يستجيب للحوافز المادية، وقد تكون الحوافز المعنوية ((مثل شهادات التقدير والدروع وخطابات الشكر والتقريظ)) أكثر إثارة للبعض، وفي حالات نادرة قد يشكل التعنيف نوعاً من الحوافز لبعض الناس، فالمسألة تحتاج لمعرفة نفسية الشخص الذي تتعامل معه وتحاول دفعه لمزيد من العطاء. |
تفكيك المشكلة |
ـ هناك أسباب تؤدي للإحباط في العمل.. ما هي وكيف تعالج من وجهة نظرك؟ وعندما تواجهك مشكلة كيف تتغلب عليها؟
|
ـ المشاكل التي تؤدي للإحباط في العمل نابعة من الحياة نفسها بكل تعقيداتها، لذا يستحيل حصرها ـ من وجهة نظري ـ أما أسلوبي في التغلب على المشاكل التي تواجهني فإنني أعتمد على تفكيك أو تفتيت المشكلة إلى عدة عناصر، ثم أحاول حل كل عقدة على حدة، وبالتالي حل المشكلة برمَّتها أو خلخلتها لحدٍّ كبير. |
الصفات الخيّرة |
ـ يقال إن الزمن تغير، فهل يعني ذلك شيئاً بالنسبة إليك على الصعيد العملي أو الحياتي؟
|
ـ الزمن لم يتغير، لكن وتيرة الحياة هي التي تغيرت، واضطربت معها النفوس وردود الأفعال، وبالتأكيد فإن من تعوّد على أسلوب معيّن في التعايش والتعامل مع الآخرين بالوفاء والصدق والأمانة وإحقاق الحق وكل الصفات الخيّرة، يصعب عليه التعامل بأسلوب الأقنعة والتلوّن وغيرها مما أنجبته الأيام والليالي. |
أعقلها وتوكل |
ـ هل أنت من الذين يفكرون قبل بداية العمل وكيف يكون وضع الخطوات؟
|
ـ من آفات الحماقة أن يقوم الإنسان بأي عمل قبل أن يفكر فيه، فلا بد أن يسعى لعمل تصوُّر كامل لما ينبغي أن يتم، ويفكر في الإيجابيات والسلبيات، ثم يزن كل التفاصيل بميزان العقل وأخيراً يتوكل على الله، من منطلق ((اعقلها وتوكل)). ويعتمد وضع الخطوات على نوعية العمل، ودرجة تعقيده، فلا بد من تحليل عناصر العمل أولاً ثم إيجاد أفضل السبل للوصول إلى الهدف النهائي. |
النشاط أكثر |
ـ ومع شهر رمضان فهل هو بالضرورة إضعاف للقدرات نتيجة للصيام أم تراه العكس؟
|
ـ أشعر في رمضان بنشاط كبير ولله الحمد، وليس للصوم أي تأثير سلبي على قدراتي الإنتاجية. |
مواسم تجارية |
ـ الحديث عن الموسم يعني بأن هناك تفكيراً متذبذباً لدى الإنسان كيف ترى ذلك، وما مدى صحته؟
|
ـ لا أتفق مع هذا الرأي، لأننا إذا نظرنا حولنا وجدنا المواسم في كل شيء تقريباً، فالطبيعة كلها تقوم على مبدأ المواسم، والفصول الأربعة نفسها مواسم مختلفة، والنباتات والحيوانات والطيور والأسماك والحشرات كلها لها مواسم للهجرة والتكاثر.. وكذلك العبادات لها مواسم اختصها الله سبحانه وتعالى بشرف الزمان، فشهر رمضان مثلاً موسم خير كبير، والعشر الأواخر منه لها درجة أفضل في هذا الموسم، ومعروف فضل العمرة في رمضان، ثم صيام ستة من شوال، ويأتي موسم الحج، وليال عشر أي عشر ذي الحجة.. أما بالنسبة للتجارة فقد ورد في القرآن الكريم.. ((رحلة الشتاء والصيف)) فهذه مواسم تجارية كانت معروفة لدى العرب منذ الجاهلية والواقع ليس هناك أي تذبذب في التفكير عندما نتحدث عن المواسم لأنها كما أسلفت جزء من ناموس الطبيعة. |
ـ هناك من يميل إلى القبول بأي شيء نتيجة ضعف فكري أو مستوى ثقافي ووعي أقلّ.. فكيف يمكن الارتقاء بهم إلى مستوى أعلى؟
|
ـ كل ميسر لما خلق له.. وقيمة كل امرئ ما يحسن.. ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. |
بعيداً عن الأضواء |
ـ تطوير المناهج.. هل حان الوقت للاختصار والانتقاء والبعد عن الحشو؟
|
ـ أجل.. حان منذ وقت طويل.. وأعتقد أن حبيبنا معالي الدكتور محمد بن أحمد الرشيد يعمل على هذا الأمر بعيداً عن الأضواء، مع تمنياتنا له ولجميع زملائه بالتوفيق. |
أسلوب عصري |
ـ اللغة الإنجليزية هل تصلح للإضافة في الابتدائية؟ |
ـ الطفل يستطيع تعلم اللغات بسرعة مدهشة، وبالتأكيد يمكن الاستفادة من هذه الخاصية في تدريسه اللغة الإنجليزية بأسلوب عصري يحببها إليه، وفي الوقت عينه تخفيف بعض الأعباء الأخرى حتى لا يحمل فوق طاقته. |
الكمبيوتر |
ـ وهل يتم تعميم الكمبيوتر؟
|
ـ إذا لم يتم تعميمه بأسرع وقت ممكن فستكون الخسارة باهظة لأن الأمية لم تعد أمية الحرف بقدر ما هي أمية التقنية وعلى رأسها الكمبيوتر. |
نشاطات ترفيهية |
ـ ظاهرة الإقبال على الاستراحات تعتبر إيجابية كمتنفس للشباب والوجه الآخر لها سلبي لعدم وجود رقابة على الصغار والافتقار إلى فرص وإمكانات لنشاطات ترفيه مناسبة كيف تتم معالجة ذلك؟
|
ـ من الضروري أن تأتي الرقابة من الداخل من التربية في البيت والمدرسة والمجتمع ومما لا شك فيه أن ترقية وتطوير الاستراحات لتوفير الحد الأدنى من النشاطات الترفيهية يحدُّ كثيراً من هذه السلبيات. |
التوعية والإقناع |
ـ التدخين ينتشر كالنار في الهشيم وخصوصاً بين الصغار فهل نستسلم أم نقاوم ونسيطر على الموقف؟
|
ـ التدخين آفة عالمية وقد حاولت معظم الدول المتقدمة للتخلص منه لكن شركات التبغ لم تقف مكتوفة الأيدي، فبعد أن انتشر الوعي بين الكبار بدأت تغزو الصغار والنساء على وجه التحديد وكسبت المزيد من الأراضي في هذين الاتجاهين.. والحل يكمن في مزيد من التوعية والإقناع وبثِّ الأفلام الثقافية التي تحارب ظاهرة التدخين وعرض الأفلام الطبية الوثائقية التي توضح بدون لبس مضار التدخين وفي الوقت عينه منع كل أنواع الإعلانات في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة وعدم السماح لأي مطبوعة تحمل إعلاناً عن الدخان بدخول المملكة إذ لا يكفي إطلاقاً أن تنشر إعلاناً في نصف صفحة وتذكر في آخر سطر وببنط ((مجهري)) التحذير الحكومي الممجوج الذي ينصح بعدم التدخين.. الخ مما ينطبق عليه المثل (الفضيحة في زفة والاعتذار في عطفة). |
غرس الشعور |
ـ للمقارنة بين طالب اليوم وطالب الأمس هل تكون من زاوية وجود وسائل ترفيه لم تكن موجودة سابقاً؟
|
ـ هذه حقيقة.. فقد انتشرت وسائل الترفيه وتنوّعت بطريقة غير عادية، لكني أعتقد أن المقارنة تكون أفضل من زاوية الجدية فقد كان طالب الأمس أكثر جدية رغم وجود بعض وسائل الترفيه، وربما كان للمدرسة وهيئة تدريسها أكبر الأثر في غرس الشعور بالجدية بين الطلاب. |
دراسات متأنية |
ـ وكيف يتم توجيه هذا الطالب إلى ما ينفعه بمعنى تنمية قدرته وإدراكه في جوانب ما ينفع وما لا ينفع؟
|
ـ طالب اليوم أصبح أكثر وعياً وإدراكاً مما تتصور، ولذا أعتقد أن أسلوب التوجيه المباشر قد أصبح من مخلفات الماضي، ولن يؤدي إلى النتيجة المرغوبة لذا لا بد من بحث وسائل أكثر تطوُّراً بمعرفة أخصائيين تربويين وفق دراسات متأنية، فالمسألة أكبر من أن أدلي فيها بدلوي في هذا السياق. |
ـ أصبح دور المدرسة تربوياً هامشياً وكذلك البيت.. إلى أي حدٍّ ترى أن ذلك موجود حالياً؟
|
ـ للأسف هذه حقيقة تطلُّ برأسها وتثبِّت أقدامها وتغرس أنيابها كل يوم إلا من رحم ربك والله المستعان. |
المخرج في القرآن والسنّة |
ـ التفكك الأسري يؤدي إلى مؤثرات سيئة على الأبناء فهل تعتقد أن التوتر لا يترك فرصة لضبط الأعصاب وإبعاد الأبناء عن هذه المؤثرات؟
|
ـ لا شك في أن التوتر (وما أكثر مسبباته في هذا العصر) قد أصبح ظاهرة ملحوظة والعلاج في نظري يأتي بالعودة إلى نبع القرآن الكريم والسنَّة المطهرة، ففيهما المخرج من هذا المأزق الذي فرضته علينا المدنية المعاصرة كما ينبغي على أفراد الأسرة ملاحظة مسببات التوتر (مثل ما يتم ملاحظة مسببات الحساسية) والعمل على تفاديها قدر الإمكان. |
الحالة تختلف |
ـ الفشل الدراسي هل هو بالضرورة إهمال البيت أو تعبير عن السخط على الصراعات بين الأبوين؟
|
ـ من الصعب تعميم أسباب معينة على الفشل الدراسي، فكل حالة قد تختلف عن غيرها، وعليه من الضروري القيام (بدراسة حالة) لمعرفة الأسباب الحقيقية ومن ثم العمل على علاجها، هناك بيوت خالية من أي صراعات وتعتني بأبنائها الطلاب لكن الفشل يحدث بالرغم من ذلك وأحياناً قد تجد العكس بالمراحل الدراسية لأبنائها الذين ينجحون من عام إلى آخر ويشقون طريقهم بإصرار نحو غد أفضل. |
عقد اجتماعية |
ـ خادمة في كل بيت وسائق هي مؤثرات أخرى لا شك في أنها تؤدي إلى انعكاسات سلوكية غير مرغوبة كما يقال ويحدث؟
|
ـ وجود الخادمة والسائق ليس بالأمر الجديد، فقد عرفت الأسر العريقة منذ عشرات السنين الخادمة والصبي الذي كان يعمل بالدكان ثم بالمنزل قبل ظهور السيارات، ولم يكن لوجودهما أي دلالات اجتماعية غير العمل المنوط بهما.. ولكن في السنوات الأخيرة ظهرت آثار النعمة على فئات من المجتمع لم تكن تتعامل من قبل مع الخادمة والصبي (السائق) وبسبب عقد اجتماعية حسب هؤلاء أن هذه العمالة من مظاهر التباهي الاجتماعي!!. وأعتقد أن المشاكل نشأت من هنا وليس لأن وجودهما يؤدي إلى انعكاسات سلوكية غير مرغوبة كما يزعم البعض. |
ـ فهل يمكن السيطرة على الموقف أو الاستغناء عن هذه العمالة؟
|
ـ السيطرة على الموقف تأتي عن طريق توعية فئات المجتمع التي لا تعرف الدور المنوط بالخادمة والسائق وإنهما ليسا أداة تباهٍ اجتماعي.. ولا أزيد. |
هناك تفاوت |
ـ الحديث عن مجتمعنا بحسب بعض ما يثار يقول بوجود تفاوت واضح في المستويات الثقافية فهل أنت من الذين يوافقون على ذلك هذا أولاً..
|
ـ مجتمعنا ليس بدعاً بين سائر مجتمعات العالم، فانظر حولك تجد أننا جزء من النسيج العالمي، وإن كانت لنا خصوصيات فهي مع احترامي لها لا تشكّل عنصراً يجعل مجتمعنا في دائرة الانغلاق عما يدور حوله.. وبالتالي من البديهي أن يكون هناك تفاوت واضح في المستويات الثقافية كما يوجد في كل مجتمعات العالم. |
ـ وثانياً: كيف تتجاوب عملياً من خلال إنتاجك مع وجود هذه الفوارق؟
|
ـ ليس لدي الإنتاج الذي تتحدثون عنه. |
تدارك الموقف |
ـ هل بالإمكان تدخُّل الأبوين في اختيار رفاق الأبناء وكيف يمكن اكتشاف الرفقاء المناسبين؟
|
ـ نظرياً يمكن ذلك عن طريق المشاركة في حفلات التعارف والرحلات وغيرها من المناسبات الاجتماعية ومراقبة سلوك الابن فإذا لاحظ الوالدان تصرفات غير طبيعية أو سلوكاً غير مرغوب فعليهما تدارك الموقف بسرعة لأن معظم النار من مستصغر الشرر. |
أساس المقارنة |
ـ للعلم لم يعد مؤثراً من ناحية كونه قدوة ما هي الأسباب؟
|
ـ سابقاً كانت القدوة تنحصر في الأب والمعلم أما الآن فإن مجال القدوة أصبح مفتوحاً أمام نجوم الأفلام وكرة القدم والغناء والموسيقى.. كما أن الوضع الاجتماعي لبعض المعلمين لم يعد يصلح لكي يجعل منه قدوة، أصبح بعض طلاب اليوم ينظرون إلى المظاهر الاجتماعية الباذخة كأساس للمقارنة والقدوة، وبالتالي فإن الطالب عندما ينظر إلى لاعب كرة القدم الذي يحصل على أغلى سيارة آخر موديل، ومفتاح فيلا مؤثثة نتيجة هدف في مرمى الخصم، يصبح أهم بكثير في نظره من المعلم الذي يقف في الطابور آخر كل شهر لتسلُّم معاشه، ودفع أقساط السيارة والأثاث، وإيجار الشقة وسداد الديون المستعجلة.. وللـه في خلقه شؤون. |
ـ مستوى أداء مهمة التعليم أصبح متدنياً واستكمال النواقص في الأداء أصبح مسؤولية الأم في البيت؟
|
ـ للأسف هذه حقيقة ماثلة للعيان، وما لا تقوم به الأم يكمله ((المدرس الخصوصي)). |
ـ هل هي معاناة حقيقية أم حالات نادرة؟
|
ـ احكم بنفسك إذا وجدت بيتاً يخلو من أم تذاكر لأبنائها أو مدرِّس خصوصي يسعى في مناكبها. |
|