سلمى الخضراء الجيوسي
(1)
|
|
أديبة وشاعرة عربية، وناقدة متمكنة ومبدعة في مناهج البحث، تحمل على كاهلها مشاريع أدبية وثقافية تهدف إلى خدمة الأدب العربي، وإيضاح بيانه ومفاهيمه القيمة للشعوب الناطقة بغير العربية. |
وترجمت هذا الهدف من خلال إنشائها مؤسسة (بروتا) عام 1980م، وهو (مشروع ترجمة الآداب العربية) والذي قامت به (بعد أن هالها مقدار التجاهل والإهمال الذي يلقاه الأدب والثقافة العربيان في العالم)، ولم يكن اهتمامها قاصراً على الآداب العربية وحسب، وإنما يشمل الحضارة الإسلامية حيث أبدعت في تحرير كتاب (الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس) الذي ترجم مؤخراً إلى اللغة العربية بفضل دعم الأديب ورجل الأعمال الأستاذ عبد المقصود خوجه لتكاليف ترجمته والمساهمة أيضاً في تكاليف نشره، وليس هذا بغريب على صاحب (الاثنينية) الشهيرة باحتفائها للأدب، وتكريم صاحبها الفاضل للأدباء والمفكرين والعلماء، ودعمه لكل إنتاج يثري الساحة بالعطاء الفكري المفيد. |
ولأهمية هذا الكتاب (الموسوعة) ـ (1559) صفحة؛ أذكر للقارئ الكريم بعض انطباعاتي المسجلة عنه. |
جاء كتاب (الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس) على هيئة بحوث علمية وأدبية مستفيضة، شارك فيها العديد من كبار العلماء والمفكرين في العالم، ومنهم عرب ومسلمون بلغ عددهم (42) أستاذاً متخصصاً من أمريكا وأوروبا والوطن العربي. |
إضافة لتحرير الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي لهذا الكتاب، شاركت فيه ببحثين قيمين عن: |
1 ـ الشعر الأندلسي، العصر الذهبي. |
2 ـ شعر الطبيعة في الأندلس وظهور ابن خفاجه. |
وقد بلغت صفحات البحثين ما يقارب من مائة صفحة، احتوت على ما يمكن أن نصفه بالإبداع المميز في الجمال اللغوي والتصويري، والنقد الأدبي. |
ومن اللمحات النقدية المضيئة في بحثها عن الشعر الأندلسي قولها: |
(يجب أن تكون نقطة الانطلاق الأولى هي أن الشعر الأندلسي ذو علاقة شديدة الوثوق بالشعر العربي في المشرق، تكاد تكون تعايشية معه. في الوقت نفسه يجب أن نحاذر من الاعتقاد بأن نتاج الشعراء الأندلسيين لم يكن غير انعكاس لتأثير شعراء المشرق عليه. فالشعر العربي في الغرب لم يكن محض تقليد وإعادة إنتاج واعية لنظيره في المشرق، بل هو فرع من فروعه ووليد من صلبه..). |
(إن الأحداث الكبرى في الشعر لا تتم عن طريق المحاكاة والتقليد، إذ إنه عندما تنجح تجربة في الشعر (أو في أي فن من الفنون) وتنتشر على نطاق واسع؛ فإن ذلك لا يحدث، لولا، لأن ذلك الفن نفسه كان مستعداً لذلك، ولأن أولئك الذين يتولونه كانوا قادرين فنياً ونفسياً، على تمثّل التجربة الجديدة، وثانياً لأن تلك التجربة تناسب المزاج أو ترضي التوقعات والحاجات والذوق لدى جمهور الشعر في ذلك الزمن..). |
ويظهر المحتوى العام للكتاب رغبة الباحثة وسعيها الجاد في إبراز التراث العريق للحضارة العربية الإسلامية، ودحض الادعاءات المغرضة التي تحاول تشويه الصورة المشرقة للحضارة الإسلامية والعربية. |
أما جانب التعريف بالدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي فقد جاء ضمن تراجم المشاركين في بحوث الكتاب في نهاية الجزء الثاني. وألقي هنا ببعض الضوء عن شخصيتها: |
من مواليد مدينة (السلط) في الأردن، من أب فلسطيني وأم لبنانية. |
وقد أمضت طفولتها وشبابها المبكر في عكا والقدس. |
درست الأدبين العربي والإنكليزي في الجامعة الأمريكية في بيروت وحصلت على درجة الدكتوراة في الأدب العربي من جامعة لندن. |
تنقلت في العديد من بلدان العالم المختلفة، وعاشت في مدن عديدة في الوطن العربي وأوروبا وأمريكا كزوجة لدبلوماسي أردني.. عملت أستاذة للأدب العربي في عدد من الجامعات العربية والأمريكية. |
أنشأت عام 1980م مؤسسة (بروتا) لنشر الثقافة والأدب في العالم الناطق بالإنكليزية. |
أصدرت مجموعتها الشعرية الأولى (العودة من النبع الحالم) عام 1960م وفي عام 1977م نشرت واربريل (ليدن) كتابها: (الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث) وترجم إلى العربية. |
حررت أكثر من ثلاثين عملاً من أعمال (بروتا) من بينها خمس موسوعات ضخمة للأدب العربي. وترجمت في مطلع الستينات عدداً من الكتب عن الإنجليزية. |
وخططت لإعداد كتاب شامل عن الثقافة واللغة والأدب في عصر ما قبل الإسلام. |
ولا يسع المجال هنا لإكمال السيرة الذاتية لهذه الأديبة العربية المبدعة، التي تستحق كل ما حظيت وتحظى به من احتفاء وتكريم، وشكراً للأستاذ الفاضل (عبد المقصود خوجه) الذي أتاح لنا التعرف على هذه الشخصية الأدبية الممتازة. |
|