(( كلمة معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم ))
|
ثم أعطيت الكلمة لمعالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم فقال: |
- بسم الله الرحمن الرحيم.. |
- الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.. سيدنا محمد النبيّ الأمي، وعلى آله وصحبه أجمعين.. |
- كنت أتوقع أن يبدأ سموّ الأمير بعرض بعض نشاطاته حتى يتم التعليق عليها، ولكن الاثنينية لها مفاجآتها، في الواقع: إن ما ذكر عن سموّ الأمير في المقدمة فيه كثير من المعلومات التي أجهلها وزادتني علماً بنشاطات سموّه، خصوصاً بتاريخ عمره المديد؛ الواقع سموّ الأمير - بغير شك - كان رائداً وقائداً في حقل البنوك الإِسلامية، التي هي محط النظر اليوم، ومنذ حوالي خمس وعشرين - أو ثلاثين سنة - وهو يكافح في هذا المجال ومعه - إن شاء الله - فئة من المكافحين الَّذين حاولوا - عن طريق الواقع العملي - تثبيت هذه النظرية والعمل بها في مختلف أنحاء العالم. |
- لا شك أن سموّ الأمير كان شجاعاً، وكان صبوراً، وكان متحمساً، وكان دؤوباً على أن يقوم بتثبيت النظرية في الواقع العملي، وبلغ من ذلك أنه - حتى ولو لم يجد أرضية تقوم عليها البنوك الإِسلامية، بالشكل الَّذي تستحقه منذ بدايتها لهذا التاريخ - قد سعى لوضعها في كل مكان في العالم، وفي كثير من الحالات كانت تقوم على ما سمي: (بالأوف شور) "خارج الحدود" رغبة في محاولة صادقة لقيام هذه البنوك بمسؤولياتها، ولإثبات أن النظرية الإِسلامية - وهي نظرية دينية خالدة مشرع بها من قبل ديننا الإِسلامي الحنيف، وهي التي سوف تستمر وتثبت على مدى الأيام الطويلة والسنوات القادمة - أنها هي النظرية الصحيحة والصالحة في معالجة المال. |
- الواقع حضرت مع سموّ الأمير تجربتين كبيرتين، إحداهما في بنك فيصل الإِسلامي السوداني، والأخرى في دار المال الإِسلامي التي أنشئت في جنيف بسويسرا، وشاركت مشاركة بعيدة في بنك فيصل الإِسلامي المصري، وأخيراً في بنك فيصل الإِسلامي البحريني؛ ولا شك أن الظروف التي مرت بسموّه، كانت من الممكن أن تحبط نشاط أي إنسان ليس له من الصبر والمصابرة والمرابطة على الاستمرار في هذه النظرية؛ ومنذ أن بدأ سموّه في هذا المجال والمحاولة مستمرة لإقناع الدول العربية والإِسلامية بالموافقة على إنشاء هذه البنوك فيها؛ ولا أشك أن الأسلوب الَّذي اتبعه سموّه مستقى في كثير من جوانبه من والده (رحمه الله) الَّذي أصر على أن يقوم كل أبنائه - أولاً - بالتزود بالعلم على المستوى الحضاري القائم، وكلنا - أو كثير منا - يعرف أن الملك فيصل - رحمه الله - ابتعث أبناءه إلى أمريكا للدراسة هناك والحصول على الدرجات العلمية، وكان في معاملته أباً قاسياً شديداً يريد أن يتخرج أبناؤه دون أن يكون لأمارتهم أو لعلاقتهم بالعائلة المالكة طريق من الطرق، ولقد اطلعت شخصياً على كثير من هذه الأمور عندما كان لي شرف العمل تحت رئاسة الملك فيصل (رحمه الله) واستفدت من مدرسته فوائد عميمة وكثيرة جداً، لا يمكن أن ينكر أحد من المتصلين به (يرحمه الله) ما يمكن أن يأخذه من هذه المدرسة. |
