شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 4 ـ (1)
وأضاف الأستاذ بلخير: وعندما احتاج الملك عبد العزيز بعد ذلك بسنوات إلى سكرتير شاب لتسجيل الأنباء والأخبار من الإذاعات لـ (الشعبة السياسية)، سأل من حوله من المستشارين. فقال له السيد حمزة غوث: يوجد في ديوان الشيخ عبد الله السليمان وزير المالية، شاب اسمه عبد الله بلخير، يصلح لمثل هذا العمل. فأبرق الملك في الحال لوزير المالية في (الطائف) ببعثه إلى (الرياض)، ثم عين للقيام بذلك العمل وغيره من الأعمال. ووصف زيارته لبغداد بأنها كانت سبباً لتلك السعادة العظمى، التي نالها حين أصبح بعد ذلك من أقرب المقرّبين إلى الملك عبد العزيز على حداثة سنه (2) .
ثم عاد للحديث عن وصاية العرش في العراق وعن تعيين الملك فيصل الثاني ملكاً على العراق، وخاله عبد الإله وصياً على العرش، وأقيم في البلاط الملكي مساء ذلك اليوم مجلس العزاء، وشيّعت الجنازة في حفل كبير، فرأت البعثة أن يتولى تقديم العزاء باسمها أساتذتها وطالب من كل قطر عربي، فكان من بين المختارين، وذلك ما شهده في ذلك اليوم من حضور موكب الجنازة، ورؤية بعض المعزين، ومراسم الدفن، ووصف ما كان لمقتل الملك غازي من أثر، تناوله الكتّاب والمؤرّخون والمعلقون في الصحف، وما نشر في جريدة ((أم القرى)) من برقيات التعازي الحارة، من الملك عبد العزيز، وما نشر من مراثي الأدباء والشعراء ممن سمّى بعضهم، وذكر من بينهم الأستاذ علي أحمد باكثير.
الملك عبد العزيز يرحب بوفد الكشافة العراقي: (من ص165 إلى ص172)
استهلّ الأستاذ هذا البحث بقوله: (في تلك الأيام ـ أي منذ خمسين عاماً ـ لتعلقي الشديد في مطلع شبابي وفتوتي بأمتي العربية، وآمالي فيها وفي وحدتها، وهي الأمنية التي كانت تجول بين جوانحي وتملك عليّ منذ فتوتي الأولى، مشاعري وإحساسي وآمالي، آثارت مشاعري بعثة الكشافة العراقية) (3) .
ووصف البعثة بأنها تتكوّن من نحو خمسين طالباً كشافاً، طلبت (وزارة المعارف العراقية) من الملك عبد العزيز السماح لهم بتأدية فريضة الحج، والمرور بـ (الرياض) في طريقهم إلى (الحرمين) للسلام على جلالته، فكان ترحيب الملك بهذه البعثة ترحيباً قلبياً وشعبياً ورسمياً، منذ توجههم من العراق، وأمر جميع مراكز الحدود التي سيمرون عليها بسياراتهم ببذل كل ما يجب من الضيافة والترحيب والإكرام، فكانت بعثتهم موكباً عربياً قومياً، أثار المشاعر في كل بلدة نزلوا بها، حتى وصلوا العاصمة (الرياض) فاستقبلهم الملك عبد العزيز وأنزلهم في ضيافته وكان ترحيبه بهم ـ وجميعهم في الزي الكشفي الرسمي ـ ترحيباً أبوياً في غاية المحبة، وجلسوا في مجلس الملك نحو ساعتين، وأنشدوا مجموعة من الأناشيد الحماسية العربية، وتجوّلوا في شوارع مدينة (الرياض)، ولما وصلت البعثة إلى (مكة) احتفى بها الشباب من الأدباء والشعراء برعاية الأمير فيصل نائب الملك، ولم يبق أحد من الرسميين في الدولة، ولا من رجال العلم والأدب والشعر في البلاد، إلاّ شارك مشاركة روحية فائضة بالترحيب بهذه البعثة.
ثم وصف الحفلات الشعرية والأدبية للترحيب بها، وسمى الشعراء والخطباء المشاركين في الاحتفاء في ذلك المهرجان، وألقى قصيدة حماسية استهلها بقوله: (4) :
شبه الجزيرة موطني وبلادي
من (حضرموت) إلى ربى (بغداد)
وأورد أبياتاً منها وكان متأثراً بالأنشودة الوطنية العربية لزعيم الشباب السوري فخري البارودي التي بدأها بقوله: (5)
بلاد العرب أوطاني
من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن
إلى مصر فتطوان
ونوّه الأستاذ في قصيدته بالملكين عبد العزيز وغازي، مُكْبراً البادرة الطيبة التي يقدم فيها وفد عربي، من عاصمة الخلافة العباسية إلى منبع العروبة والإسلام، ووصف تأثيرها، معتذراً عن الحديث عن نفسه حين يقول: إن هذه القصيدة كان لها حظ كبير في الانتشار، فقد نشرت في الصحف وقررتها (مديرية المعارف في العراق) لطلاب المدارس.
وعلى ذكر البعثة الكشفية العراقية، استرسل لذكر حادث جرى له قبل خمسة وثلاثين عاماً (6) ، عندما كان في (بيروت) سنة 1964م، متقاعداً حين زاره الأديب البيروتي عزّ الدين بليق، ومعه رجل طويل، مهاب الهامة والقامة، عرفه بأنه الوزير العراقي (7) ، والعالم الإسلامي الشهور، اللواء محمود شيت خطاب (1339/1419هـ)، وكان قد قرأ أكثر مؤلفاته التاريخية فسأله: هل أنت الأستاذ عبد الله أم والدك؟!، فرأى إجابته من قبيل الطرافة قائلاً: كان ذلك والدي! فسأل: هل هو عائش أم توفي؟ فقال له: لقد توفي! فقال: رحمه الله، فقد كان شاعراً عربياً قومياً. ألقى علينا يوم جئنا في البعثة الكشافية العراقية إلى (مكّة المكرّمة) قصيدة عربية، ولا أزال أتذكّره، وهو يرتجز قصيدته التي استهلها بقوله:
شبه الجزيرة موطني وبلادي
ويضيف الأستاذ: لم يقطع علينا الحديث إلا ابتسامة صدرت من الأستاذ بليق، فالتفت إليه اللواء محمود سائلاً: علام تبتسم؟ فقال مشيراً إلي: هو هذا ولي أبوه. وجرى بينهما حديث عن هذه القصيدة.
ثم قال بعد ذلك: وحدث مثل هذا لي منذ بضعة أعوام عندما جئت إلى (الرياض) وذهبت في ليلة الجمعة لحضور ندوة الأستاذ الأديب عبد العزيز الرفاعي ـ رحمه الله ـ فتفضّل ووصفني إلى من كان في الندوة، ولم يكد يذكر اسمي ويجلسني بجانب أستاذ مهاب قال لي: (شبه الجزيرة موطني وبلادي) فتبسّمت. وتلا بعد ذلك الأبيات الأربعة، وقال: أنا الدكتور يوسف عزّ الدين المحاضر بـ (كلية الآداب جامعة الملك سعود) و(رئيس المجمع الأدبي في بغداد؟) وقد حفظت قصيدتك، وأنا طالب في قسم الثانوية من المدرسة، ثم التفت إليّ رافعاً صوته في صخب محبب: عيني؟! أنت إذن أكبر مني سناً، وضحكنا جميعاً، ثم ذكر طرفة أخرى عن استقباله وفداً زائراً من (موريتانيا) وكانت المفاجأة أن رئيس الوفد كان صديقاً وزميلاً في طلب العلم منذ ثلاثين عاماً، قال: فما كاد يراني ويعلم أنني ذلك الزميل القديم حتى رفع صوته: (شبه الجزيرة موطني وبلادي) وهو الحاج محمود باه عمر باه، الذي تحدث عنه حين ذكر إنشاء (مدارس الفلاح) (8) بأنه حجّ ماشياً من (موريتانيا) إلى (مكة المكرّمة) واستقر بها طلباً للعلم على علماء الحرم و(مدرسة الفلاح) حيث تخرج سنة 1361 (1942م) ثم عاد ماشياً إلى بلاده، وسمى عدداً من المدارس التي أنشأها في تلك الجهات باسم (مدرسة الفلاح) وأنه زار الحجاز مرّة ثانية، مع وفد من أسرة (مدارس الفلاح) هناك طالباً الدعم والمساعدة من حكومة المملكة، وكان بلخير ذلك الحين (نائب رئيس ديوان الملك سعود) فقدمه له، فاستجاب الملك بأريحية وكرم لم يتوقعه، فأسس مدارس أخرى، وأضاف هنا: وكما أشرت سابقاً قد أسس نحو سبعين مدرسة، بين ابتدائية وكتّاب لتحفيظ القرآن ونشر الدعوة الإسلامية، وتعليم اللغة العربية في (موريتانيا) وما جاورها من بعض الأقطار الأفريقية، وأخبره بأنه قرر على التلاميذ النابهين من طلاب مدارسه أن يحفظوا هذه القصيدة.
وعاد الأستاذ إلى الحديث عن وفد (جمعية العروة الوثقى) ـ في بغداد ـ فذكر أن رئيسها قرر أن يُكتَفى بالأيام الثلاثة التي مضت باستراحة أعضاء البعثة، لأن جميع وزارات الدولة العراقية مشغولة بالحدث.
وبعد مضيّ هذه الأيام قرر الدكتور قسطنطين بالاتفاق مع الدكتور فاضل الجمالي قيام البعثة بزيارة رئيس مجلس الوزراء، وهو نوري السعيد الذي استقبلهم في ديوانه حزيناً، فصافح أعضاء الوفد واقفاً، وألقى الدكتور زريق كلمة عزاء حزينة، وبعد انتهائه من كلمته دعانا رئيس مجلس الوزراء بالجلوس حوله، وهو يتحدّث مع الدكتور الجمالي، ومع أساتذة البعثة، ثم قمنا بعد شرب المرطبات منصرفين، فودّعنا إلى باب ديوان مجلس الوزراء.
وأشار إلى أن (نوري السعيد) كان شرع في إلقاء خطاب ترحيبي بالبعثة فأُرتِج عليه، وكان قبل ذلك حدث له موقف مماثل حين أمره الملك فيصل بإلقاء كلمة على الجماهير التي حضرت لتحيته، فبدأ الكلمة ثم أُرْتِج عليه، فأمر الملك فيصل مرافقه ووزيره بعد ذلك (رستم حيدر) وهو لبناني من (البقاع) أن يقف موقف (نوري) فألقى خطاباً مطولاً كان له الأثر الطيب، وصف نوري بأنه لم يتعوّد الارتجال، ولم يكن خطيباً، فتعُلُّمُهُ كان في (المدارس التركية).
واستمر الأستاذ في وصف تنقل البعثة بين زيارات الوزارات، ومشاهدة معالم (بغداد) وبعض النوادي الأدبية، ثم العودة إلى (بيروت).
وانتقل ـ دون مقدمات (9) ـ ليتحدث عن انتهاء دراسته وتخرّجه من (مدرسة الفلاح) عام 1353 والتحاقه بـ (الجامعة الأميركية) عام (1355 هـ ـ 1936م) وانتظامه بـ (الكلية الثانوية العامة) من تلك الجامعة في صفوفها الأولى، وكيف بدأ مسيرته فيها ست سنوات متوالية إلى نهاية عام (1360 هـ ـ 1941م).
ثم بدأ بوصف تلك المسيرة عن الحديث عن (الرياضة البدنية) وموقفه حيالها، وفي (مكتبة الجامعة) وذكر من تعرف به من الزملاء من (عدن) و(السعودية) وغيرهما، وعن مشاركته في (النشاط الأدبي) ووصف (مسرح ويست هول) وكان مقر اجتماع النخبة في (لبنان) وفيه (قاعة الإخاء) خاصة لاجتماع الطلبة العرب، من أقطارهم المختلفة، ووصف بعض ما عُرض في المسرح من الروايات، وإلقاء (مي زيادة) محاضرة فيه، قال: وكانت قد مرُت ـ ولا تزال ـ بمحنتها الحزينة، التي أطبقت عليها يومئذ في أوائل الثلاثينيات، وتطوّرت حتى أُدْخلت (مستشفى العصفورية) للمجانين ـ ثم استمر في وصف ما جرى من حفاوة في استقبالها ووصفها هي، وإلقاءها المحاضرة التي بدأتها بتحية فصل الربيع ـ فالفصل ربيع ـ وانسابت المحاضرة رقيقة كانسياب نسيمه، باتزان وعفوية، مما استثار مشاعر الحضور وعواطفهم نحوها، بحيث سالت دموع العشرات من السيدات، وودعت الجميع، واستراحت في غرفة ـ مع بعض الأساتذة ـ ريثما يخف المجتمعون، وبعد (مي) ألقى كثير من الشعراء والعلماء قصائد ومحاضرات ـ كسعيد عقل، الذي ألقى محاضرة عن (الكلمة) أنهاها بجملة مبهمة مغلقة: (وأصبح الناس فإذا على شاطئ البحر خنجر مكسور). قال: كاد الأستاذ عزيز ضياء يخرج من ثيابه عندما دوت القاعة بالتصفيق، فسألته عن ما أهاجه؟ فقال ـ في حدته المعروفة ـ: (أنا لم أفهم شيئاً!).
ثم ذكر شعراء منهم الدكتور محمد عبده غانم من (عدن) وقدري طوقان ـ وهو من بين أوائل المتخرجين من الجامعة، والأخطل الصغير بشارة الخوري، وأحمد حامد الصراف ـ من بغداد ـ وعمر أبو ريشة، وعبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) شقيق حسن الكرمي ـ مؤلف كتاب ((قول على قول)) وعبد الرحيم محمود ـ من فلسطين ـ الذي أهاج شجون الطلاب ـ يومئذ عام 1938م ـ حين زار الأمير سعود (الأردن) وذهب للصلاة في (المسجد الأقصى) فقام الشاعر محمود وهو شاب بإلقاء قصيدة يُحَيِّيهِ بها ـ وبيت القصيد فيها قوله:
(المسجد الأقصى) أجئت تزوره
أم جئت من قبل الوداع تودعه؟!
ووصف ما لهذا البيت من صدى واسع، في محيط طلاب الجامعة، وذكر أن الشاعر استشهد في الميدان برصاصة صهيونية، وسمى من الشعراء الشاعر رئيس مجلس الوزراء السوداني الأسبق محمد أحمد محجوب، كما ذكر من الأدباء أمين الريحاني وغيره.
لقاءات في مواسم الحج في الثلاثينيات: (من ص209 إلى ص233)
رأى المناسبة ـ وقد تحدّث عن ما للقاء البعثات العلمية من أثر في التعاون والمحبة والإخاء بين شباب العرب، عند حديثه عن البعثتين الكشفيتين العراقية والسورية، ثم بعثة (جمعية العروة الوثقى) من بيروت إلى العراق، إلاّ أن لمصر في باب البعثات مقامها المحمود، واستمر في عرض بعض بعثاتها إلى الحج، كـ (بعثة الجامعة المصرية) ومن بين من فيها من الأساتذة عبد الحميد العبادي، الذي اتصل به في (جدة) وهو موظف في (الديوان الملكي) لتهيئة موعد للسلام على الملك، وبعد انتهاء السلام رجاه أن يرفع للملك رغبة البعثة بأن يكون ترتيب عودتها إلى مصر فور انتهاء المناسك، لارتباط أعضائها بالتدريس، ثم حذا (الأزهر) حذو (الجامعة المصرية) فتم ذلك، ووصف التفاف الشباب السعودي حول البعثتين المصريتين بحيث يكون مقرهما في (منى) ندوات عامرةً بما يقام من مهرجانات، يلتقي فيها الخطباء والشعراء، ويدعو الملك عبد العزيز في الحفلات التي يقيمها في قصره قبل الذهاب إلى (عرفة) في ثاني أيام التشريق في (منى) كبار الحجاج من جميع أقطار العالم الإسلامي، فيلقون منه الإكرام والتقدير.
(للحديث صلة).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :405  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 73 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الثاني: أديباً شاعراً وناثراً: 1997]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج