عاصفة الصحراء
(1)
|
|
قراءة بقلم: الشاعر منصور دماس
|
|
هذا هو عنوان ديوان الأستاذ الشاعر محمود عارف الجديد والذي أهداه لي وأسعدني بإهدائه اللطيف. |
ولست أدري وأنا أكتب هذه السطور أأكتب عن محمود عارف الشاعر؟ أم محمود عارف العارف؟ أم محمود عارف الكاتب؟! أم محمود عارف الإنسان؟ أقول حقاً أن رجلاً مثل الأستاذ محمود عارف يستحق الكثير وأنا مسرور لو كتبت الكثير والكثير. |
لقد خُيِّل لي وأنا أتأمل عنوان الديوان أن جميع قصائد الديوان مستوحاة من الأحداث القريبة لكن حينما قرأت المقدّمة التي استهلّ بها الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ديوان الشاعر عرفت أن الديوان يضمّ أغراضاً متعددة. |
يقول الأستاذ عبد المقصود هكذا جعل الأستاذ محمود عارف في هذا الديوان وظيفة قومية وأداة لنقل الأفكار ومعالجة القضايا السياسية والاجتماعية وقد كفاني الأستاذ عبد المقصود وصف شاعرية الشاعر فقال في مقدّمته (تلك الروائع التي عطّر بها الأستاذ محمود عارف حياتنا الأدبية وأثبت من خلالها أن الشاعر لسان قومه ومرآة مجتمعه) ويقصد بها دواوين الشاعر كما وصف شعره في مقدّمته الرائعة بقوله ـ (شعره رقيق جزل طروب حالم الموسيقى هادئ الإيقاع عذب الكلمات رشيق المعاني). |
وفي مقدّمة الشاعر الشفافة ما يؤكّد ما ذهب إليه الأستاذ عبد المقصود إذ يقول: هنا في ديوان (عاصفة الصحراء) بقايا من شرائح الأمل والتطلّع تعطي تفسيرات لمعاني النبضات والوثبات والهزات وهي تتحرّك في أعماق الإنسان على حساب مشاعره وهذه المشاعر هي التي تبدع الكلام سواء كان نثراً أو شعراً. |
نعم، لقد كان الأستاذ محمود عارف في قصائده مبدعاً صادق العواطف جياش الكلمات لم تأت أحاسيسه من فراغ ولم تخل معاناته من آلام، لذلك جاء شعره سهلاً صادق العبارات صافي الديباجات أصيل المعاني واللمحات بعيداً عن التكلّف والصنعة يعفّ إذا تغزّل وينجلي خجلاً إذا وصف ويجنح إذا افتخر ومدح ويبدع بذكاء المربين إذا وجه فكرة أو عالج قضية. |
يقول محمود عارف في قصيدته عاصفة الصحراء. |
سوف تحيا الكويت أرضاً وداراً |
حرة في الورى بلا استعباد |
وعلى مدرج الحضارة تمشي |
للعلا للبناء.. باستعداد |
|
وهنا يبرز لنا إيمان الشاعر الصادق بنصرة الحق وإزهاق الباطل كما تتجلّى لنا روحه الملهمة المستمدة من شاعريته المفعمة بالحب واليقين والثقة. |
يقول الأستاذ محمود عارف مؤيّداً صدق الهامة في البيتين السابقين: |
إن العدالة بين الناس باقية |
وصاحب الأرض.. لا يخلو من الطلل |
والنصر بالحق مكفول لصاحبه |
نعم الشعار وفيه شارة المثل |
|
وباستعراض سريع للديوان وجدت الشاعر لم يغفل جانباً من الأحداث حيث شدا لفلسطين فقال: |
عاشت فلسطين الحبيبة بالفدى |
بسيادة.. والقدس للمتغلب |
والانتفاضة.. في حماس أشعلت |
حرب الحجارة.. كالشواظ الملهب |
|
ولم ينس لبنان فقال مستثيراً الهمم مندداً بما يجري فيها أو جرى: |
حرب لبنان ما نسينا لظاها |
دُمِّر الشعب بين قتل وخطف |
|
إلى أن قال من قصيدته (لبنان الحزين): |
أيها الواغلون ما شأن لبنا |
ن.. بهذا البلاء في كل صنف؟ |
|
وتأبى روحه الشاعرة إلا أن يتغزّل فتعف وتصف فتبدع وتشوق غزلاً رقيقاً جميلاً يذكّرني أو ذكرني يقول المتنبي: |
خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا |
لودعت شيبي موجع القلب باكيا |
|
قال في إحدى قصائده: |
صفراء كالتبر تستوري مشاعرنا |
باللطف تسكبه من نبع حوراء |
شربت من عينها كأساً معتقة |
حتى ثملت وما سكري بصهباء |
تسبى القلوب إذا مرت مهفهفة |
كأنها روضة في قفر صحراء |
تختال في مشية الإعجابٍ يشملها |
وهج من السحر غشّى هدب وطفاء |
|
محمود عارف هذا الشاعر لم يترك جانباً أو غرضاً من أغراض الشعر إلا وشدا متجلياً بأحاسيسه الصادقة ومورده العذب الأصيل فكما لم يخل شعره من الغزل لم يخل من المدح والفخر ولم يخل كذلك من الحكمة والفكر يقول الأستاذ محمود عارف في ديوانه (عاصفة الصحراء). |
شرف البطولة في الحياة شهامة |
تحمى الذمار وترفع الأحنافا |
|
ويقول: |
رب حق يضيع بعد صراع |
وصراع يلج بالنزعات |
|
ويقول: |
صاحب العقل ناجح بالتروي |
وأخو الجهل فاقد المعيار |
|
ويقول: |
ومصير الجبان لا بدّ يلقى |
منتهاه في ساعة الانهيار |
|
أخيراً، مع تقديري للأستاذين محمود عارف وعبد المقصود خوجه أهدى هذه الأبيات. |
دغدغت روحي وشاقت خاطري |
هفهفات من هبوب (العاصفة) |
فتنفّست شذا من بوحها |
ذارفاً شكوى العيون الذارفة |
صاغها بالحب حسّ مرهف |
فبدت نشراً بنفس عارفة |
|
|