الأديب السعودي الشيخ عبد المقصود خوجه:
|
لا خطر على هويتنا الثقافية
(1)
|
|
الاثنينية صالون أدبي رفيع درج على إقامته أسبوعياً رجل الأعمال والأديب السعودي الشيخ عبد المقصود خوجه بقصره العامر بمدينة جدة وعلى مدار أربعة عشر عاماً استضاف خلالها ولا يزال كبار الأدباء والمفكرين والعلماء، والبارزين من صفوة المجتمع السعودي والدول العربية والإسلامية، حيث يقوم بتكريم هؤلاء الأعلام في حفل بهيج مطرز بروائع إبداعات الحرف والكلمة المجنحة حتى غدا هذا المنتدى من أشهر الصالونات الأدبية في الوطن العربي. عن هذا المنتدى الأدبي الجميل وبعيداً عن هموم العمل وحسابات الربح والخسارة التقينا صاحب هذا الصالون الأدبي عبد المقصود محمد سعيد خوجه في حوار عن (الاثنينية) والعديد من الهموم والمحطات الأدبية الأخرى.
|
ـ هل ثمة خطر على فقدان الهوية الثقافية العربية في ظل المد الهائل لتكنولوجيا العصر وتدفق المعلومات؟
|
ـ من الواضح أن السؤال يتخوف من ((تكنولوجيا العصر وتدفق المعلومات)) والتي يمكن ذكر الكمبيوتر، والتلفزيون، والفضائيات، وشبكة الإنترنت، على أنها من ضمن المكونات الرئيسية لهذه التكنولوجيا.. وإذا ما انتقلنا إلى ما قبل نصف قرن تقريباً، نسمع شوقي يقول: |
لكل زمان آية |
وآية هذا الزمان الصحف |
|
في ذلك الوقت كانت (تكنولوجيا العصر) هي الصحيفة، ورغم النقلة الهائلة التي شكلتها في الحياة الفكرية والثقافية، إلا أنها لم تؤثر سلباً على الهوية الثقافية العربية.. ذلك لأن الصحيفة ما هي إلا وعاء أو معبر، تمر من خلاله الثقافة بكل مفرداتها إلى المتلقي دون تأثير مباشر على محتوى أو فحوى المادة المنقولة.. وعلى النمط ذاته والمنطق نفسه يمكن النظر إلى ((تكنولوجيا العصر)) التي ذكرت رموزها الأساسية أعلاه، على أنها أوعية أو أطر لنقل واحتواء الهوية الثقافية العربية، وبالتالي يمكن أن تساعد كثيراً على نشر تلك الهوية وامتزاجها بغيرها من أطراف العالم العربي، الذي كان حتى وقت قريب يتشكل من جزر منفصلة من الخليج إلى المحيط، حتى أن لغة كل جزء من هذه الجزر العربية تكاد تكون محصورة الاستعمال، والوقع في الأذن، على فئة مخصوصة من سكان العالم العربي، الذي يتميز بتلك اللغة، والآن بعد انتشار القنوات الفضائية، بدأت هذه الجزر في الذوبان تدريجياً، وعلى الأقل تعودت أذن المستمع على إيقاعات، ونغمات، وتعابير جديدة، بدأت تدخل قاموسه الثقافي لأول مرة. |
وفي تصوري إن هذا إنجاز كبير جداً لصالح الفضائيات وتكنولوجيا العصر.. وبهذا المستوى يمكن الحكم على كثير من إيجابيات ((تكنولوجيا العصر))، والعمل على دعمها لمواصلة الكثير من أهدافها النبيلة.. وبقليل من الجهد والتوجيه غير المباشر، يمكن التحكم في هذه التقنية العلمية الهائلة، لفائدة وصالح الهوية الثقافية العربية. |
ـ قصيدة النثر الحديثة.. ما موقفكم منها؟
|
ـ الشعر بصفة عامة تعبير وجداني رقيق، وأسلوب فريد للتواصل بين المبدع والمتلقي.. فإذا أثرت القصيدة (سواء كانت عمودية أو قصيدة نثر) على المتلقي وحركت وجدانه، تكون قد أدت الدور المنوط بها وساهمت في ترقية الوجدان البشري، ذلك لأن الشعر هو ما يهز الوجدان. |
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه |
فليس خليقاً أن يقال له شعر |
|
إذن فإن المهم في العملية الإبداعية الشعرية هو التأثير والانفعال والعمق الوجداني والنفسي الذي تتركه بغض النظر عن النوعية أو القالب الذي تأتي فيه القصيدة. |
ـ هل تعتقد أن كتَّاب القصة وظفوا الموروث الشعبي السعودي والخليجي بشكل كبير في قصصهم؟
|
ـ للأسف القصة ما زالت في بداية السلم الإبداعي الأدبي عندنا، أو لدى مثقفي الخليج بصفة عامة، حيث كان الاهتمام منصباً على الشعر باعتباره ديوان العرب، رغم الاختلاف الذي يُثار حول هذه المقولة، فالشعر كان منذ القدم هو الرائد في التعاطي بين الشاعر والراوي والمتلقي، فالشاعر كما تعرفون كان سفير القبيلة ولسانها، وقد ظلت مكانته مرموقة ومتفوقة على ما سواها في ميادين العطاء الأدبي، وظلت القصة في الظل ردحاً طويلاً من الزمن، ولم تبدأ في الظهور إلا منذ وقت قصير نسبياً، ولكنها عندما بدأت في التألق جعلت من الموروث الشعبي المتكأ الذي تنهل منه وتغترف أو تقتبس أفكارها ورؤاها لتأصيل ذلك الموروث قدر الإمكان، وقليل من القاصِّين تأثر بقراءاته من غير المملكة أو دول الخليج، وربما كان عطاؤهم ذا طابع مختلف بعض الشيء عن الموروث الشعبي الذي تعودنا عليه، غير أن ذلك لا يشكل القاعدة، وإنما الاستثناء الذي لا يضر بالشكل العام للقصة. |
ـ هناك من يخشى الهجمة الشرسة لثورة المعلومات على حال الكتاب والقراءة فما وجهة نظركم الشخصية حول ذلك؟ والحلول المقترحة.
|
ـ أعتقد أن الربط بين قطبي السؤال (أي ثورة المعلومات وحال الكتاب) فيه شيء من التجنِّي على ثورة المعلومات، ذلك أن حال الكتاب قد بدأ في التدهور منذ وقت ليس بالقصير، وقبل ثورة المعلومات، وهناك أسباب كثيرة لا داعي للخوض فيها أدت مجتمعة أو منفصلة إلى حال الكتاب، وانصراف كثير من الناس عن القراءة في بلادنا، ولا أدعي أن هذا هو الحال السائد في كل أنحاء الوطن العربي.. ومن ناحية أخرى نشاهد الطفرة العلمية، والثورة المعلوماتية الهائلة في الدول الغربية، ومع ذلك يبقى الكتاب صامداً رغم هذا التحول التقني الكبير، مما ينفي العلاقة الجدلية بين قطبي السؤال، كما أشرت آنفاً. |
ـ كيف تقيمون الصحافة الخليجية بين صحافة الوطن العربي؟ وماذا ينقصها حتى نقول أنها صحافة ناجحة؟
|
ـ الصحافة الخليجية ذات تقنية عالية، وقد توفرت لها كل الإمكانيات المادية والبشرية حتى تنهض وتصل إلى مستوى الصحافة العربية التي سبقتها بعقود من الزمان، ويمكنها بالتأكيد أن تصل إلى ما تصبو إليه إذا توفر لها الحد المناسب من حرية التعبير وطرح الرأي والرأي الآخر، فقد تساوى الجميع تقريباً أمام السبق الصحفي نظراً لثورة المعلومات، التي شغلت الحيز الأكبر من هذا اللقاء. |
ـ من من أدباء الكويت لفت انتباهكم وشدتكم آراؤه؟
|
ـ لا شك أن دولة الكويت الشقيقة قد أنجبت الكثير من الأدباء والمفكرين والشعراء الذين أثروا ساحة الإبداع، ومن الصعب الإجابة على هذا السؤال لأن الإجابة تتطلب دراسة تلك الآراء، وهذا ما لم أقم به، ولا أدعيه، فالدكتور محمد الرميحي على سبيل المثال أديب ومفكر كبير على مستوى المنطقة والعالم العربي، وهنالك آخرون لا يقلون عنه، ولا أريد أن أورد أسماء لأن لدي أصدقاء كثر في الكويت الشقيقة، ولا داعي لذكر البعض لأن الذاكرة قد لا تسعفني لذكر أسماء كل الأساتذة الذين أحبهم وأكن لآرائهم الكثير من التقدير. |
ـ ما نصيب أدباء ومثقفي الكويت خصوصاً.. ودول الخليج عموماً من صالونكم الأدبي
((
الاثنينية
))
؟
|
ـ ينكأ سؤالكم هذا جرحاً متجدداً في قلبي.. فقد حاولت عن طريق عدد من الأصدقاء استقطاب بعض الأدباء والعلماء من مختلف دول الخليج، حتى نسعد بالتواصل معهم، والاستفادة من علمهم وفضلهم، وعندما استبطأت ردهم اتجهت إلى قنصليات هذه الدول عسى أن أحصل عن طريقهم على الأسماء المطلوبة، وللأسف لم أتلق رداً من أي منهم حتى تاريخه، وما زلت أتطلع مع إخواني رواد الاثنينية إلى أسماء الأساتذة الذين نأمل أن نحظى بتكريمهم، ففي تكريمهم تكريم لكل أواصر الحب والود والإخاء التي تجمع دولنا الشقيقة.. وإني لآمل منكم ومن الأساتذة القراء الكرام تزويدي بأسماء من يرون تكريمهم ضمن أمسيات الاثنينية، لتوثيق مسيرهم، وشكرهم على ما تفضلوا به على الساحة الفكرية والأدبية من عطاء، وحبذا الكتابة إلي على عنواني بمدينة جدة (ص. ب. 97 جدة ـ 21411) مع وافر الشكر والتقدير.. ففي هذه المساهمة خدمة سوف تشكر لكم إن شاء الله في المستقبل. |
ـ الأدب النسائي هل يمكن أن نسميه كذلك؟
|
ـ الأدب هو الأدب، سواء كان المبدع رجلاً أم امرأة.. وأعتقد أن هذا التقسيم فيه شيء من الخطأ الشائع بين بعض المثقفين.. ذلك أن الأدب في جوهره معالجة لموضوع اجتماعي معين، ولا يمكن أن يقوم المجتمع على ساق واحدة.. وبما أنه لا يوجد ما يسمى بالأدب الرجالي، فأي منطق يقف خلف تسمية بعض الإبداعات بالأدب النسائي؟! وإذا افترضنا أن ذلك الأدب يتحدث عن قضايا المرأة، فما أكثر الرجال الذين لا حديث لهم إلا عن قضايا المرأة حتى أنهم بزوّها في هذا المضمار.. وبالتالي ينتفي في تصوري أي سند أو مبرر لإطلاق عبارة الأدب النسائي على نوع معين من الأدب دون آخر. |
|