حوار الحرف
|
الغريبي.. والغربال..!
(1)
|
|
من الأعمال الخالدة والجهود الموفّقة هو أن يعشوشب الوفاء في جنبات نفوسنا وأن يتنامى هذا الشعور في علاقاتنا.. وأن نجلو صفحات الماضي ونستعيد بعض الوجوه ذات الأثر.. من رجالاتنا وأن نمنحهم ما يستحقون من الذكر والإشادة نظير ما قدموا من عطاءات وما أسهموا به من أعمال جديرة بالالتفات! |
الأستاذ الزميل والصديق الكاتب حسين بن عاتق الغريبي جسَّد صورة من صور الوفاء. إذ راح يبحث وينقب عن واحد من أولئك الرموز، عبر مراحل رحلته في عالم الحرف والكلمة وعنوانه الشهير ((الغربال)) حيث قدم لنا ((قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه
)). |
وأبرز العديد من الجوانب المضيئة في حياته بالرغم ما تعرض له من غمط ومن جفوة ومصادرة بعض آرائه من قبل بعض مجامليه.. إذ اعتاد عالمنا العربي في بعض مجتمعاته على إخفاء جانب التفوّق أو البروز لدى المرء إذا لمس أنداده أنه يبزهم. وهذه إحدى مساوئ تلك المجتمعات لأنهم لا يؤمنون بهذا العنصر اعتقاداً منهم بأن ذلك يحول بينهم وبين البروز فيبدأ التعتيم وتظهر العداوة ويتكشّف الحقد.. من خلال أصحاب بعض النفسيات المتكلسة! والضمائر الميتة، حتى إذا مات انهمرت الدموع مدرارة وأشرعنا الأقلام لإنصافهم وتأبينهم، واستلال الخناجر المغمدة في الظهور والصدور! |
لقد أوغل الصديق الغريبي.. في بطون الكتب والمراجع وبعض الوثائق مسترجعاً رحلة هذا الرجل العصامي ((
محمد سعيد خوجه
)) ومتتبعاً كل أثر للخروج ببحث متكامل وتشخيص دقيق لكافة أبعاد شخصية ((الخوجه)) وما تحمل من رؤى وأفكار وما تتميز به من طموحات وتطلّعات، وما طرح من قضايا سبق بها زمانه، وتفوق بها على معاصريه، وخرج بنتائج عبر مراحل الزمن والظروف التي اكتنفت حياة هذا الأديب، مع أنه لم يعمّر طويلاً 1323 ـ 1360هـ. |
ومع ذلك فقد ترك أثراً عظيماً وزخماً هائلاً من السمعة والمكانة. ولقد استعرض الأستاذ الغريبي المراحل التاريخية، فكتب للتاريخ وللزمن. ولإنصاف الرجل، واستشهد بما لقي الراحل من معاناة وقسوة من أهل زمانه ومن جيله مما نقله الدكتور محمد بن سعد بن حسين بالنص: |
((إذا كان الشيخ محمد سعيد عبد المقصود خوجه قد لقي عنتاً من أبناء زمانه وبخاصة الأدباء فإن كثيرين منهم قد بكوه أحر البكاء بعد مماته، واعترفوا له بالفضل حين خلا منه الميدان.. ونحن نقول لهم هلا كان ذلك في حياته فيسرِّي عنه ويشد من أزره في ميدان يجالد فيه وإخوانه فيه خصوم له))!. |
لقد حمل الراحل وأمثاله من أبناء هذا الوطن مشعل التنوير وراية التعليم في زمن الجهل والظلام حتى بددوا بعض الحلكة وأناروا بعض المدلهمات قبل أن تستقر الأمور ويستتب الأمن وينتشر الوعي على يد الموحد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه. |
ومثل هؤلاء الرموز الوطنية يجب أن يخلدهم التاريخ وأن تتذكرهم الأجيال وأن يكون هناك تكريم وتقدير لأولئك الأبناء البررة وأن لا تكون ذكراهم مجرّد ((عبور)). فمجال التقدير واسع وأساليب التكريم عديدة. فكل رجالات الأوطان الذين ساهموا بأفكارهم وأيديهم وصنعوا للمجتمعات مجداً مهما كان حجمه وخاصة في زمن البدايات. وفي المراحل الأولى من البناء والتأسيس يستحقون كل الوفاء. وهم جديرون بالتكريم. |
لقد أزاح الزميل الصديق ((حسين الغريبي)) الستار عن لوحة من لوحات الوفاء، وجسّد صورة من صور الإخاء، وختم رسالته مع الإهداء: صديقي محمد المفرجي: |
((أهدي إليك أجمل ما يُهدى كتابي ((الغربال)).. |
محاولة جديدة في البحث والكتابة.. لا أريد له أن يكون قطعة تذكار.. بل محطة إبحار.. نحو الفكر والمعرفة. قد يسعدك محتواه. وقد تجد فيه ما يستدعي إعادة النظر.. وحين يصلني منك الرد.. سواء.. حمل التقريض أو النقد أكون لك من الشاكرين..؟! |
قف.. يا صديقي.. الغريبي: |
لقد حمل كتابك حلماً أدبياً ونبراساً يقتدى.. وأنموذجاً في الوفاء يحتذى.. فبورك فيك من فتى..! |
|