الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس
|
عمل كبير أنجزته بعد سنوات طويلة |
سلمى الخضراء الجيوسي
(1)
|
|
من أهم الأعمال التي أنجزتها صاحبة ديوان ((العودة من النبع الحالم)) الشاعرة والباحثة سلمى الخضراء الجيوسي كتابها الضخم ((الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس)) في جزأين ضخمين صدرا عن ((مركز دراسات الوحدة العربية)) في بيروت. |
وهو كتاب أنجزته بالإنكليزية أولاً، ثم أعادت إصداره بالعربية مضيفة على صفحاته صوراً ملونة عن ((الفردوس المفقودة))، الاسم الذي أطلقناه على الأندلس التي عاشت في أحضان الحضارة العربية أكثر من ثمانمائة عام، وما زالت إلى الآن صور مشرقة عن تلك الحضارة التي تركت آثاراً ومدناً تكاد تكون من الخيال. |
وضعت الباحثة اسمها على الغلاف على أن الكتاب من تحريرها وليس من تأليفها، لأن معظم فصوله كتبها كتّاب أجانب ومستشرقون يتناولون ذلك الكنز الهائل من آثار وعمران إلى جانب لمحة عن مهندسيها وصانعيها. |
وتقول الجيوسي، إن فكرة الكتاب ولدت عندها قبل عدة سنوات عندما كانت تستمع إلى أبيات من قصيدة للشاعر الباكستاني محمد إقبال التي حركت شيئاً عميقاً في داخلها وتحولت إلى حكمة اهتدت بها، ومنذ سنوات عقب ذلك، أخذت الدكتورة الجيوسي تسعى للحصول على نفقات مشروعها الضخم لإصدار هذا الكتاب. وهي تشير إلى الذين ساعدوها بكثير من العرفان والتقدير منهم الأمير الآغا خان والمرحوم ألبرت حوراني. والأهم من ذلك أيضاً الشيخ عبد المقصود خوجه الذي دعم تكاليف ترجمة هذا الكتاب من الإنكليزية إلى العربية ومساهمته في تكاليف نشره أيضاً. وكان الشيخ عبد العزيز الرفاعي هو همزة الوصل بين السيدة سلمى والشيخ الخوجه، كما توجهت بالشكر إلى من ساعدوها من المفكرين العرب ومنهم إحسان عباس وعبد الواحد لؤلؤة الذي ساعد في ترجمة الكتاب، ثم تعدد الباحثة أسماء الذين ساعدوها من العرب والأجانب على إنجاز هذا العمل وعددهم كبير، إذ لم تغفل أي اسم من هذه الأسماء، مما يدل عن أن هذا الكتاب العظيم كان ثمرة جهود مجموعة كبيرة من الناس، منهم من دعمه مالياً ومنهم من شارك في التأليف ومنهم من كتب موضوعاته. |
وكان شعار الفتوحات الإسلامية في البداية، كما ذكر عبد العزيز الدوري (المؤرخ المعروف) في مقدمته أن ((الفتوحات الإسلامية حيث تصل الناقة إلى أي من البلاد المفتوحة وألا يفصل بينها وبين المدينة ماء))، لكن الفتوحات فيما بعد تجاوزت هذا الشعار في وصولها إلى إسبانيا وحدود فرنسا وأجزاء أخرى من العالم، حيث استقرت هذه الفتوحات فيما سمي بعد ذلك الأندلس. ومع ذلك بقي البحر يمثل تحدياً لعرب الأندلس بخاصة. ومع أنهم واجهوه بعنايتهم بالأسطول. إلا أنهم بقوا يخشون بحر الظلمات ولا يعرفون ما وراءهم إلى الغرب والجنوب الغربي، ولعلهم حاولوا ارتياده بشكل فردي. |
ويقول الدكتور الدوري: والمعلومات عن خروج العرب إلى الأندلس تتصل عادة بالفتوح أو بالثورات. وهي ليست وافية أو دقيقة. أما خروج البربر فارتبط ـ إضافة إلى ما ذكر ـ بأوضاع الأندلس الداخلية وبحاجة أمرائها وخلفائها إلى مزيد من المقاتلة. |
كان خروج العرب في مجموعات من المقاتلة، وحتى أواخر فترة الولاة، أرسل موسى بن نصير طارق بن زياد (92هـ/ 711م) على رأس 7000 رجل جلّهم من البربر ثم أمده بـ 5000 آخرين ليصبح عدد جنوده 12000، وانضم إليهم الكثير من المتطوعين من بر العدوة إثر وصول أخبار نجاح طارق، ويذكر أن عدد العرب كان 300 أو 2000 أو أكثر. |
وبعد نجاح طارق ابتداء واتساع جهة الفتح وطول خطوط المواصلات عبر موسى بن نصير إلى الأندلس (رمضان 93هـ/ حزيران 712م) بجيش ينوف عن 1800 معظمهم من العرب ملحقين بأتباعهم ومواليهم، بينهم أشراف العرب وعدد من التابعين. ويفترض، بعد انتهاء المرحلة الأولى وسيراً على نهج الخلافة أن يكون مجيء هؤلاء للاستقرار لا للغارات فحسب. |
ولما ولي الحر بن عبد الرحمن الثقفي (97هـ/ 716م) الأندلس جاء من أفريقيا على رأس 400 من نخبة العرب.. وعين عمر بن عبد العزيز السمح بن مالك الخولاني (سنة 100هـ/ 719م) فجاء ومعه (جيش) من العرب في رواية و500 في رواية أخرى. وإثر ثورة البربر (سنة 122هـ/ 740م) بقيادة ميسرة المطفري وانتصاراته الأولى أرسل هشام بن عبد الملك حملة من 30 ألفاً من أجناد الشام إلى شمال أفريقيا وقال كلمة دالة بالنسبة لنظرة الخلافة ((والله لا أتركن حصناً بربراً إلا جعلت إلى جانبه خيمة قيسي أو تميمي))، وبعد إخفاق الحملة انخذل 10 آلاف من جند الشام مع بلج بن بشر القشيري إلى سبتة، وبعد تمنع سمح لهم والي الأندلس عبد الملك بن فطن الفهري بالعبور إلى الأندلس ليسندوه في مواجهة البربر الثائرين هناك. واستمرت الفتنة في الأندلس فأرسل والي أفريقيا أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي سنة (125هـ/ 723م) والياً على الأندلس، وهو الذي وزع الجند الشامي (طالعة بلج) على أجناد خمسة موازية لأجناد الشام. |
ومنذ ذلك الحين ظلت الأندلس قبلة للعرب إلى أن قامت فيها الخلافة الأموية بعد اندحارها في الشام. |
تناولت الكتاب في جزئه الأول (835 صفحة من القطع الكبير) بالإضافة إلى ((المقدمات)) فصولاً تحت عناوين: التاريخ: وهو تاريخ الأندلس السياسي (92هـ ـ 897 ـ 711 ـ 1492م) وهذا الفصل دراسة شاملة، وكاتبه: محمود مكي، جيمس دكي: غرناطة مثال من المدينة العربية في الأندلس. روبرت هيلنبراند: قرطبة القرطوسية، رفاييل بالنثيا: إشبيلية الإسلامية، ميكل دي إيبالزا: أقلية مسيحية مهمة في الأندلس، مارغرينا لوبيز غوميز: المستعربون، نقلة الحضارة الإسلامية في الأندلس. ليونارد باتريك هارفي: المدجنون، ريموند شايندلين: تاريخ الموريسكيين السياسي والاجتماعي والثقافي، مادلين ليتشر: الأندلس وشمال أفريقيا في عقيدة الموحدين، عزيز العظمة: الشماليون في عيون الأندلسيين، عباس حمداني: الإطار الإسلامي للرحلات الاستكشافية. |
أما فصل: اللغة والأدب، فقد حملت عناوينه: بيير كاكيا: الأدب الأندلسي، سلمى الخضراء الجيوسي: الشعر الأندلسي في العصر الذهبي. إلى جانب مقال آخر لها: شعر الطبيعة في الأندلس وظهور ابن خفاجة، جيمس ت. مونرو: الشعر الندلسي والتراث الرومانسي، لويس أ. غيفين: أدب الحب وطوق الحمامة لإبن حزم. ف، كوريانتي: التداخل اللغوي بين العربية واللغات الرومانسية في شبه الجزيرة الإيبيرية. ديترميسنر: مزيد من المفردات العربية وتصنيفاتها في اللغات الرومانسية ـ الإيبيرية. روجر بواز: التأثير العربي في الشعر الغربي الأوروبي، ماريا روزا مينوكال: الأندلس وعام 1492 سبيل التذكر. لوسي لوبيز بارالت: التراث الإسلامي في الأدب الإسباني. |
أما الفصل الأخير في الجزء الأول وهو تحت عنوان ((الموسيقى)) فقد احتوى دراسة شاملة لأوين رايت بعنوان: الموسيقى في الأندلس. |
الجزء الثاني من الكتاب (1162 صفحة من القطع الكبير) فقد تناول عدة فصول كـ: الفن والعمارة، ومن كتابه: أولغ غرابار: نظرتان متضاربتان إلى الفن الإسلامي في شبه الجزيرة الإسبانية، جيريلين دودز: تراث المدجنين في فن العمارة. وفنون الأندلس، جيمس دكي: الحجم والمساحة في العمارة النصرية. ج. ك. بيرغل النشوة والانضباط في الفن الأندلسي. أنتونيو فرنانديز ـ بويرتاس: فن الخط العربي في الأندلس. |
واحتوى فصل التاريخ الاجتماعي العناوين التالية: بير غيشار: التاريخ الاجتماعي لإسبانيا المسلمة. ماريا ج ميغيرا: عن المنزلة الاجتماعية لنساء الأندلس. دايفيد وينز: فنون الطبخ في الأندلس. أما ((التاريخ الاقتصادي)) فقد احتوى: بدور شلميطا: صورة تقريبية للاقتصاد الأندلسي. أوليفيا ريمي كونستيل: التجار المسلمون في تجارة الأندلس الدولية. |
وفصل ((الفلسفة)) احتوى: ميغيل كروز ميرنانديس: الفكر الإسلامي في شبه الجزيرة الإيبيرية. جمال الدين العلوي: فلسفة ابن رشد، ج.ك. بيرغل: ابن طفيل وكتابه حي بن يقظان. إضافة إلى أبواب أخرى شارك في كتابتها باحثون عرب وأجانب. |
|