شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شيء للفكر
في تكريم الدكتور محمود زيني (1)
بقلم: فاروق صالح باسلامة
يروي المحدث أبو هبيرة الباجي رسالة الإمام الحسن البصري إلى رجل من الزهاد كان يسكن مكة شرَّفها الله تعالى وأنه أراد الخروج من مكة إلى اليمن، يقال له عبد الرحيم الرمادي، وكان الحسن يواخيه فكتب إليه كتاباً يرغبه في المقام بمكة زادها الله شرفاً، والشاهد هنا ما رواه الحسن رضي الله عنه من فضائل مكة وأهلها في قوله صلى الله عليه وسلم.
((ما أعلم بلدة يحشر الله تعالى منها يوم القيامة من الأنبياء والأصفياء والأتقياء والأبرار والصديقين والشهداء والصالحين والعلماء والفقهاء والحكماء والزهاد والعباد والنساك والأخيار والأحبار من الرجال والنساء ما يحشر الله تعالى من مكة وأنهم يحشرون وهم آمنون من عذاب الله تعالى..)) رواه الشيخان. فمكة المكرمة بلد الله المقدس فيها الحرم الشريف والمشاعر المشرفة ودور حلقات العلوم. بيد أن ابناً من أبنائها النجباء وهو الأستاذ الدكتور محمود حسن زيني بجامعة أم القرى، اختاره محب الأدباء ومكرمهم الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ليكون من فرسان اثنينيته العلمية والثقافية والأدبية المشهورة، والدكتور محمود زيني أديب إسلامي الفكر، عربي الثقافة، من حفاظ التراث نزعته معرفية، وتوجهه علمي بمعنى أنه من رجال العلم الميامين ورعاة الأدب الديني والفكر الإسلامي والثقافة التراثية المجيدة، حافظ من معرفته على أصالة هذا التراث الأدبي سواء في كلية اللغة العربية وكلية الشريعة الإسلامية وفي نادي مكة الثقافي الأدبي وفي مجلته المتطورة طوراً عن طور (البلد الأمين) وفي دراساته ومحاضراته وفي مقدمتها كتابه (دراسات في أدب الدعوة الإسلامية) و (شرح قصيدة بانت سعاد) للشاعر المادح النبوي كعب بن زهير رضي الله تعالى عنه.
وهذان السفران جديران بالاهتمام للقراءة والوقوف على فصولهما وبالذات دراسات أدب الدعوة التي طال في تدبيجها بالنَّفَس المطوّل وفي أفكارها بالضياء المنير وفي فصولها بالأسلوب السهل، وفي مسارها بالعلم والدين والثقافة. لقد تناول الأدب الإسلامي درساً بنخبة من أدب النبوة ودعوتها الربانية، وفصاحة النبي وبلاغته صلى الله عليه وسلم وحسن منطقه وجوامع كلمته.. ثم ذكر شعراءه الذين نافحوا عن هذه الدعوة المباركة وعددهم زهاء العشرة شعراء.
وفصل في الحديث عنهم ودرس أشعارهم وقيمها واعتبارها وسيلة إعلامية إيمانية مباركة وأثر الإسلام فيها من الناحية الفكرية والعقدية والدعوية وكيفية أن القرآن الكريم المصدر الأساسي البلاغي في آياته وسوره البينات، لكل شعراء وأدباء الدعوة الإسلامية، بل إن تعاليمه الصالحة المباركة أقرت في الفكر الأدبي لهؤلاء الأعلام من الشعراء والخطباء والبيانيين والبلغاء والفصحاء.. إن كتابه هذا دراسة موسعة عن مسار الأدب الإسلامي على ضوء نظريات النقد الأدبي والبلاغة العربية والدرس النقدي فيه تعمق لآراء النقاد وكبار الأدباء والباحثين من العرب والمستشرقين ومواقفهم اللغوية والفكرية والاجتماعية والنفسية من فكر الأدب الإسلامي واعتباره وسيلة أدبية وبيانية في عصر صدر الإسلام الذي نزل فيه القرآن وهو دستور الدين ودعوته الإلهية على أيام الأمة الأوائل حيث أثر فيهم، وجعلهم ينأون به عن الشعر والأدب كظاهرة إيمانية لحفظ هذا الكتاب وتطبيق تعاليمه، والعمل على دستور جديد قلب حياتهم رأساً على عقب بعد الجاهلية العمياء والأمية العلمية والفساد الحياتي..
وقد استمرت المسيرة الأدبية للشعر والنثر على حد سواء خصوصاً أن الكتاب الكريم.. كتاب الله تعالى.. إنما هو من جملة كلامهم الذي بهرهم لأنه نزل بلغتهم وبهذا الشيء حافظ الشعراء والخطباء على آدابهم وثقافتهم البيانية وتقاليدهم في الكلام الفصيح.. هذه الجوانب من التطور الأدبي لأدب الدعة الإسلامية وأثر الإسلام فيه محصها درساً وبحثاً المؤلف الدكتور الأديب محمود حسن زيني، في كتابه الأدبي الإسلامي وسفره البحثي الأكاديمي ((دراسات في أدب الدعوة الإسلامية)).
وعلى الرغم من أنه كتاب بحث ودراسة وتفصيل علمي إلا إن أسلوب المؤلف حافظ على اللغة الأدبية الشجية والأسلوب البياني الأخّاذ، والتناول العفوي على الخاطر الأدبي، والترسل البلاغي والاستطراد البياني وانتهاج المادة الأدبية لبحثه الدراسي والعلمي الثقافي..
وعلى الرغم من تحديد الأستاذ المؤلف لكتابه بدراسة أدب عصر صدر الإسلام أي عصر بدء الدين الإسلامي فإنه بحث فيه فصولاً كثيرة وأبواباً عدة ومباحث أدبية ولغوية جمة فطال الكتاب وأربى عدد صفحاته على الثلاثمائة صفحة وست وعشرين.. وكان لذلك أثره في إثراء الموضوع.. موضوع الكتاب وإشباعه بحثاً ودراسة.. وهو عمل أدبي مبارك وإصدار ثقافي نافع بعلمه وأسلوبه وفكره وإشراقة بيانه وحسن مساره البياني الفياض ولغته السلسة الأدبية الرائعة..
وقد اخترت في حديثي هذا حول تكريم أستاذنا ووالدنا الدكتور الكبير محمود حسن زيني كتابه إنما كان لتمثله الأنموذج العلمي لما خط قلم الأستاذ الدكتور حفظه الله في رأيي المتواضع وهو الكتاب المرجع في كلية اللغة العربية بأقسامها الأدبية والبلاغية والنقدية لمئات من الطلبة الذين أفادهم به مؤلفه وأستاذهم سواء في المرحلة الجامعية العامة وفي قسم الدراسات الأدبية العليا في ذات الكلية بالجامعة أيضاً.. وظل مرجعاً ومقرراً أكثر من عشرين سنة بل إنه من الناحية الزمنية قد قارب الربع قرن لأنه قد درَّسنيه وزملائي طلاب قسم الدراسات العليا الأدبية في كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى في مكة المكرمة العام الدراسي 1401 ـ 1402 الهجري الأمر الذي تداركته على الفور وفي التو..
وما هذا الحديث إلاّ دلو من دلاء التكريم الأدبي والمعنوي لأستاذنا محمود أطال الله بقاءه وجعل علمه مباركاً وعمله دارّاً وفياضاً بالخير والفضل. وصلى الله على محمد رسولنا المجتبى ونبينا المرتضى أبلغ البلغاء والحكماء..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :327  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 134 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.