شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عالم بلا حدود
((الاثنينية)) (1)
فاروق لقمان
ـ 1 ـ
صدر في المملكة العربية السعودية أخيراً كتاب يضم وقائع بعض الندوات التي يقيمها الأستاذ الأديب عبد المقصود خوجه في داره العامرة بجدة تكريماً لشخصيات سعودية أدت دوراً بارزاً في إثراء مجتمعها.
ولما كانت الندوات التي تجتذب إليها بدعوة وبدون دعوة مئات المهتمين بالدين والأدب والعلوم والتربية وسواها، زاخرة بالعلوم ثرية بالمعلومات غنية بالأفكار المتبادلة وممتعة بالحوار والأخذ والعطاء، قرر الأستاذ خوجه أن يحفظها للتاريخ والتراث. فأصدر أول مجموعة من وقائع ندوات عام 1982 ـ 1983 وينوي مواصلة النشر بانتظام ليقدم للمكتبة الحالية والقادمة ما أتوقع أن تصبح موسوعة عن تاريخ المملكة الثقافي منذ بداية القرن الحالي كما وجدت من قراءة الجزء الأكبر من المجلد الأول.
فقد ضم نبذاً قصيرة عن كل محتفى به ثم حكاية الرجل بصوته وأسلوبه وكلماته ورواياته عمن سبقوه في مضماره وفضلهم على من أتى بعدهم. فجاء الكتاب سجلاً وافياً من الوفاء خلد جهود المحتفى به ومآثر الأسبقين الذين لم يحتف بهم أحد بما فيه الكفاية حتى ظهرت (( الاثنينية )) إلى الوجود في بداية الثمانينات. لذلك حققت الندوات، التي حضرت جانباً منها مستمعاً مستفيداً، أكثر من هدف نافع ـ تكريم الناس وهم أحياء من جهة وإحياء ذكريات من سبقوهم كما عرفوهم من جهة أخرى. فجاءت الندوات مناسبات راقية للتواصل بين الأجيال السعودية على الدوام بين الرواد الحاليين ليتعرف عليهم الجيل الصاعد وأساتذتهم الذين لم يتلقوا ما استحقوه من تقدير حتى يعترف بهم الجيل الجديد والأجيال القادمة.
وعندما أخبرني الصديق عبد المقصود ذات ليلة أنه في سبيل إصدار المجموعة الأولى من الندوات في كتاب رحبت بالفكرة على مسمع منه لكنني أخفيت عنه تخوفي من أن يكون الإصدار ((جامداً)) ثقيل الوزن عسير الهضم وأنه سوف يصبح مجرد إضافة ديكورية إلى مكتبات المنازل كما حدث لغيره.
وعندما التقطته مساء يوم تباطأت فيه أخبار المعمورة لم أتركه حتى انتهيت من قراءة عدة فصول شملت حكايات ممتعة ومفيدة وشائقة بدأت بمشوار الأستاذ عبد القدوس الأنصاري مؤسس مجلة ((المنهل)) الشهرية الراقية، وضمت قصة حياة الشاعر الكبير طاهر زمخشري والصحافي عبد المجيد شبكشي.
ـ 2 ـ
عندما تحدثت هنا عن (( الاثنينية )) أو الندوة الأسبوعية التي يقيمها الأستاذ عبد المقصود خوجه في داره بجدة أشرت بسرعة إلى بعض الرجال الذين احتفى بهم الداعي ومنهم الأستاذ الصحافي الراحل عبد المجيد شبكشي، رئيس تحرير جريدة ((البلاد)) السعودية اليومية، وكان قد أثار اهتمامي سماعي من أصدقائه ومنه بعد ذلك أنه انتقل إلى رئاسة التحرير من منصبه السابق في رئاسة شرطة مدينة جدة.
ثم سنحت لي فرصة التعرف عليه من كثب عندما ترافقنا في رحلة صحفية إلى اليابان فعرفت فيه خصالاً كريمة وقدرة على الحديث والتحدث كما عرفته خطيباً مفوهاً بالعربية بالإضافة إلى قوة أسلوبه في كتابة المقال. أكثر من ذلك جذبني إليه تواضعه. فقد كان رحمه الله أبرز أعضاء الوفد الصحفي ومن حقه سناً وعلماً ومرتبة أن يتلقى معاملة خاصة من مضيفيه كأن توفر له سيارة خاصة به وليس مقعداً في حافلة الوفد أو جناحاً ملكياً فارهاً بدلاً من الغرفة المعتادة في الفندق.
ولما جاء دوره لإلقاء كلمة شكر أمام جمع من اليابانيين طلب مني الوقوف بجانبه لترجمتها إلى الإنكليزية، ففعلت بصعوبة كبيرة لأنه كان أحياناً ينسى وجودي ومهمتي وهو يتفاعل مع الكلمة والتشبيه والتورية مما استدعى توقفي برهات لإعمال الفكر فيما يود قوله وتحويله إلى إنكليزية مبسطة قريبة إلى مدارك الأخوة اليابانيين. كما فعل عندما أشار إلى سيارات ((نيسان)) بمقارنتها بشهر الربيع ((نيسان)) ـ أبريل.
وبينما كنت أقرأ في مجلد (( الاثنينية )) الأول تأكدت تماماً أن تواضعه الذي لمسته في طوكيو ويوكوهاما كان ركناً من أركان كيانه. سأله أحد الحضور لماذا لا ينشر مذكراته فأجاب: ((في الحقيقة المذكرات لا تكتب إلا عن إنسان له أثر في المجتمع وله امتدادات فيه. فيا ترى عن أي شيء أكتب مذكرات؟ عن ميلادي مثلاً؟ اسمح لي أطال الله عمرك: إن الرجال الذين لهم أثر مباشر محتد وشامل يمكن أن تكتب مذكراتهم. أما رجل مثلي فماذا يكتب؟ ولدت عام كذا، وكنت ضابطاً في الشرطة، عملت رئيس تحرير جريدة ((البلاد))، وانتهت حياتي)).
لكنّ الشاعر السعودي الكبير طاهر زمخشري الذي كان حاضراً وصفه بالعصا السحرية في الصحافة السعودية، ((فكثير من الشباب الذين عملوا معه ما كانوا ليصلوا إلى هذا المستوى لولاه)). وعزا ذلك إلى عنفه في المحاسبة على الكلمة وإصراره على الإتقان إلى درجة أشعرت العاملين معه بالمرارة والإحباط، غير أن الواقع كما يقول الشاعر:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابة إلى من يعانيها
 
طباعة

تعليق

 القراءات :623  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 107
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج