شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وميض
محمد رضا نصر اللَّه وليلة الوفاء (1)
بقلم: عبد الله فراج الشريف
الوفاء عملة نادرة في أزمان الجحود، والأوفياء في زمن الزيف هم أعظم الشرفاء، الذين يجعلون الحياة أبهى وأجمل، وفي مساء يوم الاثنين 8/2/1423هـ كنا على موعد مع الوفاء في أبهى صوره، فقد كانت ليلة صفا لنا الزمان فيها، فالتففنا حول أخ كريم تقنا منذ زمن طويل لتكريمه، هو الأستاذ محمد رضا نصر الله، بكل ما يمثله من إنجاز ثقافي، جدَّ منذ سني مراهقته الأولى في العمل له، حينما كان يقطع مراحل التعليم المختلفة، وباشر خطواتها العملية والهامة، وهو لا يزال على مقاعد الدراسة في الجامعة، لم تصرفه المغريات حين الطفرة التي مرت بها بلادنا، والتي صرفت حين حدوثها كثيرين من الشباب عن الطموح لتحقيق أي إنجاز علمي أو فكري أو أدبي، فكان همهم الثراء العاجل، كما يقول شيخنا الناقد الدكتور منصور الحازمي، الذي يحمل في صدره قلباً أترع بالمحبة والوفاء، وحتى أصبح محمد رضا نصر الله الكاتب المبدع، الذي أثرى العمل الصحفي بتجاربه، حينما عهد إليه الإشراف على الملحق الثقافي لجريدة الرياض، والمحاور المعد لبرامج ثقافية ناجحة تستضيف أهم الشخصيات الثقافية في وطننا العربي.
وقد أحببنا في شخصية محمد رضا نصر الله عشقه لهذا الوطن، الذي يجمعنا حبه والانتماء إليه، هذا العشق الذي امتلك عليه فؤاده فلم يبق فيه موضع لغيره، وصبغ كل ما يصدر عنه بوطنية عالية الوتيرة، كما أثار إعجابنا به دأبه الدائم للانتقال من نجاح إلى نجاح، بطموح لا تقف العوائق في سبيله مهما تكاثرت، وأحببناه حتى عندما يكون مشاكساً، ومختلفاً عنا حيناً في الرؤى أو الآراء، فقد أكسبته الثقافة نبلاً، فكان في جدله وحواره عف اللسان، قوي الحجة والبيان، يخاصم في فروسية لا تعرف الخسة والابتذال، وكنت أتابعه دوماً عن بعد، وأزنه بمعيار الثقافة لا العلاقة الشخصية، وأعتبره من رموز ساحتنا الثقافية، الذين يحق لنا أن نعتز بهم ونفتخر، فلما لقيته عن قرب وتكرر اللقاء تأكد لي ما كنت لأجله به أعجب، من ثقافة متنوعة شاملة، وطموح لا تحده المعوقات مهما كانت كثرتها، وفوق ذلك دماثة خلق ورقّة عاطفة وسماحة نفس، ورأيت أن همه الأول وطنه ومواطنوه، يرنو دوماً إلى تقدم له ولهم، يحقق لهم عزة وكرامة، وحينما قدم عبر التلفاز برنامجه الحواري الأول ودقَّت ساعته، استمعنا إلى صوته واضحاً نقياً، وكنا من قبل نقرأ حرفه متوهجاً، فإذا الوضوح والجرأة المحمودة منهجه في الحقلين حينما يكتب وحين يعد ويحاور، وترسَّخ نهجه عبر برنامج آخر وثالث، والتقى أهم الشخصيات الثقافية العربية ذات البريق والشهرة، وحوارهم بجدارة، واستطاع من خلال حواره لهم أن يحاكم أفكارهم ومشاريعهم الثقافية دون أن يستفزهم أو يشعرهم بأنه إنما يسعى للكشف عن مثالبهم أو سلبياتهم، كما يفعل بعض المحاورين في عالمنا العربي، وتعددت علاقاته الثقافية حتى شملت أرجاء الوطن العربي كله، ولم يزده ذلك إلا تواضعاً.
وحينما دعاه الرجل النبيل عاشق الكلمة الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجه، ليكرمه بحضور نخبة من مثقفي هذا الوطن الأوفياء، في عروس البحر الأحمر (جدة) التي نهوى ونعشق، كنت في فترة نقاهة من وعكة صحية ألمت بي، نصحني الطبيب أن ألزم الفراش، ولكني لم أستطع صبراً فغادرته لأحظى بلقيا الأديب الإعلامي، الذي أعجبت به وتابعته، وأن أشارك في تكريمه، وقد كان ما أردت واستمعت إليه يروي طرفاً من تجربته الثقافية، ويجيب عن أسئلة إخوانه بأسلوب رصين، وعشنا جميعاً ليلة من أجمل ليالي الوفاء، في حضن أجمل مدننا وأغلاها علينا بعد أم القرى، واستمعت على لسانه لحن الوفاء للقطيف مسقط رأسه ومدرج طفولته وصباه، وهي المدينة التي تميزت بحركة ثقافية ناشطة ومبكرة، وامتلأت دورها بالمكتبات الخاصة، في بيوت اشتهرت بالعلم والفكر والأدب.
وعلى الأستاذ محمد رضا نصر الله، وإخوانه الظرفاء من أدباء المنطقة الشرقية أن يعرِّفوا بدورها الثقافي وما تميزت به بيئتها من بعث للفكر والعلم والأدب وسيلة تنوير ونهوض، فلأخي الأستاذ محمد رضا نصر الله مني كل الوفاء، وكل الإجلال والتقدير لدوره في ساحتنا الثقافية وفقه الله وسدد خطاه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :270  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 118 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ترجمة حياة محمد حسن فقي

[السنوات الأولى: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج