في الوقت الضايع
|
د. منصور الحازمي.. أو جيل القنطرة
(1)
! |
|
قدر لي أن أكون واحداً من ذلك الحشد الكبير الذي تقاطر على اثنينية الأستاذ عبد المقصود خوجه.. في أمسية ماتعة كان جواد الحلبة فيها الدكتور منصور الحازمي. |
ولم أكن لأقف على هذا الكم الهائل من الجوانب المتعددة في حياة أحد روّاد الأدب والثقافة في بلادنا.. شأني شأن الكثيرين.. ما سر القصور هذا هل هو ذاتي محض.. أم أنه يخاشرنا في ذلك ويشاركنا أجهزة أخرى متعددة. |
وربما أن الطبيعة الأكاديمية للدكتور الحازمي.. قد جعلتنا لا نكاد نتابعه إلا من خلال ما بثه في الصحف السيارة أو المجلات.. ولكن مذيع الحفل من خلال مقدمته.. وضعنا أمام قدرة هائلة لإنسان ذي قدر كبير.. |
جيل القنطرة: |
والتقط هذا التعريف من على لسان الدكتور الحازمي.. الذي حفظ للزميل محمد نصر الله حقه.. فقد صنع هذا التعريف.. ويعني بذلك أن الدكتور منصور وجيله هم القنطرة التي عبر من خلالها الجيل الذي سبقهم إلى الجيل الحاضر.. أو بمعنى آخر أنهم هم الذين كان لهم الفضل في الربط بين ثلاثة أجيال كهمزة وصل. |
كم هو مظلوم الرعيل الأول: |
وقد تألق الحازمي كثيراً عندما وضع أعيننا وأيدينا على حقيقة مذهلة وهي أن معظم تراث الرعيل الأول قد أصبح ركاماً تعج به صفحات الجرائد القديمة.. وقد تألق أكثر عندما أنصفهم.. وزاد في تألقه عندما باشر شخصياً.. في تأليف معجمه عن أم القرى وما كاد يفرغ منه حتى اتبعه بمعجمه عن صوت الحجاز.. وهو على حد قول أبي مدين.. قد ترك رواده غارقين في باحة السؤال.. متى وكم.. وبعد أي عدد من الأيام أو الشهور سيفرغ منه.. فالرجل قد التهم العمل الإداري جل وقته.. الأمر الذي أنكره عليه (حفاوة به واعترافاً بفضله) الكثيرون من زملائه وطلبته.. وناشدوه بأن لا تأكل دوامة العمل فيه مقوّمات العطاء الإبداعي. |
لا بد من فريق والمكتبات أولى بذلك: |
وفي تواضع العلماء وفي تعامل مباشر وتجرد مع الحقيقة قال الدكتور الحازمي إنني كفرد أعجز وتقصر بي إمكاناتي عن تحقيق هذا العمل الكبير.. بل ذلك يحتاج إلى فريق عمل قسم المكتبات وأجدر وأكثر أهلية بذلك.. فهذه لعبتهم وفنهم ولا مانع من أن أتولى الإشراف عليها. |
أمنية على أقسام المكتبات: |
والآن وبعد أن رمى الدكتور الحازمي بالكرة كما يقولون في ملعب أقسام المكتبات أو كما أعطى القوس لباريها، |
فإننا نتوق إلى أن تنهض هذه الأقسام بهذا الدور الوطني العلمي والأدبي والذي يؤرخ للحركة الأدبية والفكرية في بلادنا.. وحتى لا تنقطع جسور الماضي وحتى لا يقال عنا إننا أمة بلا تاريخ.. وأن يرصد في صدق نتاج وفكر وثقافة الرعيل الأول. |
المتعة لا حد لها: |
ومن واقع تجربة الدكتور الحازمي الرائدة فهو قد وجد متعة لا حد لها بين صفحات الجرائد وهو يقلب من خلالها الأيام الخوالي.. متفحصاً في الآثار الأدبية والفكرية والثقافية ويكاد يؤكد على أن هناك ثروة كبيرة هي ذخيرة للعديد من الكتب تسد فراغاً.. خلفه غياب أولئك الرعيل لمجرد موتهم.. وإننا وقد نبهنا الدكتور الحازمي من باب اللَّهم هل بلغت اللَّهم فاشهد.. فإننا نعلق الأمل.. والمسؤولية والأمانة في أعناق المتخصصين من رجال المكتبات وطلبتهم في أن يزيلوا الغبار الذي علا نتاج حقبة زمنية في حياة الأمة. |
الدكتور الحارثي وأسلوبه الساخر: |
وكان الدكتور فهد العرابي الحارثي بحق نجم التعليق.. فهو وإن أعد ذلك كتابة ليخرج من دائرة الارتجال.. وعذره في ذلك أنه أراد أن يعي فراغ وقت الطائرة إلا أنه أخذ الجميع وصادر منهم الدقائق.. والانتباه.. فقد كانت كلماته مرصعة.. وذات بريق وشفافية. |
وغادر ذاته ومن على بعد نظر أولاً إلى الدكاترة منصور الحازمي.. وخالد البدلي وعزت خطاب.. وعبد الرحمن الأنصاري.. وهم طلائع النهضة العلمية المباركة.. نظرة غريبة فمع أنهم كانوا عناقيد مدلاة.. كالمشاعل، |
إلا أن الدكتور الحارثي.. نظر إليهم على أنهم.. أصحاب رقاب طويلة وأقدام ناحلة.. وأجنحة ذات ريش غزير.. وكأنه (يرمز إلى الطواويس) لعلّه أراد المداعبة.. ثم إن هؤلاء كانوا يمشون على رصيف.. والناس والأمة تمشي على رصيف آخر.. وكأني بالدكتور فهد أراد أن يثمن مدى تفوق هؤلاء.. وندرة وجود أمثالهم ويسجل لهم حق السبق. |
إلى أن أتت الطفرة.. فأصبحت لا ترفع حجراً إلا وتجد خلفه دكتوراً.. فانزووا في ركن بعيد.. وكأنه أراد أن يلمز من قناة بعض الدكاترة.. ويشير في حركة ساخرة دونها (الكاريكاتير) إلى مدى الكساد أو لنكون أكثر دقة ونقول الوفرة وعلى أي حال فقد هتف له الجميع لروح الدعابة التي امتاز بها فقد برهن على أنه أيضاً يزاحم الدكتور الحازمي.. في امتلاك ناصية البيان الساخر.. فقط بأسلوب أكثر شبوبية وعصرية وعلى أي حال.. فقد نجحت الأمسية.. في كشف النقاب عن قدرات علمية ذات جلال ووقار.. كالدكتور الأنصاري.. والدكتور عزت الخطاب.. وجعلتنا نرقب الأفق بكثير من التطلع إلى غد مشرق.. نجد فيه تلامذة هؤلاء.. وقد تحقق لهم من خلال التطبع بأسلوبهم.. الكثير من الرقي والتقدم العلمي والذي سينعكس أثره على البلاد.. إن شاء الله. |
|