شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 8 ـ (1)
واستمر الأستاذ عبد الله بسرد ذكريات رحلاته ـ ويفوته تحديد تواريخها ـ ففي عنوان: مزيد من الجولات مع الجاليات الإسلامية في بلاد توصف بأنها سطح العالم (من ص510 إلى 552):
تحدّث عن (فنلندا) مستعيداً ذكر الكتاب الذي ترجمه الأستاذ إبراهيم يزبك لرحالة فنلندي وصل إلى (حايل) (2) واصلاً ما ختم به ما تقدم من الحديث عن الكتاب، وعن وفاة الشيخ حبيب الرحمن، ووفاة زوجته ريحانة، وأنه هيّأ لإحدى بناته الحج، وما بذل الأستاذ وزوجته من حسن استقبال لها، وعاد للحديث عن زيارته لـ (السفارة السعودية) حيث كان السفير الأخ ناصر المنقور، واصفاً ما ذكر من حسن الاستقبال، وما جرى بينهما من حديث عن المسلمين في (فنلندا) وعدم وجود مسجد جامع لهم، وفي أعيادهم وأداء صلواتهم، وعما زاره من معالم مدينة (هلسنكي) وأنه لم يجد في (السويد) ما يلفت نظره سوى معرفته السابقة، وأن أحد ملوكهم في أول القرن العشرين وضع جائزة أدبية لمن يكتب عن الأدب العربي تدفع لمن يستحقها، وأن أحد علماء بغداد ألَّف كتاباً نال الجائزة (3) ، وأن بعض المجامع العلمية في السويد دعت بعض علماء العرب للاشتراك في مؤتمراتها، ومن بينهم عالم مصري، شارك وحاضر، ونشرت محاضراته باللغة العربية، مضيفاً: وفي بعض الجامعات السويدية أقسام للأدب العربي، وأساتذة شاركوا بتتبعهم للحركة الأدبية والعلمية في العالم الإسلامي والعالم العربي بصفة خاصة.
ثم أشار إلى أنه يملي هذه المعلومات دون الرجوع إلى مصادر، وقد علم في خريف عام 1985م وهو في (أسبانيا) أن الحالة خلال بضع عشرة سنة من زيارته لتلك البلاد قد تغيرت، فغمرها مد إسلامي جديد، نشأت عنه بعض المساجد والجمعيات العربية.
وبعد وصف جوانب أخرى من هذا، شرع في وصف سفره بالقطار مع عائلته من (استكهولم) إلى (أوسلو) عاصمة النرويج المجاورة، والنزول في فندق (الفايكنج) باسم القبائل التي كانت تسكن الشمال القطبي من تلك البلاد، التي اشتهرت بالغزو البحري من البلدان المجاورة لها، مشيراً إلى أن المسلمين في عهد قوة ملكهم في (الأندلس) وصل غزوهم إلى تلك البلاد.
وتحدث عن قصة زيارته لـ (السفارة المصرية) التي اعتذر موظفها عن مقابلة السفير، وقال عنه: كان موجوداً في السفارة، واصفاً الأخوة المصريين في سفاراتهم بأنهم مثال للطف، وحسن الاستقبال، والمساعدة لزوارهم.
وقام بجولة في (أوسلو) متعرفاً معالمها، ثم أزمع السفر إلى (الدانمارك) والعاصمة (كوبنهاجن) ووصف الطريق إليها بحراً، وذكر أن عائلته سبق أن قرأت في إحدى الصحف الإنكليزية عن مسجد إسلامي في هذه القرية،وأن الذي خطط مبنى المسجد مهندس دانمركي مسلم يدعى (زكريا سن) فتذكّر أنه كان صديقاً له، سبق أن هاجر إلى مدينة (الخبر) في المنطقة الشرقية من المملكة، وأقام مهندساً مع بعض الشركات، فعرفه أثناء تردده على تلك المنطقة للإشراف على عمله في (الإذاعة والصحافة والنشر) وكان قد بنى مسجداً في (الخبر) وكان متزوجاً سيدة مصرية، ولهما طفل اسمه ريّان، وكان هذا المهندس يزوره في (الدمام) وزوجته تقوم بتعليم أبناء الموظفين والعاملين في سكة الحديد اللغة العربية، ووصف التقاءه به، ومعرفته من استقامته وحسن إسلامه، ما حببه إليه، فطلب منه الإشراف على إنشاء (دار الإذاعة) في (جدة) فانتقل من (الخبر) إليها، وتولى القيام بما أسند إليه، ثم غادر المملكة مع عائلته إلى بلاده (كوبنهاجن) وعندما قرأ نبأ تأسيس مسجد إسلامي في تلك المدينة بعث له رسالة يخبره بأنه في شوق لرؤية ذلك المسجد، والتعرف على المسلمين في (كوبنهاجن) التي سيزورها هو وعائلته في الصيف، ولتجديد المحبة والاجتماع به وبعائلته.
وفعلاً شدّ الأستاذ بلخير الرحال في مستهل الصيف التالي من (جدة) بالسيارة عبر (سورية) و(تركيا) إلى أن وصل بالقطار إلى (امستردام) ثم (هامبورج) ثم (كوبنهاجن) وزار المسجد فيها، ولكنه وجده خلاف ما كان يظن، فلم يشاهد فيه محراباً ولا منبراً، واستراب من الرجل الذي فتح له باب المسجد، مما رأى من امتعاضه، وعدم السماح له بزيارة المكتبة، وفي الحال طلب من استعلامات الفندق البحث عن رقم المهندس (زكريا سن) فاتصل به، ودعاه فحضر عنده، وسأله: كيف ذكرت لي المسجد الإسلامي؟ فأجابه: ألم تصل إليك رسالتي في العام الماضي من (لندن) فأخبره بوصولها، فسأله عن قصة هذا المسجد الذي ارتبط باسمه، فوصف نجاحه في أعماله الذي أنشأ لها عدة فروع، فجاءه عدد من الهنود والباكستانيين وقد سمعوا بإسلامه، فقام بمساع لدى السلطات المحلية للسماح باعتباره مسلماً في أن يقيم مسجداً يكون للمسلمين، فانتهى بناء المسجد ودعوا من كان مقيماً من المسلمين في هذه البلاد للاشتراك في حفل افتتاحه، وبدأت الأمور تتكشّف للمهندس، حين منع القائمون عليه دخول جنازة للصلاة عليها، وأنه سمع لأول مرة أن هناك نِحلة تسمي نفسها (الأحمدية) وهي (القاديانية) وما عرف أنها مخالفة للإسلام قال: ثم قاطعنا المسجد مقاطعة تامة، وأسف الجميع على ما انطلى عليهم، ونحن في أقصى القطب الشمالي بعيدون عن معرفة الخلاف والبدع والابتداع، والانحراف عن السنة، مضيفاً: بأنه عرف أن من يأتي إلى هذا المسجد يطمع المشرفون منه أن يصبح (قاديانيا) وأضاف بأنه معه بعض الإخوان من البلاد العربية بدأوا المشاورة لإنشاء مسجد إسلامي صحيح.
ثم ذكر الأستاذ بلخير بأنه اتصل ببعض من ذكر له من المسلمين هناك، ومنهم محمد عطية من أسرة مصرية صالحة انتقلت إلى (الكويت) وأنشأ عميدها هناك مجلة إسلامية لعل اسمها ((المسلم المعاصر)) وسمى مسلماً آخر ممن قابله من أنشط الدعاة إلى الإسلام، اسمه السيد حسين الزين من جنوب (لبنان) ودعاهما للعشاء في الفندق الذي يسكن، للتداول في أمر إنشاء مسجد، وأطال الحديث فيما جرى بينهم.
وكان من حديث حسين الزين: زيارته (مدير البلدية) وشرح حالة المسلمين وحاجتهم إلى مكان يجتمعون فيه، وهم من أهل البلاد ممن يدفعون ضرائب للدولة، ومن حقهم أن ينالوا من رعايتها ما هو معروف عنها، وذلك بالسماح لهم بالقاعة الملكية لاجتماعهم فيها يوم عيدهم، وهي قاعة مخصصة للحفلات الرسمية التي يرأسها الملك ولا يعقد فيها اجتماع إلا بإذنه، فأمره أن يكتب طلباً باسم المسلمين ليجتمعوا فيها، لأداء صلاة العيدين، وانتهى الأمر بموافقة الملك على هذا.
وواصل الأستاذ بلخير حديثه عن نشاط (رابطة العالم الإسلامي بمكة) بإقامة مركز إسلامي في (الدانمارك) يضم مسجداً كبيراً.
ثم انتقل إلى الحديث عن أسباب التحاقه بـ (الجامعة الأميركية) فتحدث عن مروره بمطبعة الحكومة تحت إشراف صديقه الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود فوجده يدير عجلة المطبعة، وهي من النوع القديم، وقد أجهده التعب، فصاح به: الحقني ساعدني قال: ثم علمت منه بمحاولة الاعتداء الأثيم على حياة جلالة الملك (4) ، وكان يطبع بلاغاً رسمياً عن ذلك الحادث، وقد طلب منه الشيخ يوسف ياسين إرسال كمية منه لتفريقها على الناس في (منى) تطميناً لخواطرهم، فسلم الدفعة الأولى لبلخير الذي توجّه إلى الديوان الملكي في (منى) ثم أكمل خبر نقله البلاغ للديوان ونظمه في أثناء ذلك قصدية مطلعها:
ألا إنّها من أعظم النعم الكُبرى
سلامة رب التاج والراية الخضرا
وذهب إلى القصر الملكي مع المهنئين، فألقى الأستاذ الغزاوي قصيدته، ثم شرع الأستاذ عبد الله بإلقاء قصيدته، وذكر أنه في اليوم الثاني قابل فؤاد حمزة (وكيل الخارجية) فأثنى على قصيدته في (منى) وقصيدة أخرى ألقاها في حفلة (أمانة العاصمة) وسأله: أين تتعلم؟ فأخبره، فقال: هل يوافق والدك على أن تبتعث لإكمال دراستك في الخارج، فقال: نعم، فوعده بأن يرتب له دخوله في (الجامعة الأميركية) في (بيروت) وفَصّل الحديث عن الموضوع، وكان الشيخ عبد الله السليمان وزير المالية قد أراد إرساله مع أبنائه وأبناء أخيه إلى تلك الجامعة، وفعلاً تم إلحاقه بالجامعة على حساب الوزير، مشيراً إلى أنه ومن معه كانوا أول بعثة توالت بعدها البعثات، ثم انهمر الخير فغمر الدنيا في عهد الملك عبد العزيز، ثم في عهود أبنائه من بعده، بحيث أصبح في البلاد سبع جامعات سعودية، تخرج منها ومن البعثات للخارج الألوف على مدى ربع قرن أو يزيد، منوهاً بما لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، رائد العلم والتعليم من يد جُلّى في ذلك.
