شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ديوان: عاصفة الصحراء (1)
عرض:حسين أحمد حسون
هذا الديوان الذي جادت بترانيمه الحزينة قريحة شاعرنا الكبير محمود عارف جاء انعكاساً لوجدانه العربي، وإنسانيته، إنسانية الشاعر ولا غرو، وعقيدته الصافية وقلبه المؤمن، من كل هذا صدر الأستاذ محمود عارف، فتغنّى بشعره الذي عهدناه دوماً رصيناً في رقة، لطيفاً في قوة، معبراً عن أنبل المشاعر الإنسانية، مترجماً لكل معاني الخير حبيباً قريباً للنفس الصافية الصادقة غير أننا في هذه المرة نسمع صوتاً كهدير البركان فجرته في نفس شاعرنا أحداث الخليج، فجرّه غزو الجار العربي لجاره العربي وعدوان الأخ على أخيه، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
لقد هزّت تلك الأحداث وجدان محمود عارف فانفعل، وصدر عنه جديد من ألوان الشعر لم نعهده عنه من قبل إلا لماماً، وكلمات هي سياط بل شواظ من نار سلطها على ضمير الظالم الغادر المعتدي، وآهات حرى وحسرات أزاح بها عن صدره ما زخرت به نفسه الرقيقة الحانية من آلام خلّفها وقع تلك المأساة عليها.
كأنّي به حين فرغ من إعداد الديوان، ووضع القلم جانباً استشعر وحشة، وأحسّ ألماً ممضا من هول تصوراته وخيالاته للنكبة وهو ينظمها قريضاً، وينقش معانيها شعراً، فجنت نفسه لكل صديق أديب رقيق الكلمة، وكل شاعر جزل رائق القصيد كمثله، تمنى لو أنهم اجتمعوا جميعاً حوله، يمسحون بيد الإبداع، والحنو على قلبه، ليلتئم منه الجرح وتشفى النفس.. تذكرهم.. وحن إليهم ساعتئذ، وتذكّر اجتماعهم هناك في رحاب الاثنينية.. وتمثل أمامه شيخ الاثنينية وصاحبها، من اجتمعت حوله قلوب كل أولئك الأحباب فكان لهم الصديق والأخ والأب الراعي لإبداعاتهم.. فأهدى الديوان إليهم جميعاً في شخصه، قال في الإهداء:
أهدي إلى الاثنينية ندوة الأستاذ الصديق عبد المقصود محمد سعيد خوجه حبيب الأدباء والشعراء، ديوان (عاصفة الصحراء) للذكرى والتذكار..
ولقد ردّ الأستاذ عبد المقصود خوجه، وفاء بوفاء، وتقديراً بتقدير، فقدم للديوان بكلمة ضافية صادقة.
ففي معرض أمجاد شاعرنا محمود عارف، عرض الأستاذ عبد المقصود خوجه لإبداعات العارف السابقة فنثر أمام الذاكرة ما أثرى به ساحة القريض وما عطّر به الحياة الأدبية (ترانيم الليل) و(أرج ووهج) و(الروافد) و(الشاطئ والسراة) و(الفردوس الحالم) و(عيون الليل).. وغيرها من روائع الرومانسية.
وحين أتى على ذكر هذه الإضافة الأخيرة (عاصفة الصحراء) صوّرها عملاً خرج به محمود عارف عن هدوئه الذي عُرف به من خلال ما يصوغ من نثر أو يقرض من شعر بعد أن انقلبت ـ فجأة ـ موازينه الداخلية، وتزلزلت بسبب الكارثة التي ألمت بالمنطقة، وفاقت المنطق والتصوّر، إذ انقلب صديق الأمس المدلّل إلى عدوٍّ شرس، قتل ودمر، وأحرق، فاجتمع الإحساس الممض بكل هذا في نفس العارف.. ليخرج للناس شعراً يحمل تلك المعاني نظماً ثائراً.
