عبد المقصود خوجه صاحب
((
الاثنينية
))
|
أنا مزيج كيميائي من الأدب والثقافة و((البيزنس))
(1)
|
|
حوار: أجراه الأمير كمال فرج
|
|
الحوار مع شخصية أدبية مثل عبد المقصود خوجه لا بد أن يخرج متفرداً لعمق التجربة التي خاضها ولهذا السبب أيضاً أكاد أزعم أن ضيفي قدَّم صورة من قريب للمشهد الإبداعي العربي ونجح أيضاً بمشرط الجراح المبدع أن يتلمس عيوب الصورة ويعالجها عن قرب.
|
بلغته الأدبية الرصينة يرى الخوجه نفسه مزيجاً كيميائياً من حب الثقافة والأدب والبيزنس، ويدافع عن حق المرأة في الاثنينية بالقول إنها في قلب الاثنينية مشدداً على حيادها الثقافي بين التيارات المختلفة.
|
والآن إلى نص الحوار.. |
ـ لا شك أن للبداية أهمية خاصة لدى كل أديب فكيف كانت بدايتكم في عالم الكلمة؟
|
ـ البدايات عادة لا تنفصم عن الدهشة، وتتجلى أحلى صورها في التقاط المشاهد الزاهية والتعابير الجميلة منذ بواكير الصبا وعهد الطفولة، وأعتقد أن استمرارية الدهشة وتغليفها لكثير من الحالات شيء هام للمبدع لكي يأتي بجديد يكون له صدى ومردود في ذاكرة الزمان.. وأذكر أن بداية تأثري وتعاملي مع الكلمة كان قبل أن يعي فكري معانيها ويحيط بمراميها.. فقد نشأت ولله الحمد في بيت أدب وعلم، عرفت الكتاب، واحتككت بالصحيفة، وتمرست على اللقاءات اليومية والدورية تحت رعاية والدي رحمه الله.. فقد كان مدركاً لأهمية الكلمة وفضلها والنور الذي تترك سناه في القلوب والنفوس، كان مكتبه في جريدة ((أم القرى)) التي كان رئيساً لتحريرها ومديراً لمطبعتها بالإضافة إلى المجالس التي في دارتنا تعتبر مجالس علم وأدب بلا منازع، ومنها تسربت إلى وجداني كلمات أفهم بعضها، وبعضها يستعصي ويستغلق على ذهني الصغير، ولكني أنبهر بجرسه وألقه وتوافقه مع ما يجيش في نفسي من أحاسيس مبهمة، كانت بوادر حبي الكبير الذي ملك عليّ حياتي، وجرفني في تيار الأدب وحب الكلمة وروّادها. |
جذور الفكرة: |
ـ
((
الاثنينية
))
هذه التظاهرة الثقافية التي أصبحت معلماً من معالم الثقافة وأصبحت جزءاً لا يتجزأ منكم.. كيف تولدت فكرتها وكيف استوت وتطورت إلى هذا الحد؟
|
ـ أسعى من خلال ((
الاثنينية
)) إلى تكريم أصحاب الفضل الذين يثرون صاحب العطاء والإبداع، وبكل ما يمد فضاءات حياتنا بالجمال والفائدة والمتعة والسعادة، لهؤلاء جميعاً، فكلمة الشكر أقل ما يقدَّم لهم.. والشكر كما تعلمون عمل قبل أن يكون كلمة تقال.. كما أن ((
الاثنينية
)) لم تنشأ من فراغ، بل هي امتداد اعترض مساره فاصل زمني ليس بالقصير بين حفل التكريم الذي كان يقيمه والدي رحمه الله بمنى في الليلة الثالثة من ليالي عيد الأضحى لتكريم العلماء والأدباء والشعراء الذين يفدون ضمن حجاج بيت الله الحرام.. كان حفلاً مشهوداً يدعى له الكثيرون، ويتم الاستعداد له منذ وقت مبكر، وتلقى فيه الكلمات والقصائد، والتعارف بين مثقفي وأعلام بعثات الحج من كل عام.. كان عملاً تلقائياً نابعاً من أصالة أبناء هذا الكيان المحب للخير والعلماء والأدباء والشعراء وعشاق الحرف والمتعاملين بالكلمة ومن تلك الصور الزاهية بقية علقت في ذاكرتي، ونمت بذرتها عندما وفّر لها مناخ جدة الثقافي الجوَّ المثالي للنهوض والقيام بواجب الشكر لكل من يستحقه، سواء من داخل المملكة أو خارجها.. فالكلمة ليس لها وطن أو حدود، كما قال الشاعر: |
وقرابة الآداب تقصر دونها |
عند الأديب قرابة الأرحامِ |
|
روح الأسرة: |
ـ ما هي المعايير التي تعتمدون عليها في اختياركم للشخصية المكرّمة في
((
الاثنينية
))
؟
|
ـ لعلّ أبرز ما واكب الاثنينية منذ بدايتها وحتى الآن ((العفوية)) وروح ((الأسرة)) التي تحيط بجميع ما يتعلق بها.. فليس لديها أنظمة وإجراءات ولوائح بيروقراطية، وإنما التشاور والتفاهم مع كبار روّادها ومحبيها بما يفرز ملاحظات تبارك أو تعدل برنامج التكريم، ويسير العمل دون غلو أو شطط. |
ـ الحركة الثقافية مليئة بالاتجاهات المختلفة بعضها يلتقي وبعضها يتباعد.. كيف استطعتم تحقيق الحياد الثقافي ـ إن صح التعبير ـ في الاثنينية؟
|
ـ اتفق معكم تماماً على ما ورد في هذا السؤال.. وأود التأكيد على أننا في حاجة ماسة إلى كثير من الشفافية في حياتنا الأدبية والثقافية، كما قيل ((اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية)) هذه المقولة التي كانت تقف خلف علاقات روّادنا الأفاضل مع بعضهم البعض رغم المعارك الأدبية والفكرية الساخنة التي كانت تنشأ بينهم، لذلك فإنه بمجرد توعك أحدهم تجد الجميع يلتف حوله في حنو وإشفاق يندر حتى بين الأشقاء.. تاركين الخلافات الفكرية جانباً لأنها لم ولن تدخل أبداً في صميم العلاقات الإنسانية التي جمعتهم.. ذلك هو الجيل الذي تربينا على يديه ورشفنا من حبه وعطائه الشيء الكثير.. وكم يشرِّفني أن يكون منتدى ((
الاثنينية
)) امتداداً طبيعياً للرعيل الأول من أدبائنا وعلمائنا بكل ما تميزوا به من أخلاق فذة ورجولة حقة، وبالتأكيد هذا لا يعني مصادرة حق أي إنسان في طريقة تفكيره أو ما يراه صحيحاً، فالاختلاف موجود، وهو يثري الساحة، وأرحب دائماً بالتعددية واختلاف وجهات النظر بشرط ألا تتعدى الإطار العلمي والثقافي إلى النواحي الشخصية، أو تكريسها لخدمة مدارس معينة ذات طبيعة وأهداف غريبة على مجتمعنا وقيمنا الأصيلة.. وقد عملت باستمرار على مراعاة هذه الناحية ما جعل الاثنينية بمنأى عن منازعات التيارات الثقافية المختلفة دون أن تلغي الآخر. |
ـ ما هي الفكرة الحلم التي ما زلتم تتمنون تحقيقها؟
|
ـ ألا ترون أن الحياة في مجملها مجموعة من الأحلام اللانهائية؟ كلما تحقق منها واحد نبت مكانه عشرات.. والغريب أن كل هذه الأحلام تسعى لتجد لها مكاناً تحت الشمس وحيِّزاً في التنفيذ، منها ما يستفزك بصوته وخيله ورجله، ومنها ما يطفو بهدوء على السطح، ومنها ما يتسرب بعيداً نحو قاع الذاكرة حتى يجد ما يحفزه للصعود بقوة، وهكذا المعركة مستمرة بين الأحلام التي أتمنى تحقيق أكثرها وتبقى الأمنية نفسها حلماً. |
المرأة في كل موقع: |
ـ الاثنينية بشخصياتها وحضورها منحازة نحو الرجال.. أين المرأة من هذه الاحتفالية الجميلة؟
|
ـ لا شك أن المرأة هي نصف المجتمع، بل هي النصف الذي يلد النصف الآخر، ولعلّها بهذا تكون كل المجتمع.. لها مكانتها العالية، وأهميتها البالغة كعنصر فعّال في كل الأسرة، وكل موقع مهما تراءى لنا خالياً من وجودها الفعلي إلا أنها بالتأكيد موجودة بطريقة أو أخرى ولو من خلال الرجل الذي يتسيد الموقف، لأنها كالبحر بالنسبة للمطر: |
كالبحر يمطره السحاب وما له |
فضل عليه لأنه من مائه |
|
ومن هذا المنطلق أؤكد أن للمرأة مكانها المحفوظ في قلب الاثنينية كإنسان فاعل إبداعاً وإلهاماً، وهي بالتالي تشارك فعلاً لأنها الأم والأخت والزوجة والابنة. |
كتاب الاثنينية: |
ـ ترعون لجنة مختارة لنشر الأعمال الإبداعية المتميزة التي لم تتح فرصة النشر لأصحابها، حدِّثنا عن هذه التجربة وما هو انطباعكم لها؟
|
ـ لقد شرِّفت بإصدار (كتاب الاثنينية) بعد القبول الحسن الذي وجدته الأخيرة، وقد حفزني لذلك ما لاحظته من ضمور في توزيع الكتاب الجاد فأدليت بدلوي مع جملة من أساطين العطاء في هذا الجانب الحيوي بغرض نشر بعض الكتب القيّمة بين محبي القراءة في وطننا الغالي وتوفيره في بعض المكتبات العامة، ومكتبات الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث، ولا يخفى عليكم أن الكتاب الجاد قد أصبح الآن مثل اليتيم في مأدبة اللئام، وقد كنت أطمح من خلال هذه الفكرة للمساهمة في سد فجوة نشعر بها جميعاً في المكتبة العربية على أن يتم تسارع حركة النشر كلما تم طرح كتاب جديد للسوق ليستفيد من أكبر قدر من القرّاء، ولكن بكل أسف فإن نظرة عجلى على إحصائيات توزيع الكتاب في إحدى كبريات دور النشر والتوزيع في المملكة قضت على المأمول والمرتجى من هذه الفكرة، لتظل محصورة فقط في نطاق الإهداءات التي تصل إلى عدد محدود من المهتمين بالكتاب.. ولا حول ولا قوة إلا بالله. |
وهج الشهرة: |
ـ ما هي النصيحة التي تقدمونها للأدباء الشبان؟
|
ـ شخصياً لا أجيد النصح والمواعظ.. لكني فقط أهمس في أذن شداة الأدب بضرورة التأني في الوصول إلى وهج الشهرة، وصعود السلم من أوله درجة تلو أخرى، مع مراعاة مداومة الإطلاع على أمهات الكتب، وسعة الأفق، والالتصاق بمشاكل الناس وهمومهم لتفادي التهويم في أودية تختلف تماماً عما يصارعه القوم.. فإذا لم يكن الأديب شاهداً على عصره فإنه حتماً سيدقُّ لنفسه إسفين النسيان في وقت مبكر، وسيطويه الزمن دون هوادة. |
ـ اطلعت على مجلد من مجلدات الاثنينية.. فما هو الجديد على طريق توثيق فعاليات الاثنينية؟
|
ـ في تصوُّري أن الكتاب سيظل سيد التوثيق لوقت طويل جداً.. وبالرغم من ذلك فإن شبكة ((الإنترنت)) قد ساهمت عالمياً في أخذ دور مقدّر لنشر المعرفة وتوثيقها، وقد حرصت على مواكبة هذا التطور بتخصيص عدة صفحات على شبكة الإنترنت بمجرد تطبيق تقنينها في المملكة، والتي ستبدأ قريباً بمشيئة الله، ومن خلال هذه الصفحات سيتم التعريف بجميع محتويات سلسلة وكتب الاثنينية، وتعزيز ذلك بالصور المناسبة، وإتاحة الفرصة للقارئ ليتواصل معنا لمزيد من المعلومات.. وآمل في المستقبل أن أقوم بتزويد الشبكة بكامل محتويات هذه الإصدارات حتى يحصل القارئ منها على ما يشاء وقتما يشاء. |
حققنا الحياد الثقافي بين التيارات المختلفة: |
ـ حضرت الاثنينية التي هاجم فيها الناشر الأستاذ هشام حافظ الكاتب الصحفي جهاد الخازن، فكيف كان رد فعل الخازن؟ وكيف كانت ردود الفعل المختلفة، وكيف تواجهون مثل هذه المواقف؟
|
ـ لعلّي أبدأ بالجزئية التي تخصني شخصياً في هذا السؤال المركب، وهي كيفية مواجهة مثل هذا الموقف؟ فأقول دون تردد إن الاثنينية منذ أن بدأت فعالياتها في عام(1403هـ 1982م) لم يكن لها أي تدخُّل في آراء الآخرين، وما أنا إلا واحد من روّادها ليس لي من فضل أو ميزة تفصلني عن بقية الزملاء الأفاضل، فلكل واحد منهم الحق في التعبير عما يجيش في نفسه بكامل الحرية دون مساس بحرِّية الآخرين، وعوداً على بدء، فعندما سمع الأستاذ جهاد الخازن بما دار في تلك الأمسية (بتاريخ 16/6/1417هـ الموافق 28/10/1996م) اتصل بي هاتفياً من مقر عمله في لندن مستفسراً عن حقيقة الموقف، ففضلت عدم نقل حديث قد يتم تفسيره بطريقة أو بأخرى، وعوضاً عن ذلك بعثت له بنسخة من شريط الفيديو الخاص بحفل تكريم الأستاذين السيدين هشام ومحمد علي حافظ (اعتذر السيد محمد لظرف طارئ).. وأخذت الأيام دورتها وأتيح للاثنينية أن تحتفي بالأستاذ جهاد الخازن (بتاريخ 26/10/1418هـ الموافق 23/2/1998م)، واقتعد نفس المقعد الذي جلس عليه الأستاذ السيد هشام حافظ وسئل أثناء الحوار عن تعليقه على ما أشار إليه الأستاذ هشام حافظ، فبسط رده بغير إسهاب ممل أو اختصار مخل، ووضَّح وجهة نظره كاملة حول الموضوع بمختلف ملابساته.. وهذا ما يؤكد ما ذهبت إليه بشأن أخلاق الرجال الفرسان الذين يشرِّفون هذا المنتدى ونفخر بهم ككوكبة بارزة من ذؤابة مثقفي هذا البلد الطيب والعالم العربي بصفة عامة. |
مركب كيميائي: |
ـ رجل أعمال، محب للثقافة، أديب.. ما هي الصفة التي ترونها الأقرب إليكم؟
|
ـ الأولى مهنتي، والثانية: لا أعتقد أن إنساناً سوياً يكره الثقافة ـ فكلنا لها محب إن شاء الله، أما الثالثة: فقد يكون للوراثة دور فيها.. وهكذا فإن ما رأيتموه مزيجاً ثلاثياً هو من وجهة نظري مركَّب كيميائي لا مندوحة من الاحتفاظ به هكذا، ولا مجال للمفاضلة بين أي من عناصره التي التحمت لتشكِّل عنصراً موحداً أجد فيه شيئاً من السعادة. |
ـ ما هو انطباعكم عن واقع الثقافة العربية الآن.. وما هو الدور الذي يمكن أن تقدِّمه على صعيد المجتمع؟
|
ـ أعتقد أن الثقافة العربية في الوقت الحالي تقوم بدور الدرع الواقية للأمة وتدرأ عنها الكثير من المؤثرات السلبية التي تتربص بها الدوائر، ولولا المرتكزات الثقافية التي يقوم أكثرها على الأسس الإسلامية المتجذرة في أبناء الوطن العربي على مختلف فئاته لحدثت عدة انتكاسات جوهرية في بعض المجتمعات العربية المحبطة سياسياً واقتصادياً، ولكن بحمد الله ما زالت هناك بقية باقية من روح الالتزام بالنهج القويم، ونأمل أن يستمر هذا التصدي لمدة أطول ولا يتصدع أمام الهجمة الشرسة والمدروسة التي تقودها ((سيدة القوة)) وربيبتها المدللة في الشرق الأوسط.. خصوصاً في مناخ العولمة السائد الآن والذي لا مفر من قبوله والتعامل معه بأقل قدر ممكن من الخسائر.. وفي تصوري أن استنهاض وتأصيل البعد الحضاري الإسلامي سيشكِّل الركيزة الأساسية لأي صراع نحو إثبات هويتنا وتأكيد ذاتنا في وجه التغريب، وبالنظر إلى أنه لن يكون هناك ما يعصمنا من الطوفان، فإن الترجمة ستكون هي البوابة التي يجب تكثيف الجهود عند عتباتها لنشر ما لدينا من ثقافة على أكبر نطاق ممكن، وفي الوقت نفسه ترجمة الجيد والمفيد عند الآخر وطباعته في طبعات شعبية تكون في متناول المثقف العربي أينما كان في هذه القرية الكونية. |
ـ ترعون بعض المعارض التشكيلية على مدار العام في إطار دعمكم الفني والثقافي فما هو انطباعكم عن الحركة التشكيلية السعودية؟
|
ـ ما أقوم به تجاه الحركة التشكيلية لا يعدو أن يكون واجباً تمليه المواطنة من موقع الجندي الذي يخدم في كل مكان يرى أن بإمكانه أن يعزز من خلاله من قدرات الزحف المبارك نحو الأمام، أما انطباعي عن تلك الحركة فهي في تصوري حركة واعدة، وقد تجاوز بعض رموزها المحلية والإقليمية واستشرفوا العالمية.. وإذا استمرت الحركة بهذا الزخم فإنها بمشيئة الله سوف تصل إلى مستوى متقدم يتيح لها المنافسة ورفع اسمنا عالياً بين الأمم، ولا سيما أن معظم أعمال فنانينا تستلهم التاريخ والبيئة وتنسج منها أجمل الإبداعات. |
المال والقيم الجميلة: |
ـ المال.. القيم الجميلة.. كيف تفلسفون العلاقة بينهما؟
|
ـ إذا كنتم تشيرون إلى علاقة طردية أو عكسية، فلا أرى في الواقع رابطاً بين الاثنين من هذه الزاوية.. فقد يكون صاحب المال فقيراً في النواحي الجمالية، وقد يحدث العكس، فتراه مترفاً في الجمال والتناسق في كل ما يحيط به.. ومن ناحية أخرى قد يكون رقيق الحال متمتعاً بحس جمالي فريد ـ رغم بساطة حياته ـ إلا أنها عامرة بكل ما هو جميل وأنيق، وكذلك قد يحدث العكس.. عموماً لا أعتقد أن هناك علاقة ذات طبيعة مميزة بين المال والقيم الجمالية. |
ـ يقولون (الأدب لا يؤكل عيشاً) متى تتغير هذه القاعدة؟
|
ـ أحسب أن أفضل من كتب في هذا المجال الأديب الذي ذاع صيته وطارت شهرته حتى طبقت الآفاق، الكاتب الشاعر ((بديع الزمان الهمداني)) واقتبس من إحدى رسائله الشهيرة قوله: (الأدب لا يمكن ثرده في قصعه ولا صرفه في ثمن سلعة، قد جهدت جهدي بالطبّاخ أن يطبخ لي من جيمية الشمّاخ لوناً فلم يفعل، وبالقصّاب أن يذبح أدب الكتّاب فلم يقبل، وأنشدت في الحمّام ديوان أبي تمام فلم ينجع، ودفعت إلى الحجّام مقطعات اللجّام فلم يأخذ، واحتيج في البيت إلى شيء من الزيت فأنشدت ألفاً ومائتي بيت من شعر الكميت، فلم يغن، ودفعت أرجوزة العجاج في توابل السّكباج فلم ينفع، وأنت لم تقنع فماذا أصنع؟). |
وحيث إنه لا يصح إلا الصحيح، فإن تفرغ الأديب سيكون الحل الأمثل لهذه الفئة من المبدعين حتى يكرّسوا كل وقتهم وجهدهم من أجل خدمة الكلمة، ويجدوا من جانب الدولة ممثلة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب وأميرها الهمام ما يكفل لهم حياة حرة كريمة تؤمِّن مستقبلهم ومستقبل أسرهم.. وقد بدأت بالفعل خطوات جادة في هذا الصدد أتمنى أن تثمر خيراً كثيراً لصالح أدبائنا الأفاضل وخدمة الكلمة. |
|