شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
آماد
((أتيناك نثني بالذي أنت أهله)) (1)
بقلم: عبد القادر بن عبد الحي كمال
الإنسان ((أيّ إنسان)) في مسيرة حياته بين سابقٍ ومسبوق، إن شاء رفع نفسه بأخلاقه وتهذيبه، بتساميه ونكران ذاته، بعفّته وعزّة نفسه، بإبائه وترفُعه، بحلاوة لسانه وطيب معشره.. وهذه صفات تمثّلت في الأخ الصديق الأديب الأستاذ حمد بن عبد الله القاضي وتجسّدت به، أحبّه النّاس لمكارم أخلاقه وطيب سجاياه، أحبَّه النّاس لطيب معشره وكريم خصاله، أحبّه الناس لأنه محب للنّاس كل النّاس، فكان بينهم كالنّسيم العليل، وعندهم كالظل الظليل، كلٌ يفرح به، وكل القلوب تهوي إليه. وعندما علمتُ أنه سيكرَّم ((وهو أهل لكلّ تكريم)) في اثنينية الأستاذ الأديب عبد المقصود خوجه، حرصتُ أن أُشارك بجهد المقل، فكانت هذه المشاركة: أيها الأحبّة في الله، تمنَّيتُ أنّي مع وبين هذه الباقة الطيّبة التي جاءت حفيّة بالأدب، راعية للكلمة. تمنَّيتُ أنّي مع هذه الوجوه المسفرة التي لم تمتصّها الدّنيا بأوشابها وأوصابها، فبقيتْ على وفائها للعلم وأهله تكريماً، وللثقافة تعظيماً، تهرع إلى ناديه، وتُسرع إلى مُنْتداه.. تمنّيتُ أنّي بينّكم ومعكم أُهنأ برفقتكم، وأتشرّف بهذا الجمع الخيِّر الذي يرعى الأدب ويراعيه ويحفل بسوقه وناديه.. وفارس الليلة الصديق الصدوق الأستاذ حمد بن عبد الله القاضي عاشقٌ من عشّاق الكلمة، وفارسٌ من فرسان المعرفة،مغرم بالعلم، ومولعٌ بالثّقافة، حفيّ بالأدب وأهله، أخذتْ بمجامع قلبه الكلمة المجنّحة، واحتضنتْهُ جوامع الكَلِمْ، فحلّق وأبدع، وسار وانْتجع، يقطفُ من الأزاهير الشّذىَ، ومن الورود العبير، ومن النّور عطره الفوّاح، ويتفكّه بثمار الأدب ما وسعه أن يتفكّه.. فارسٌ احترم الكلمة، فاحترمه النّاس وقدّروه لأنّه صاحب قَدْرٍ واقْتدارٍ، ونسب وفخار، من أسرة رَبَتْ في رياض الأدبْ، وربّيتْ في أرباضه، من أسرة القَاضي العريقة التي نبغ شعراؤها فتحدّثتْ بهم الركبان، وأحسب فارسنا يتمثّل بقول الشاعر:
إنّا لَنَبْني علَى ما شيّدتهُ لنا
آباؤُنا الغُرُّ من مجدٍ ومن كرم
إنّي وإن كان قومي في الورى علماً
فإنّني علمٌ في ذلك العلم
فارسُنا أنجبتْهُ أمّ مُنْجبَةٌ، أعقبتْ أبراراً، وأنجبت أخياراً، إنها الفيحاء ديرةُ الغَضا، ومأْرزُ الكرم، ومنْتدى الشّعر والشعراء:
((ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة
بجنب الغضا أُزْجي القلاص النّواجيا))
((فليت الغضا لم يقْطع الركب عرضه
وليت الغضا ماشى الركاب لياليا))
((لقد كان في أهل الغضا لَوْ دَنَا الغضا
مزارٌ ولكنّ الغضا ليس دانيا))
نعم والله في أهل الغضا مزارٌ وألف مزار، والغضا لم يعدْ نائياً. بل أصبح دانيا.. قَرُبَ واقْتربْ، قَرُبَ بأخلاق أهله، واقْترب بكرمهم وطيب حفاوتهم.. أنجبتْ الأم المُنْجبة خيار الناس وأخيارهم، منهم رجلٌ تحدّثتْ بكرمه ومروءته الركبان، وأصبح محموداً على كل شفةٍ ولسان ذلكم هو الشيخ الجليل والسفير الشّهير محمد بن حمد الشّبيلي رحمه الله، تُروَى عن كرمه ومروءته أحاديث كأنّها الأساطير.. أنْجبتْ عُنيزة الفيحاء أبا سليمان الذي وقَاهُ الله شُحَّ نفسه فكان خير سفير لهذا الكيان الكبير، رحمه الله رحمة الأبرار، وأنزله منازل الأخْيار، فلم يكن هلْكُهُ هَلْكَ واحد، ولكنّه بنيان قومٍ تهدّما.. وأنجبتْ الأم الولود ((عُنيزة أُخت الدرّاري والدُّرر الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، علامة نجد في وقته، والذي توفي رحمه الله قبل أربعين عاماً، وكان رحمه الله قد أفتَى بجواز نقل الأعضاء. وأنجبتْ الشيخ القاضي صالح القاضي رحمه الله، والذي تلقَّى تعليمه في الأزهر، وهو من أجداد فارسنا الأستاذ حمد القاضي.. وأنجبتْ أوّل سعودي حصل على شهادة الدكتوراه، وهو الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخويطر، وهو من تعلمون علماً وفضلاً وتواضعاً وخُلقاً، وأنجبت أوّل طبيب سعودي وهو الدكتور حمد العبد الله البسّام، وأنجبتْ آل الجفّالي روّاد الكهرباء في مملكتنا الحبيبة ومن عنيزة آل السّليم، وآل العثيمين، وآل الزامل وغيرهم من الأسر العريقة الماجدة المجيدة.
((أولئك أقوامي فجئني بمثْلهمْ
إذا جمعتْنا يا جرير المجامع))
بقيتْ لي كُليمات، أُشيد فيها بصاحب المنتدَى،الذي تكرَّم فكرَّمْ، كرَّمَ العلم والثقافة والأدب، وأصبح مُنْتداه علماً يُذكر ويُشكر، فتح قلبه قبل داره، وتحمّل في ذلك ما تحمّل، تشجيعاً للثقافة، وتحفيزاً لرجالها واحتفاءً بأهل العلم والأدب، إنّه الوجيه الأستاذ عبد المقصود خوجه، الذي نافس النّوادي الأدبيّة، وكان منتداه أوّل نادٍ أدبي في جدة، وها هي اثنينيتهُ تزهو بمطبوعاتها وطباعها. جعل الله ذلك في موازين حسناته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :333  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 99 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.