شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وميض
البليهي.. وقضايا النهضة والتقدم (1)
بقلم: عبد الله فراج الشريف
قليل هم الكتّاب الذين يعنون بقضايا النهضة، ويبحثون أسباب نهوض الأمم وتقدمها وأسباب ضعفها وتأخرها، فنحن العرب بصفة خاصة ثم المسلمين بصفة عامة تعرضنا لعوامل ضعف وتخلُّف جعلتنا في العصر الحديث أمة خاملة تابعة لا متبوعة، لم تستطع أن تثبت في سوق المنافسة الحضارية، والأستاذ إبراهيم عبد الرحمن البليهي من مفكرينا القلائل الذين عنوا بهذا الموضوع عناية فائقة، فقد أمضى عمراً في بحث الأسباب والعوامل المؤدية إلى ضعفنا فتخاذلنا ومن ثم تخلَّفنا عن ركب الحضارة الإنسانية التي تتقدم في عالمنا المعاصر بخطى متسارعة، وقد أحزنه هذا الوضع المتردي فأخذ يطلق الأسئلة التي تتجاوز السطح إلى العمق، للبحث عن حلول لمواجهة هذا التخلف والانتقال إلى الفعل الحضاري المؤثر، الذي يقود حتماً إلى التقدم، وله في ذلك أبحاث كثيرة تعالج هذه القضايا بعلمية وموضوعية ودقة وسمته بالمصداقية في كل ما يكتب، وقد اهتم بمسائل النبوغ والإبداع وأساليب التربية الباعثة لهما عند وجود الموهبة، وإن جل ما يكتبه في مجال التنمية والفكر وفلسفة التاريخ يصبُّ في هذه الناحية ذات الأهمية القصوى في معالجة مشكلات مجتمعنا العربي المعاصر بصفة عامة، ومجتمعنا السعودي في محيطه الضيق بصفة خاصة، رغم ما تثيره هذه الكتابات من حرج عند من يضيق أفقهم العلمي، فيظنون أن كشف جوانب الخلل والقصور في تفكير مجتمعنا إنما هو بحث عن سلبياته وللتغطية عن إيجابياته، وقد تابعت الأستاذ إبراهيم منذ سنوات طويلة عبر مقالاته، التي أرى أنه يعدها بعناية فائقة وبتروٍّ شديد، وبتقصٍ علمي ومنهج بحث سديد، فإذا هي بحوث علمية مستفيضة تنشر على حلقات عبر الصحف والمجلات، وهو فعل نادر في ساحتنا الثقافية، التي يعتمد روادها على المقالة القصيرة السريعة التي في الأغلب تناقش هموماً يومية ينتهي الاهتمام بها بمجرد ظهور المقال وقد أعجبت بالأستاذ إبراهيم مفكراً عميقاً في كل ما يطرح وتابعته باهتمام بالغ رغم أني قد اختلفت معه في بعض ما يطرح أحياناً،ولكن اختلافي معه لا يعني أني لا أدرك عظم أهمية دوره في ساحتنا الثقافية، وهو الذي مضى عليه فيها زمن طويل يجهد ويجاهد، ولعلّ ثقافة الأستاذ إبراهيم الواسعة، والتي ضمت إلى ثقافته العربية الإسلامية ثقافات أُخر معاصرة، جعلت له أفكاراً أكثر شمولية وأعمق تدبراً للوضع العربي والإسلامي العام، وهو مفكر إسلامي يركّز على مقاصد التشريع لتكون وسيلة لفهم أعمق للشريعة الإسلامية، فهو يرى أن هذا هو الأسلوب الأجدى والأنفع في معالجة قضايا ومشكلات فقهنا الإسلامي في هذا العصر، والأستاذ إبراهيم فيما أظن مثلي قد تخرَّج في كلية الشريعة حينما كانت الإجازة التي تمنحها لطلابها تسميها الليسانس، ولعلّي سبقته في التخرج، ولكنه سبقني في العمل بفكر عربي وإسلامي معاصر، ولكن كلانا يحمل ثقافة عربية وشرعية أسست لثقافة أوسع عبر قراءتنا المتواصلة والمتنوعة، ورغم أن عمله الوظيفي منذ تخرُّجه بعيد كل البعد عن تخصصه حيث عمل في وزارة البلديات. ورأس عدة بلديات في مختلف أرجاء الوطن بدءًا من حوطة بني تميم وانتهاء بحائل، ثم تسلَّم مناصب كبيرة في الوزارة المسؤولة عن البلديات، إلا أنه ظل منذ اليوم الأول لالتحاقه بالعمل الوظيفي مهتماً بالفكر والأدب مشاركاً في ساحتهما ومنتمياً إلى نادي القصيم الأدبي، ولكنه أيضاً شديد الاهتمام بعمله الوظيفي يكتب البحوث لتطويره، فله كتاب (حائل والخدمات البلدية) وهو بحث مطول عن بعض الحلول للمشكلات التي تعاني منها البلديات، وله بحث مطول آخر وهو بحث مطول آخر عن برنامج تشجير وتجميل مدن القصيم، كما أن له كتاباً في 300 صفحة عن الأستاذ سيد قطب ـ يرحمه الله ـ وتراثه الأدبي والفكري.
وتظل أبحاثه الفكرية العميقة في أسباب النهوض والتقدم وعوامل التخلف والتي نشرت عبر الصحف والمجلات أهم ما كتب، ولا أظن إلا أنه سيحملها لنا في كتاب أو عدة كتب يسهل بذلك علينا العودة إليها في كل حين لأهميتها البالغة، ونحن اليوم سعداء بلقائه في مدينتنا عروس البحر الأحمر (جدة).. في دار وجيهنا الأستاذ عبد المقصود خوجه، الذي يقدم لنا دوماً أجمل المناسبات للاحتفاء بعلمائنا وأدبائنا ومفكرينا الذين لهم عظيم الأثر في ثقافتنا فنسعد بالاستماع إليهم والتحاور معهم والإفادة من علمهم وفضلهم، فأهلاً وسهلاً بأخي إبراهيم البليهي بين إخوانه ومحبيه الذين ينتظرون لقاءه وكلهم شوق إليه، والشكر موصولاً لأخينا الكبير عبد المقصود خوجه فله منا كل الاحترام والتقدير وفقه الله وسدَّد خطاه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :383  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 121 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج