شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وجه ثقافي
حمد بن عبد الله القاضي (1)
بقلم: عبد الله الجفري
ـ عرفته منذ كان في ذلك الزمان الذي بَعُدَ بنا، يوم كتَبْتُ له ذات يوم أقول:
ـ ((حلمي الخارج من بعيد البعيد، مذكرات كامنة قرب أعشاش العصافير في الأمسيات الآتية من فوق/ترتوي من عطشي))!!
ولا أحسبه نسيّ تلك العبارة التي كنت أمازحه بها. فأردِّد عنوان شعر بالعامية العراقية: (الريـ..ـل.. يا حمد).. وما زال الريل/القطار: يقطع بنا محطات الزمن تحت قصفٍ متلاحق. وإن كان هذا القطار: فَقَد ضجيجه!!
ـ وعرفه الذين جذبتهم إليه روحه الشفافة، وإنسانيته القوس قزحية.. بأن هذا (الرجل): كاتباً، وإنساناً، ومبادراً بالمواقف الأجمل.. كأنه صار ـ وحده ـ غارس المحبة أبداً في واقع صرنا فيه نعاني من جدب الود وإدِّعاء الإنسانية.. هو الذي وصفته دائماً: فلاَّح أرض المحبة العاكف على سقياها.
* * *
ـ وفي ليلة احتفاء الوجيه/عبد المقصود خوجه في (( اثنينيته )) بهذا الأديب/غارس المحبة: حمد القاضي.. رويت للحضور المحتفي حكاية جعلتها استهلالاً لنبضي المحب. وقد كانت الحكاية على هامش معرض الكتاب بالقاهرة قبل عامين. وفي أسمار الكتّاب العرب المتعارفين والمتصافحين حتى إشعار آخر.. سألني شاعر عربي في (استطراقه) لجمع حصيلة عن الحركة الثقافية في وطننا قائلاً: هل ((حمد القاضي)) صديق لك؟!
ـ ولم أحسب أن السؤال قد فاجأني وخصوصاً أنني بادرته بإجابتي قائلاً: في مجتمعنا الأدبي والثقافي. وبكل أبعاد الجزيرة العربية: كلنا أصدقاء (ما أمكننا ذلك!).. أما ((حمد القاضي)). وقد خصَصْت سؤالك عنه فهو: ليس صديقي، بل أخي الذي سمَّيته: غارس المحبة.. فلاّح أرض المحبة. مَنْ يعرفه: لا بد أن يحبه، بل لا بد أن يبادل ((حمداً)) الحب.. ومن لم يعرفه، لا بد أن شيئاً هاماً وضرورياً ينقصه!
ـ عاد الشاعر العربي يسألني: وهل تعتقد أن في جيلنا هذا ـ وفي محيط الأدباء والمثقفين على وجه الخصوص ـ من يمتلك هذا المنجم من الحب الذي وجدته في ((حمد)).. وأقصد به: منجم المحبة للناس؟!
ـ أجبته: سؤالك لا يتطلب إجابة ـ فيما يلوح ـ بقدر ما يُفتِّش عن أبعاد التأمل في عمق نفسية المثقف العربي. والمبدع عموماً.. إذا ما تأثَّرتْ هذه النفسية بما حولها من أحداث العصر. والمتغيرات. والواقع الإنساني.
وإذن.. فإن مرتكز ((حمد القاضي/أبو بدر)) الشخصي والإنساني، يقوم على المحبة للناس.. ومَنْ تنهض شخصيته على هذه الركيزة/الميزة. فلا بد أن يستقطب محبة الناس له!!
* * *
ـ أما الكتابة عند ((حمد القاضي)) فإنها تنفر تماماً من سيناريو (التَّمسْرح).. أو أنه لن يكون كاتباً مسرحياً، لأنه بطبيعته الإنسانية: لا ينسجم أبداً مع الفصول المتعددة في المسرحية، ولا مع بعض ((الاستئناف)) في تجريد الحدث أو حتى الواقعة.. لكنه كاتب: (مُعبِّر) قد يخسر معركته مع الآلة، أو مع آليات العصر لكنه دائماً يكسب معركته ـ الفكرية على الأقل ـ مع المنطق.. وهو الذي يقول لنا ضمن طرحه: إن للمنطق سنابك غاضبة تسحق التجهيل والافتئات!
ـ إن الكاتب ((حمد القاضي)): أكثر تخصصاً في التعبير عن (الانتماء) الناضج والمنتج. أو أن شغفه بتعميم الانتماء، هو: محبته لأهل وطنه من خلال ما يحاور عنه، ويبدعه كتابة.. لذلك تأتي كلماته: شفقاً، وربما تميمة أحياناً. كما تأتي كلماته: سهلاً تركض فيه خضرة الأمل. وخيول الأماني.. بكل دفقه الوجداني الشفاف!
إنه كاتب يستقي (بذور) الإيمان في رسالته بالكلمة.. ويستنهض الطرقات الباسرة. فتجده يهمي كمطر الربيع: منعشاً وراوياً.. وتجده من عشاق الجذور كجذع شجرة/شاهدة عصر!
إنه أول المدافعين في محاولات قتل الكلمة بتسخيرها.. وآخر الذين يلقون عليها النظرة الأخيرة في حالة عدم جدواها!
إنه كاتب لا يخترق.. ولكنه يطوف كالفراشة حتى اكتمال الزهرة.
ونحسب أن الكاتب ((حمد القاضي)): سيظل مرافقاً جميلاً ومؤنساً لأحلام الإنسان.. فهو هذا ((الفيء)) الممتد حول شجرة معاناة الإنسان حتى شفق الشمس. وطلوع القمر!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :368  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 132 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج