شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حياة الفقي.. لوحة اجتماعية عميقة (1)
يُعتبر الأستاذ الشاعر محمد حسن فقي من أبرز الشعراء العرب المعاصرين لما يتسم به شعره ((الثر)) من أصالة وعمق يندر توفرهما في الكثير مما ينشر ويذاع علينا هذه الأيام. في الوقت الذي تتصف لغته بالجزالة والقوة، ولا تخلو ـ مع ذلك ـ من رقّة وعذوبة وخيال.
لكن ((الناثر)) في شخص الشاعر الفقي لا يقل عمقاً أو قوة أو جمالاً عن تلك الشخصية الشعرية المتسمة بالخصب.. وقد تابعنا الكثير مما كتب في فترات عديدة من حياته المديدة بإذن الله.
لكن الإصدار الأخير للأستاذ الشاعر عن ((السنوات الأولى: ترجمة حياة)) يجسّد أمامنا شخصية مفكر ومصلح اجتماعي اقترب من الحياة بقدر ما ابتعدت عنه والتصق بها على نحو يفتقده التائهون في متاهات ((الفنون الحسية)) المختلفة والذين قدّر لهم الاطلاع على هذا الكتاب ((الصغير في حجمه الكبير في مضمونه)) كما قال الناشر يلاحظون أن مضامينه قد توزّعت بين الذكريات والانطباعات والملاحظات والأفكار والهموم والأحاسيس الإنسانية.
كما يلاحظون أنه نحا في كتابته منحى قصصياً بصورة تقترب من ((أيام طه حسين)) وأسلوبه المميز، حيث وظّف الاثنان الأسلوب القصصي كعرض للسيرة وتقديمها للقارئ تقديماً مشوقاً.
ومن الواضح أن لجوء الفقي ومن قبله طه حسين إلى هذا الأسلوب لم يكن اختياراً مقصوداً للهرب من الأسلوب الواقعي المباشر في تناول الذكريات، وإنما كان هرباً من الصيغة الذاتية التي تعود كتاب المذكرات أن يلجأوا إليها، تمريراً للكثير من المواقف والأفكار دون أن تحسب عليهم، وربما كان هناك سبب آخر يكمن وراء اعتماد الأسلوب القصصي في عرض الذكريات هو تواضع الكاتب وعدم رغبته في الظهور بمظهر يريد به أن يملي على القارئ تجربته، مع ما قد تتسم به من بساطة أو تلقائية.
والفقي في ذكرياته هذه، التي كتبها (ولم ينشرها) منذ أكثر من أربعين عاماً، لم يعكس قصة حياة إنسان بقدر ما جسّد طبيعة مجتمع ونمط تفكير ساد في وقت من الأوقات وبالتالي فإنه يصلح كمادة للمقارنة وطرح المفارقات وتسجيلها عندما يعن للباحثين والدارسين أن يستعرضوا جوانب من تاريخ بلادنا، ومراحل تطوّرها ونضجها وتعاظم رصيدها مرحلة إثر مرحلة.
وكما أن حالة ((الحزن)) التي استولت عليه قد أثرت في شعره وأعطت دفقاً متصلاً من ((الأنين)) و((التفجّع)) و((الألم)) فإن هذه الحالة لم تكن إلا انعكاساً لإحساس مرهف ضاعف الشعور ـ في داخله ـ بالألم والمرارة والظلم وهو إحساس ألقى بظلاله الكثيفة على حياة الشاعر ولون نظرته إلى الحياة والناس، وبرز بشكل واضح ـ أيضاً ـ من خلال هذا الكتاب الجديد الذي يجب ألا نغفله ونحن نتحدث عن الأستاذ الشاعر محمد حسن فقي، هو أن مخزونه الشعري لا يعتبر كنزاً فنياً، بل يمثّل أيضاً تجربة فكرية غنية بالمشاعر والصور تبدو وكأنها لوحات ثمينة، تعرض لشتى ملامح الحياة وانكسارات النفس البشرية بدقة ماكروسكوبية عجيبة.
وقد قام الأستاذ عبد المقصود خوجه بنشر هذا الكتاب، وقدّم له الدكتور عبد الله منّاع تقديماً جميلاً ومترفاً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :509  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 42 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.