وهنا انتهى ما أردت به تلخيص تلك الذكريات الحافلة ـ بالطريف المفيد ـ وقد أُلحقت بها دراسة نقدية للأستاذ محمود ردّاوي من كتابه ((عبد الله بلخير شاعر الأصالة والملاحم العربية والإسلامية)) الذي سبق للأستاذ عبد المقصود خوجه أن نشره.
ومن المعروف أن التطبيع داء قل أن تسلم منه مطبوعة عربية، ولم يخل منه هذا الكتاب الضخم الواقع في (727) من الصفحات، وقع منه فيه ما يغيّر المعنى، وسأكتفي بالإشارة إلى بعض ذلك بإيجاز:
1 ـ ص 39: (عبد الله عريفي) المعروف (عبد الله عريف) وهو الأستاذ الذي تحدث عنه الكتاب (ص61).
2 ـ ص 49: وقع اسم الشيخ (عبد الله بن إبراهيم بن حمدوه السنّاري) في هذه الصفحة وصفحات أخرى (عبد الله حمدون) خطأ والصواب (حَمَدُوْه).
3 ـ ص 72: (الإمام محمد بن مسعود) والمقصود(الإمام محمد بن سعود).
4 ـ ص 11: (عبد العزيز بن إبراهيم العمر) وصواب الاسم (عبد العزيز بن إبراهيم آل مُعَمّر) الذي أصبح مستشاراً ـ مع بلخير ـ للملك سعود، ثم سفيراً في (سويسرا) وقد توفي في (الدمام) قبل بضع سنوات.
وأجدني مضطراً بسبب سعة البحث أن أعتذر للأستاذ عبد الله بلخير لقصوري عن استيعاب مباحث الكتاب لتشعبها، وكثرة استطراداته، والمقصود بهذا لتخليص تقديم أم الموضوعات بالنسبة للقراء، فقد تركت أشياء كثيرة، محاولاً أن أبرز أوضح صورة بدت لي خلال قراءتي، وقد يبدو لغيري ـ ممن قرأه ـ خلاف هذا، ومهما يكن فالكتاب رائج، ومتداول، ولعل عدم التوسع في عرض ملخصه ما يكون من أقوى الحوافز لمطالعته.
ومن واجب الاعتراف بالفضل توجيه الشكر للوطني المفضال الأستاذ عبد المقصود خوجه لإتحافه القراء بأثر نفيس، من آثار الشاعر المبدع عبد الله بلخير، ممن يُعَدُّ في القمة من رجال الدولة البارزين، ذوي الآثار التي لا تنسى، وليس من شك بأن لديه من المعرفة، وله من عمق الإدراك، وما يحتفظ به من وثائق ومراجع، ما يؤهّله لتكون مذاكراته سجلاً يُرجَعُ إليه عن مجْرَيات الأمور، التي عاشها، وعرفها حق المعرفة، بل كان له من الأثر في تسيير بعضها ما ليس لغيره، فقد تولى الإشراف على (الصحافة والإذاعة والنشر) منذ إنشائها في عهد الملك سعود ـ رحمه الله ـ من عام 1374هـ إلى أن أحيل على التقاعد.
وتعد هذه الفترة من مسيرة حياته أخصب جوانبها، وأحفلها بالنشاط، والعمل الدؤوب حيث أسند الملك سعود بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ إذ كان مستشاراً له الإشراف على ثلاثة مرافق حيوية، ذات تأثير في توجيه أهم وسائل الثقافة والمعرفة هي، الإذاعة، والصحافة، والنشر، في أول عهد إنشائها، فكان أول من تولّى إدارتها، وتصريف شؤونها.
أما ما (تذكّر) مما سبق تلخيصه فهو لا يعدو الحديث عن دراسته، وعن أسفاره، واهتمامه بأحول المسلمين في البلاد التي يزورها، وعن صلاته بكثير من المثقفين في (لبنان) و(دمشق) و(بغداد) وغيرها من البلاد، مما أشبعه الأستاذ رداوي تفصيلاً بما ألحق بالكتاب من (ص561/717) بعنوان (مدخل إلى ذكريات عبد الله بلخير) وبعدها فهرس الموضوعات في تسع صفحات، وصدر عام (1419هـ ـ 1998م) بدون ذكر اسم المطبعة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :396  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 77 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج