شمعة مضيئة
|
التَّوازن المفقود!!
(1)
|
|
يبدو أننا في عالمنا (القرية) نعيش (الغفلة) عما يحيط بنا.. وتتحوّل (الغفلة) أحياناً إلى (غباء) يصيب البعض منا! |
ـ ماذا نسمّي هذا (التجاهل) لقيمنا وعاداتنا؟! وهل نغض الطرف حتى يصل الوباء إلى معتقداتنا الدينية؟! |
قبل (البث المباشر) كانت هناك صيحات تنذر بالخطر.. وأقلام توضح أشكاله وتعرض أساليب مواجهته.. فماذا أعددنا لهذه المواجهة؟! |
ـ واقع الحال يشير ـ بلا جدل ـ إلى فشل ذريع لكل ما كنا نأمله من تخطيط إعلامي يضمن نجاحنا في التصدّي لكل تيار ينال من قيمنا وأخلاقنا. |
ومن المؤسف أن نجد بعض الفضائيات العربية تجاري التيار الهدام، بل وتساعده في بث سمومه.. تدعمها أموال عربية استهوتها الإعلانات الفاضحة لتسويق مبيعاتها حتى لو كانت من نوع (الفياجرا)!! |
وإذا استثنينا قنواتنا (السعودية) وقنوات عربية لا تتجاوز في العد أصابع اليد، فإن البقية لا نراها إلا منحدرة نحو الإسفاف والهبوط إلى الأسوأ! |
ورغم أن التحذير المبكر من خطورة (الغزو الفضائي) لم يتجاهل إيضاح طرق المواجهة وكيفية الاستعداد لها (علمياً وفنياً) فإن التطبيق العملي لم يكن على المستوى المنشود.. فغاب (الإبداع العربي) واكتفى فريق العمل بالاستيراد التجاري من الأفكار والبرامج الغربية التي ساهمت في الانحدار. |
ولقد بات (فقدان التوازن) من الأمور المسيطرة على هذا الجانب الإعلامي وجوانب أخرى تتعلّق بالحياة الاجتماعية.. وأصبح التنافس البشري يموج في ميادين الصراعات المادية لتحقيق مكاسب ذاتية.. حتى لو كان ذلك على حساب القيم الإنسانية!. |
إذاً، لا بدّ من الأخذ ـ بعين الاعتبار ـ بمبدأ (التوازن) لضبط المعايير وفق ما نصّت عليه الشريعة الإسلامية. فلا مغالاة، ولا انفلات يؤدّي إلى الهاوية. |
ولعلّي أفيد إخواني القراء بهذه الومضات التي أنقلها من كتاب (التوازن معيار جمالي) للدكتورة غادة بنت عبد العزيز محمد الحوطي وهو من سلسلة (كتاب الاثنينية) التي يصدرها الأديب عبد المقصود محمد سعيد خوجه.
|
ـ تقول الدكتورة غادة: ((والحقيقة إن الله سبحانه وتعالى خلق الكون كله من عناصر مجتمعة مع بعض، تسير (بالتوازن) كما خلق الإنسان الذي هو جزء من هذا الكون من مركبات شتى، ولكنها تكون متآلفة فيما بينها (بالتوازن)، فالكون كله ثابت مطرد لا يختل إلا بمشيئة الله أو عبث الإنسان بينما نجد (التوازن) في الإنسان قابلاً للتغيير وليس له ذلك الثبات والاطراد الموجودان في سائر عناصر المادة.. فالإنسان مُركّب من عنصرين: (المادة)، وهي نفس المادة التي تتكون منها الأرض، (والروح): وقد خلقها الله ولها قابلية التغير، وألهم النفس البشرية الفجور والتقوى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (الشمس: آية 7 ـ 8). وهو بهذا التصريح لا يلغي وجوداً بل لا يحاول أن يلغيه ليقوم مكانه وجود آخر، فهو مثلاً لا يحاول إلغاء الشر الموجود في الحياة لتقوم الحياة على الخير وحده، بل يريدهما متجاورين متعايشين، لاحتياج الحياة إلى ذلك الشر في مواقف معينة وبالطبع لن يسمى عندها شراً)). |
ـ وتقول في حديثها عن ملامح (التوازن): ((إن الإسلام نظام شامل للحياة، لا يلغي وجود المتناقضات ـ كما ذكرت سابقاً ـ بل يقوم الشيئان المتناقضان فيه متجاورين لا يطغى أحدهما على آخر، ولا يمتزجان مع بعضهما بعضاً فينتجان وجوداً ثالثاً يحمل خصائص الشيئين السابقين كما في المفهوم الإغريقي. |
إن الإسلام يدعو المسلم إلى أن يتوازن في التعامل مع هذه المتناقضات من خلال المواقف التي يتعرّض لها، والتجارب اليومية التي يمر بها كما في الكتاب والسنة، ليكون على الدين القيم والصراط المستقيم، ولذلك يجب على المسلم أن يكون يقظاً لا يغفل، عالماً غير جاهل)). |
ـ وعن الحرية في سلوكيات الفرد تقول: ((الشريعة الإسلامية في أوامرها ونواهيها لا تريد من الإنسان الوصول إلى حالة من الجمود والثبات التي تتوقف به بعيداً عن الإبداع والابتكار، وتجعله عبداً مملوكاً للمزاولات اليومية، بل هي تدعوه بكل ما فيها من عبادات إلى التجدد واليقظة والتدبر في الكون)). |
ـ وتؤكّد على ((أن المسلم له أن يختار ما يحلو له من طعام وشراب وملبس ومسكن ما لم يسرف أو يداخله كبر، ولم تحرم عليه الشريعة من تلك الأمور إلا ما يعود عليه بالضرر)). |
وبعد: أحسب أن الفكر الواعي لأهمية الإعلام وخطورته يمكنه أن يخطط لنا أعمالاً فنية لا تتجاوز حدود تعاليم عقيدتنا الإسلامية السمحة، ويمتعنا بمشاهدة رائعة تشاركنا في رؤيتها كل الأسرة.. وأقرب مثال لهذا النموذج النقي قناة (المجد) و(إقرأ) وغيرهما.. والله الموفّق. |
|