شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المنَّاع كما عرفته (1)
بقلم: محمد صادق دياب
لست أدري لماذا كانت (( اثنينية )) العزيز عبد المقصود خوجه التي احتفت بالدكتور عبد الله مناع في الأسبوع الماضي أكثر إغراء لي من كثيرات غيرها.. هل هي بقايا عصبية ((حاروية)) في داخلي تجعلني احتفي بابن حارتنا ((حارة البحر)) تلك الحارة التي شكلت طفولتنا معاً رغم فارق التوقيت، فأنا أدرك أن لتلك الحارة خصوصياتها الاجتماعية والسيكولوجية التي تجعل من مجتمع تلك الحارة عائلة واحدة يربط أفرادها الانتماء المهني إلى البحر والانتماء النفسي إلى مناخات تلك الحارة ببيوتها العتيقة وأزقتها الرطبة الضيقة وبرحاتها السامرة بـ ((الصهبة)) و ((السمسمية)) و ((الموال))؟ أم ترى أن الذي كان يشدني للاحتفاء به في داخلي مواقف وذكريات خاصة أبرزها أنني على يديه خلعت ثوب الوهم الذي ارتديته في مرحلة من طفولتي ومراهقتي حينما ظننت أنني أمتلك موهبة شعرية فأضعت الكثير من الوقت في صياغة ما كنت أظنه شعراً حتى بعثت بإحدى تلك القصائد إلى الدكتور المناع الذي كان يشرف على صفحة للقراء في إحدى الصحف ـ وكنت لا أزال في مقاعد الدراسة ـ وحدث ما لم أتوقعه إذ انهال على قصيدتي تعليقاً بل وتجريحاً لأعلن من حينها توبتي من الشعر محملاً المناع مسؤولية إخماد صوت ((شاعر)) كان يمكن أن يضيف إلى معاناتكم مع بعض ((المتشاعرين)) عناء!..
ولكن يخيل لي أن احتفائي الداخلي بالمناع أكبر من انتماء الحارة وأرحب من المواقف والذكريات الخاصة، فالمناع في نظري هو من أولئك الناس القلائل القادرين على إيجاد تناسق وتوافق بين أفكارهم المعلنة وسلوكياتهم بحيث يصعب أن تجده في موقف يتناقض فيه مع فكرتك عنه شموخاً ووضوحاً وصدقاً.
وهو في ميزان الكلمة المكتوبة ينتمي إلى الحق والجمال والتفاؤل. فالانتماء إلى الحق يتمثل في أمانة الكلمة لديه، فلم نقرأ له مدحاً في غير أهله ولا ذماً في غير موضعه.. فالكلمة لدى المناع ليست سلاحاً ولكنها مصباح فهو يدعو إلى الحق بإعلان الحب.. أما انتماء قلمه إلى الجمال فيستدل عليه من قاموس مفرداته الانتقائي الذي يجعل عباراته تحتفظ بأناقتها وجمالياتها سواء كتب عن الحرب أو الحب. أما التفاؤلية التي يتسم بها قلم المناع فهي ردة الفعل الطبيعية لتلك الشخصية المنبسطة فهو صاحب بوصلة تشده دائماً إلى الغد، فهي لا تتعلق بالماضي ولا تقف كثيراً عند تخوم الحاضر، ولكنها تعيش الآتي حلماً وترقباً وانتظاراً.
ذلك هو المناع الكاتب والإنسان كما عرفته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :405  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 27 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج