ماذا جنيت سراييفو لتغتصبي |
أهلوك ما ذنبهم زجوا إلى اللهب؟ |
تستصرخين ولكن لا حياة لمن |
وربما الحي من حمالة الحطب |
مأساتك اليوم تدمي كل جارحة |
ووجهك الشاحب المكلـوم يعصـف بـي |
يا مسلمون أصيخوا "سمعكم" نذر |
تترى وقد آذنت بشر منقلب |
اليوم تحترق البوسنه وإنَّ غداً |
ينداح فينا اللظى في لعبة الشهب |
يا أمة الألف مليون كفى خدراً |
ولنصدق الله في مليون محتسب |
شر البلية يبكينا ويضحكنا |
وأعظم الشر ما يُطَمُّ بالقصب |
تحت الرماد أوار الحقد أججها |
حرباً صليبية الأهواء والريب |
ثعالب الصرب تفري وهي آمنة |
والأسد في الغاب لا تَهُشُّ بالذنب |
وعصبة الأمم استشاطها غضب |
أما الخفير فيطفي سورة الغضب |
شجب وحشد بيانات وولولة |
هذا يشد وذا يرخي لذي أرب |
تهزهم لوعة الأسرى وما حفلوا |
بالشعب يذبح بالصلبان واعجبي |
يا نكسة في ضمير العالمين لـه |
وجهان ما بين مكشوف ومنتقب |
واحر قلباه ما هذا أعاصفة |
تجتثنا بظلام حالك لجب؟ |
يـا ويحهم نعـرة عميـاء قـد مسخـت |
إنسانهم غول غاب نافخ الشنب |
ما أبشع الفعلة النكرا تلاحقنا |
أشباحها برؤى أزرى من الوصب |
فهذه طفلة بريئة فجعت |
يلفها التيه وا أماه أين أبي؟ |
من جاء بي هـا هنا؟ مـن سـل أحذيتي؟ |
من قص أسورتي؟ ما شأنها لعبي؟ |
والشيخ يلهث مذعوراً يتلتله |
جور السنين مع الإعياء والنصب |
ضاعت خطاه كما ضاعـت عصـاه هوت |
بين الهديم مع الجدران والخشب |
توقف الشيخ لم تسعفه خطوته |
وانهد فوق الركام الجاثم الخرب |
وراح يغمس في التَّرباء أنمله |
يبثه الشجن الجياش في كرب |
ومقلتاه كما الينبوع نز على |
خديه في جدول كالودق منسكب |
وفلذة الكبد الحراء ترمقه |
ترنو إليه بقلب واجف وجب |
وأقبلت وهي تهري في جديلتها |
سؤالها ملحف والشيخ لم يجب |
وضمها والأسى يلقي فداحته |
عليه وهو مهيض الحيل والحسب |
أواه يا طفلتي هذي مصارعهم |
غابوا وطيفهم المحفور لم يغب |
تنهد الشيخ واللأوا تحاصره |
تسفه ريحها جاث على الركب |
يقلب الكف ما هذا؟ وأين متى؟ |
وكيف صار؟ وهل للخطب مـن سبـب؟ |
وهاله النبأ المشؤوم قد ذبحوا |
كالشاء لكن بعيد السلخ بالقضب |
سيموا العذاب نكالاً تقشعر لـه |
صم الجبال وكـم قـد شيب منـه صـبي |
أما العـذارى فلا تسـأل وسـل خجلـي |
عن حال مغصوبة منهم ومغتصب |
شناعة يأنف البهيم خستها |
ونزوة لم تسود فاضح الكتب |
لكنه العفن الصربي كم عطبت |
منه القلـوب وكـم للصرب مـن عطب |
وتمتم الشيخ ماذا بعد؟ قال لـه |
نَجِيُّهُ صبرك المحمود واحتسب |
بقية الجرح لم تسمع به أُذُن |
والعين لم تره في سالف الحقب |
ألقوا بهم رضعاً في حلق مرجفة |
تلوكهم لوكها للرمل والحصب |
يلفني المشهد المشؤوم تسحقني |
أشلاؤهم وهي كالأسمال والسلب |
والأمهات حشاشات مفطرة |
يغتالها الحزن في دوامة اللجب |
ويستغثن ولكن لا مجيب وقد |
حُمَّ القضاء وسيق الأهل بالحرب |
والعالمون شهود لا حراك بهم |
والمنصفون قليل الطول والنشب |
واستسلم الشيخ للأرزاء محتضراً |
يستعذب الموت جلـداً غيـر مضطـرب |
رباه خذني إليك اليوم محتسباً |
فليس يقوى على هذا الهوان أبيّ |
لبطنها اليوم يا الله أوسع لي |
من ظهرهـا الجائـر المشحـون بالرعـب |
وظلمة القبر يا رحمن آنس لي |
مـن معشـر سـاد فيهم عالـم الكذب |
ومد للطفلة البئيس راحته |
ورعشة المـوت بيـن العظـم والعصـب |
لا تيأسي فهو موجود ومُطَّلِعٌ |
أمـا أنـا فأرى شمسـي علـى العصـب |