وجه وعقل
|
مع الأستاذ عبد المقصود خوجه
(1)
|
|
ـ كيف تقدم نفسك للناس، قارئاً، مثقفاً، أم رجل أعمال؟
|
ـ أعتقد أن لا تناقض بين الأوجه الثلاثة، فالقارئ الجيد غالباً ما يكون مثقفاً، ذلك أن الثقافة في معناها المتداول وحين تستخدم لتطبيقها على شخص بمفرده، فإنها تدل على درجة تكوينه، وثقافته وتعليمه، أو تدل أيضاً على العنايات المعطاة للفكر وللمشاغل الفكرية.. وكل إنسان مهما كان يتمتع بقدر ما من الثقافة يليق بمدى تطابق هذا التعريف عليه.. سواء كان رجل أعمال أو موظفاً أو مهنياً.. وكوني رجل أعمال ـ وهذا موقعي في المجتمع ـ لا يمنع أن أكون قارئاً مثل غيري من محبي الكلمة، وكذلك مثقفاً بمقدار ما ينطبق على التعريف الذي أشرت إليه. |
ـ منذ متى وأنت متهم بحب الأدباء، والتعاطف معهم؟
|
ـ إنها تهمة جميلة ومحببة إلى نفسي، لأن الأدباء يشكلون شريحة هامة في طليعة حملة مشاعل النور والمعرفة، إنهم الألق الذي يعطي حياتنا الإبهار والذوق، إنهم مشرط الجراح الذي يعمل على إزالة دمامل القبح وبثور التنافر في المجتمع، إنهم البوتقة التي تنصهر فيها أحاسيسنا جميعاً لنعبّر من خلالهم عن حبنا لهذا الكيان الكبير، ونسعى لتأطير أفكارنا ومشاعرنا وصولاً إلى غد مشرق، وإلى أعمار هذه البلاد الحبيبة بما يرقى إلى تطلعاتنا بقدر الإمكان. |
وقد تشرفت بهذه (التهمة) منذ نعومة أظفاري، وسرت في كياني كامتداد طبيعي لحب والدي رحمه الله للأدب والأدباء.. وامتزاجه بعطائهم بصفته واحداً منهم، وأحد الروّاد الذين عملوا جهدهم لخدمة هذا الكيان. |
ـ يتهمك البعض بأنك تعقد الأمسيات الثقافية لأسباب دعائية، بماذا ترد عليهم؟
|
ـ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (البقرة 111 ).. الرد يكون على الأمور المنطقية والتي يسندها البرهان، أما إلقاء التهم جزافاً فمسألة مرفوضة، وعادة لا أحب الإجابة عن الأسئلة التصادمية، وعلى كل هذه القضية ليست شيئاً غريباً في كل زمان ومكان.. والحكم في النهاية متروك بمردود الأعمال.. عملاً بقوله سبحانه وتعالى فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ (الرعد: 17). |
ـ ويرى هذا البعض أيضاً أنك رجل علاقات عامة بالدرجة الأولى، هل تتفق مع ذلك؟
|
ـ اتفق بمقدار براءة السؤال. |
فإذا كان القصد من وراء عبارة ـ رجل علاقات عامة ـ الظلال التي تحيط بهذه التسمية، فإني لا اتفق بالطبع، ولكن إذا كان القصد هو العلاقات التي يقيمها أي رجل يهتم بأصدقائه ورصفائه وأحبائه وعمله، فنعم وألف نعم. |
ـ كيف تقيِّم علاقاتك بالصحافة المحلية؟
|
ـ علاقتي بالصحافة المحلية تعود لأكثر من نصف قرن.. إنها علاقة حميمة ولله الحمد، أساسها حب الكلمة والمشتغلين بها.. علاقة منزّهة عن الغرض والمرض، لا أدَّعي فيها الكمال، ولكن أسعى للارتقاء بهذه العلاقة، وبعطاء الصحف التي أحببت، إلى المستوى الذي يرضي تطلعاتنا جميعاً.. كما أنها علاقة تقوم على الاحترام المتبادل، دون تدخُّل في الخصوصيات والهدف منها في النهاية هو المصلحة العامة. |
ـ وكيف تقيِّمها وتنظر إليها؟
|
ـ الصحافة هي التي تقيّم نفسها بمصداقيتها، ومقدرتها على شد القارئ، وسرعتها في نقل الخبر والصورة، والتعليق الذكي، والاشتغال بهموم الناس والعمل على حل مشاكلهم.. لأنها هي مهنة البحث عن المتاعب، فإذا ركن الصحفي إلى الكرسي الوثير، والقهوة، والجو المكيّف الهواء، فقل على الصحافة السلام.. فبقدر ما يعطي الصحفي من جهد لصحيفته وموضوعه وتخصصه فإنه يكون قادراً على كسب محبة القرّاء.. وهذه هي الأسس التي يتم بموجبها تقييم الصحافة لنفسها قبل أن يقيِّمها الآخرون. |
ـ يقال بأنك رجل ملاطف إلى حد كبير، ولكنك
((
عصبي
))
أيضاً في بعض الأحيان إلى الحد نفسه، متى تجد نفسك هذا الرجل أو ذاك، إن صح هذا القول؟
|
ـ هذا قول صحيح.. وأعتقد أنه ينطبق على معظم الناس.. فلا يمكن لأي إنسان أن يستمر على وتيرة واحدة في هذا الزمان الصعب.. اختصاراً يمكن القول إن لكل مقام مقالاً.. فإذا كان الوضع يحتاج إلى الملاطفة فيها.. وإذا استدعى الأمر ((العصبية)) فلا مفر منها، وفي كل الأحوال يبقى الضمير النقي هو الفيصل. |
ـ كيف ترى دورك كرجل أعمال ومستثمر مليء في خدمة هذا الوطن؟
|
ـ دوري لا يختلف عن دور غيري من رجال الأعمال الذين يضعون حب هذا الكيان الكبير فوق كل اعتبار، فكل خطوة أقوم بها أحاول أن أراعي فيها المصلحة العامة دون أن أكون مبالغاً وأقول إنني لا أهتم بالمصلحة الخاصة، ولكني أزاوج بين الاثنين قدر المستطاع، ومعظم ما أقوم به آمل أن يعود بالفائدة على المواطن سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، لأن هذا يعطيني نوعاً من الرضا الذي أتمنى أن يستمر، ويشاركني فيه إخواني رجال الأعمال بما هم أهل له من ثقة وفضل وباع طويل في خدمة الاقتصاد الوطني. |
ـ أخيراً ماذا تقول لمن يثني عليك، وبماذا ترد على من يكثر من نقدك؟
|
ـ أقول لمن يثني علي: اللَّهم اجعلني في عين نفسي صغيراً وفي أعين الناس كبيراً، وأقول لمن يكثر من نقدي: رحم الله رجلاً أهدى إليَّ عيوبي. |
|