وخرج رأي شاعرنا وما كان يجول بفؤاده إلى لسانه وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلاً.. فقدّمه للناس ديواناً..
لقد أشعلت حرب الخليج حفيظة شاعرنا العارف وهزّت إحساسه.. فسجّل كل هذا بلغة الشعر، وصوّره بريشة الشاعر قال:
جاء جيش العراق يسقي اعتداء
فلذات الكويت صاب المذاق
ويقول:
نار حرب تثير عاصفة الصحـ
راء عاثت بالهول في بغداد
وحشود الفداء.. من كل جنس
تتحدى.. العراق بالأعداد
هاجمت ليلة الخميس بحرب
وهجوم.. مكثّف.. وجلاّد
ثم يصف صدام حسين:
كل يوم يزداد صدام مكراً
حين جاء الحساب في الميعاد
راكباً رأسه بغير صواب
يحتمي.. باللصوص.. والأوغاد
ثم يشيد بشعب الكويت ويحيي دور المملكة البارز والأساسي في نصرة الكويت، ووقوفها معها ساعة المحنة:
السعودية.. الوفية كانت
في جوار الكويت يوم التلاقي
هذا الديوان (عاصفة الصحراء) ضم خمسة أبواب سادسها مجموعة رباعيات.
الباب الأول منه ـ بعد المقدّمة ـ احتوى على تسع قصائد كلها حول حرب الخليج، ويبدأ بقصيدتين تحملان عنوان (عاصفة الصحراء) ثم ثالثة بعنوان (العراق يحتل الكويت).
وأخرى (قمة هلسنكي).. بيان العراق المرفوض، إلى الشعب العراقي.. المحنة والمأساة.. أغسطس وغزو الكويت.. وأخيراً يختتم بقصيدة بعنوان (وعادت الكويت حرّة).
وخصَّص القسم الثاني للأحداث العربية، وجراحات الأمّة ومنها مأساة لبنان الحزين، ويقول عنه:
حرب لبنان.. ما نسينا لظاها
دُمِّر الشعب.. بين قتل وخطف
وقصيدة أخرى يتمثّل فيها لبنان وقد استعاد عافيته.. وهي بعنوان (لبنان الجديد) يقول فيها:
توثب الشعب في لبنان مبتدرا
سياسة الوعي.. واستعلى على الألم
سياسة العدل.. في لبنان قائمة
على ((الوفاق)).. لشعب جد.. محترم!!
وقضية سلام لبنان تقود الشاعر إلى الإشارة إلى مواطن السلام.. فتأتي بعد قصيدة (سلام لبنان) قصيدة عن (سور برلين) ثم (صوت السلام في مقر الأمم المتحدة) وكأنه يرى في هذين الأمرين رموزاً للسلام.
بعد أن أفرغ الشاعر الكبير محمود عارف كل أحزانه وسحب.. وناصر.. وتأسّى على الجراح العربية في مطلع هذا الديوان في قسميه الأول والثاني، وفي عشرين قصيدة، أتبع هذا قسماً بعنوان (مشاعر) ثم آخر بعنوان (أدبيات) ضمّ ثلاث عشرة قصيدة ثم قسم بعنوان (رثاء وعزاء).
ثم اختتم الديوان بمجموعة من الرباعيات تجاوز عددها المائة رباعية، تناول فيها كل لون.. وكل فن بديع.. يقول في أواخرها:
إذا جن ليلي.. أشتكي عبر خلوتي
إلى الله ما ألقى من العثرات
هذا الديوان الذي يقع في أكثر من مائة وثلاثين صفحة ضمّ إحدى خمسين قصيدة، وضعف هذا العدد من الرباعيات، صال الشاعر الكبير محمود عارف فيها وجال في ميادين السياسة والاجتماع والأدب، وفي كل ميدان محبب لعشاق الشعر وروّاده.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :944  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.