- وكانت النتيجة أنه بفضل الله (تعالى) أن معظم أبنائه حصلوا على درجات علمية عالية، وتمكنوا من أن يمارسوا أعمالهم في هذا البلد على أساس العلوم التي تلقوها؛ وكان الملك فيصل (رحمه الله) يصر على أن المسؤول منهم في العمل يعامل معاملة بقية المسؤولين في الدولة، وكان يقول من أراد الإِمارة فليذهب إلى بيته، ومن أراد العمل فالمجال واسع له كما يتسع لبقية المواطنين؛ هذه الأسس التي أنشأها الملك فيصل وأصر عليها..، نحمد الله أنها أعطت ثمارها في أبنائه؛ نسأل الله لهم التوفيق والنجاح والسؤدد. |
- ولا ننسى في هذه المناسبة ما قام به أبناؤه في إنشاء جائزة الملك فيصل، التي تعتبر وتعد الأولى في العالم العربي والإِسلامي والثانية في العالم، لمكافأة العلماء والمجدين والمجتهدين في تقدم الحضارة البشرية في العالم، أما كفاح سموّ الأمير محمد، ففي الواقع إنه كفاح مرير وشديد تعرض فيه لأنواع كثيرة من الصعوبات ومن الإرهاقات، حتى تمكن - بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بريادته - أن تتفح أبواب العمل في البنوك الإِسلامية على مستوى واسع كبير في الوقت الحاضر، وإن كنا لا ندرك - تماماً - الأبعاد الكبيرة التي وصلت إليها البنوك الإِسلامية، ولكنها بدون شك وصلت إلى مستوى واسع وكبير - وأيضاً - مستفز للبنوك الربوية أو البنوك العادية التي يسمونها التجارية. |
|
- إن كثيراً من هذه البنوك أخذت اليوم تتبع الطريقة الإِسلامية لتحصل على نتائج فوائدها، وهنا في جدة في المملكة العربية السعودية - تقريباً - معظم البنوك فتحت صناديق استثمار على الطريقة الإِسلامية، وتصر وتثبت أن عملها إسلامي محض ليس فيه معاملات الربا ولا خلافه؛ على أن البنوك الإِسلامية.. ومعنا اليوم ما شاء الله من العلماء، من وضع لها قواعد.. ومن أسس لها تأسيسات.. وكتب فيها كتباً، وصدرت في خلال هذه الفترة عديد من الكتب في الاقتصاد الإِسلامي والبنوك الإِسلامية مما يثبت نظريتها، ومع هذا فنحن لا ننسى الهجوم المستفز الَّذي كان ولا يزال، سواء كان من الغرب الَّذي يحارب الإِسلام عامة والمسلمين، وكل ما يتعلق بالإِسلام، سواء أكان اقتصاداً أو اجتماعاً أو سياسة، وخلافها..، وحتى من المنبهرين بالحضارة الغربية، والَّذين يظنون أن تطبيق النظريات الإِسلامية في المجتمع الحاضر يعتبر تخلفاً أو رجعياً، كما يقال مع الأسف الشديد. |
- إن هذه الحرب التي شنت ضد البنوك الإِسلامية، والتي حاولت أن تضفي على العمل الإِسلامي مثالب واتهامات ليست لها، ونحن نعرف من بين إخواننا ومواطنينا من يقول: إن البنوك الإِسلامية - شكلاً وفي الواقع - فهي تتعامل بالربا في الخارج، ولا تستطيع أن تغير هذه الأفكار إلاَّ إذا تمكن هؤلاء الناس من معرفة الحقيقة، ليتجردوا في الحكم على هذه البنوك بطريقة أو بأخرى، من الممكن جداً أن نتجاوز عن هذه الاتهامات أو هذه الاعتداءات على التفكير الإِسلامي، ولكن لا يمكن - أبداً - أن نتجاوز عن ضرورة قيام البنوك الإِسلامية في العالم الإِسلامي حتى تتمكن من تحقيق أهدافها طويلة المدى. |
- هناك بعض أخطاء في التطبيق، وتحصل - دائماً وأبداً - في كل تطبيق جديد، خصوصاً فيما يتعلق بنظرية جديدة، يراد استنباط قواعدها من الدين الإِسلامي ولم تطبق تطبيقاً عملياً خلال القرون الماضية؛ منذ أن تفضل الله بالرسالة الإِسلامية لا بد أن تحصل هناك أخطاء وتصحح هذه الأخطاء، كما يحصل في كل مشروع آخر..، ولكن لا يمكن أن يعتبر هذا العمل غير سليم أو غير صحيح، أو يتهم باتهامات غير صادقة، والدليل على أن اتجاه سموّ الأمير (جزاه الله خيراً) وتبعه عدد كبير منهم: الأخ صالح كامل (مجموعة البركة) ومنهم عدد في مختلف أنحاء العالم الإِسلامي، هؤلاء الناس الَّذين تمسكوا بهذه الفكرة واشتغلوا من أجلها وضحوا من أجلها، لا يمكن أن نعتبرهم مزيفين أو مدلسين، لأن إنشاء البنوك غير الإِسلامية ميسر، ميسر جداً، فلجوؤهم إلى إنشاء بنوك إسلامية بغير أن يطبق فيها الإِسلام، لا أظن يمكن أن يقبله منطق أو عقل، في حين أن المسألة كلها إنشاء بنوك لكان من الأيسر أن يتجهوا إلى الاتجاه الربوي القائم؛ وكلكم تعلمون - وهذا كلام ليس أنا الَّذي أقوله بمقدار ما يقوله العلماء عن الربا - وإنه من أكبر الكبائر، وإنه لا بد من التخلص منه في كل مجتمعاتنا الإِسلامية بكل الطرق الممكنة، وإن علينا على كل المتعلقين بهذه العملية من رجال الأعمال والشركات المختلفة، أن نحاول أن نتخلص من ربقة الربا وأن نتجه إلى البنوك الإِسلامية. |
- الأمير محمد الفيصل - الحقيقة - نحن نحتفل به الليلة، ولا أريد أن أزكيه في وجهه، ولكنه صبور، خلوق، مؤدب تأدب بآداب والده (رحمه الله) وأنا كنت في مجلس الوزراء، كنا نتعب من القيام والقعود لاستقباله الناس، يقوم أي شخص يدخل ليسلم عليه، فالحمد لله.. اكتسب الأمير محمد الكثير من هذه الأخلاق، وكثيراً من هذه الملاطفات، وكثيراً من الصبر والدأب على العمل، وإن كان لنا على سموّه بعض الأشياء التي نرجو ونأمل أن يساعدنا فيها للتغلب عليها، لأن سموّه يبلغ من الطيب بأن يثق ببعض الناس ثقة أكثر مما ينبغي، أنا أستميح سموّ الأمير عذراً، أن أقول إن طيبة نفسه ورحابة صدره ورغبته في المد لبعض الناس..، أوقعه وأوقعنا في كثير من المشاكل، ونحن نأمل أن يتقبل منا هذا الاقتراح في التغلب على هذه المشكلة - إن شاء الله - والتخلص منها. |
- كنا مؤخراً، في هذا اليوم جئنا من البحرين في لقاء لمجلس مصرف فيصل الإِسلامي وجمعيته العمومية، ويسرني وسموّ الأمير بنفسه يزف إليكم هذه البشرى، أن المصرف حقق من الأرباح 10 في المائة للتوزيع بفضل من الله (سبحانه وتعالى)، وأن الجمعية العمومية كانت على مستوى من السعادة والفرح أن يثبت للعمل الإِسلامي نجاح نرجو من الله أن يعود بالخير الكثير عليه وعلى بقية مؤسساتنا البنكية الإِسلامية؛ الواقع إن حكومة البحرين - وهذا الكلام سيتحدث عنه الأخ نبيل بحكم اتصاله المباشر في القضية - سمحت بإنشاء البنك الآن ليس خارج الحدود ولكن داخل حدود البحرين، وأعطته تسهيلات كبيرة جداً لهذا العمل، وامتد نشاطه - الحمد لله - إلى مدى يبشر بخير ويعطي أيضاً آمالاً كثيرة - إن شاء الله -. |
- وأترك المجال الآن لمعلقين آخرين.. وشكراً على استماعكم. |
|
|