شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عالم بلا حدود
أبو فرات وأعمار الطغاة (1)
بقلم: فاروق لقمان
قضيت عدة أيام مع كتاب رائع ألفه الدكتور زاهد محمد زهدي عن الشاعر العربي الراحل محمد مهدي الجواهري الذي سماه المؤلف ((صناجة الشعر العربي في القرن العشرين))، ولفت نظري وأيضاً إعجابي سلاسة أسلوب ومنهجية المؤلف في إعداد كتاب عن أشهر شاعر عراقي وأحد أكبر شعراء العربية في القرن الحالي، على الرغم من التصاقه الشديد ببطل كتابه وانبهاره البائن به منذ طفولته.
وكنت قد حضرت حفلة تكريم للجواهري أقامها الأديب عبد المقصود خوجه في داره العامرة في جدة ألقى خلالها المؤلف قصيدة عن بطله لم يخف فيها افتتانه بها. ومما زاد احترامي للمؤلف التزامه المنهجية العلمية في تناول مادته وكأنه كان يحضر لنيل الدكتوراه فيها ـ التنظيم والتقسيم والتبويب والشرح والتفسير والاستشهاد والقياس والمقارنة بفحول الشعر العربي منذ العصر الجاهلي.
ولا بد أن المؤلف كان ينوي تحضير تاريخ للجواهري حتى وهو على قيد الحياة لأنه جمع في سفره الحالي مادة قد يستغرق جمعها أكثر من السنوات الأربع المعتادة للفوز بالدكتوراه. وإذا كان هذا المقام المحدود لا يتسع للاستشهاد ببعض أعظم ما جاء في الكتاب الذي يبلغ 600 صفحة، فقد نجح الشاعر والباحث القدير في تقديم صورة رائعة وجامعة لبطله ستظل مرجعاً مهماً للدارسين في تاريخ الجواهري في الأجيال المقبلة.
عايش الدكتور زاهد المؤلف منذ أن كان صديقاً لابن الشاعر فرات في العراق. وسجل له قصائده وخطبه وبعض أقواله في المناسبات الوطنية، في القريض والهجاء على السواء وإن كنت أتوق لقراءة ما نظمه صناجة العرب في الغزل والنسب لما يحتويه هذا الشعر من رقيق العبارة وجميل التصوير وشطحات الخيال وحلاوة الرسم بالكلمات. قدم للكتاب الدكتور محمد عبده يماني فيما سماه ((نقد النقد)) واستشهد بالبيتين التاليين من شعر الصناجة:
ولا تعجبوا أن القوافي حزينة
فكل بلادي في ثبات حدادي
وما الشعر إلا صفحة من حياتها
وما أنا إلا صورة لبلادي
وقال الشاعر الكبير غازي القصيبي:
أأبا الفرات سقت ثراك غمامة
تذرو عليه جواهراً وكواكبا
باقٍ وأعمار الطغاة قصيرة
شعر ضمنت له الخلود الصاخبا
وكانت حياته حقاً صاخبة، إذ امتدت عبر سني هذا القرن أو 90 على وجه التحديد، قضى منها عشرات في المنفى التشيكوسلوفاكي ودفن في دمشق، بعدما أعلنت حكومة بغداد إسقاط الجنسية عنه، وكأنها بذلك تستطيع بجرَّة قلم بيروقراطية إلغاء تاريخه الضخم من موسوعة الشعر العربي.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :454  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 87 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج