في الوقت الضايع
|
العربية هي السبيل لبناء قوة الإسلام
(1)
|
|
يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً..(البقرة: 269) صدق الله العظيم إنها حكمة الله البالغة.. أن يستودع في قلب ذلك الرجل الذي لم يكن يعرف عن العرب إلا ما يصل إلى سمعه من لغتهم.. حين كان يتحدث بها التجار الذين يصلون إلى الهند. |
وفجأة تتداعى المعاني.. وتنداح الصور أمام هذا الرجل الكبير سناً وقدراً وشموخاً. أن من أعنيه هو الداعية الإسلامي الكبير أحمد ديدات.. شدني إليه مشهده التلفزيوني في مناظرته مع القس الأمريكي سوجارت.. وسط حشد هائل من المسلمين والنصارى وكيف كانت هامته تتمادى في شموخ وإعزاز. وأدركت سر عظمة هذه الآية الكريمة التي وضعتها لتستقر.. فوق هامة هذا الموضوع. |
إن مندوب مبيعات الموبيليا (سابقاً) وهو اللقب الوظيفي الذي يفاخر به ويصر عليه هو رئيس مركز النشر الإسلامي في ديربان بجنوب أفريقيا.. عالم من علماء الإسلام منحه الله موهبة فائقة في أن يسخِّر جهده ولغته وخبرته في الأديان المقارنة.. مع تخصص في فك طلاسم فلسفة المسيحية.. وأصبح بذلك صاحب شهرة عالمية.. حصل على جائزة الملك فيصل.. وعرضت عليه الدكتوراه الفخرية.. فرفضها. |
قل يا أهل الكتاب تعالوا: |
وينطلق في دعوته.. وفي منهاجه لهذه الدعوة من منطلق الآية الكريمة قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً (آل عمران: 64).. وهكذا يأتي هذا النداء الرباني على هيئة عرض سخي.. ودعوة كريمة.. تخاطب وجدان وعقل وضمير كل كتابي. |
وتحت مظلة هذه الآية الكريمة.. يعمل الداعية الإسلامي أحمد ديدات.. وهو يرى أن في هذا تكليفاً سماوياً.. في عنق كل مسلم.. ويتملكه الذعر.. والعجب في آن، عندما يجد أن الأقباط في مصر.. والمسيحيين في فلسطين والشام ولبنان.. واليهود.. في الدول العربية بأسرها وعلى مدى 14 قرناً أخذ عددهم في تزايد مطّرد. |
وهذا له دلالة فاضحة على قصورنا.. فنحن لم نحاول أن نتجاوب مع الدعوة الكريمة.. ونقرع بها آذان وأفئدة هؤلاء. |
ولقد كان ينبغي لنا أن يكون لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فهو ما إن استقر به المقام في المدينة حتى وجّه رسائله الشهيرة والتاريخية للفرس والروم.. ولمصر واليمن. |
الغزو المسيحي: |
ولعلّنا نصاب بالاكتئاب وبالحسرة.. عندما تدك حقيقة الأمر من خلال واقعها الأليم فينا.. كل مكامن الإحساس ونحن نستشعر أن المسيحية قد استهدفت الإسلام في مخطط رهيب.. في شرق آسيا. |
ففي أندونيسيا.. تحول الآلاف من الإسلام إلى النصرانية تحت وطأة الحاجة.. ولعدم وجود الحصانة الإسلامية.. والناجمة عن قصور المسلمين.. وإمعاناً في الألم ففي أفغانستان الجريحة نحو 76 بعثة مسيحية تمارس التنصير.. وتسرق أولاد المسلمين دون هوادة.. مستغلة الظرف السيّىء.. وتحت سحابة الإغاثة لهذا الشعب الكريم.. ولكن بطرقهم الخاصة. |
ولكي نلمس مدى قصور الحركة الإسلامية عن التصدي والمواجهة لهذا التحدي المسيحي العالمي.. فإن عدد البعثات الإسلامية 6 بعثات مقابل 76 والعددية فقط هي المقياس على الفارق.. وعلى الفاعلية على الأرض. |
وخصوصاً آثار تلك المدارس التي فتحت لأطفال المجاهدين والأيتام منهم على وجه الخصوص وفي باكستان يوجد أكثر من 70 ألف مسيحي.. يقومون بالحركات التنصيرية ومن المؤلم أنهم يوزعون كتيبات، كتب باللغة العربية كأمثال: الله محبة.. ويخال المسلم الذي لا يجيد العربية.. أنها الله ـ محمد.. أو عبارة أبانا ويخالها المرء.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة.. وقد انطلت على الشيخ أحمد نفسه ويزيد في مرارة الواقع أن هؤلاء من البعثات يستخدمون إذاعة إسلام آباد في نشر إعلاناتهم في برنامج نصف ساعة.. وفيه إعلان سافر على مجانية الإنجيل من خلال البريد.. وفي مختلف أنحاء العالم يوزعون مجلات دورية أسبوعية وشهرية تزيد على 30 مليون نسخة في 103 لغات. |
استخدام العربية قنطرة: |
ولقد بلغت الجرأة والوقاحة بهؤلاء أن طبعوا الإنجيل بترجمة العربية.. ولم يكتفوا باللغة العربية الفصحى بل تجاوزوها إلى اللهجات مطبوعة بإحدى عشرة لهجة.. ليطفوا حقدهم الأسود على القرآن ولغته.. وليميعوا هذه اللغة الأصلية.. وليصيبوا بناء الأمة العربية بالشروخ.. وبالتصدع وليكرسوا.. الفرقة فاللغة العربية هي القاسم المشترك الأعظم، |
تناولوها بمعاول الهدم.. ومن هنا تعالت الأصوات الآثمة والواغلة.. في إناء الخطيئة.. كسعيد عقل.. يوسف الخال.. والدكتور لويس عوض.. ومن شابههم لإعطاء اللهجات.. فرصة أكبر للتعبير.. وأثاروا جدلاً بيزنطياً نحو وحدة اللغة أو الأرض.. كما أثير في مصر.. العربية.. أو الفرعونية. وقدم الشيخ ديدات.. صوراً.. لرسائل وصلت إلى جدة.. على صناديق البريد بل وإلى بعض العناوين.. كبقالة في الشرفية.. وبكل أسف فإن البعض استعمل بعض المسيحيين الموجودين بين ظهرانينا.. لخدمة المسيحية. |
الصرف بسخاء على نشر المسيحية: |
وصورة مؤلمة تطرح أبعاد الفارق الكبير بين واقع نشاط المسيحيين.. في محاولاتهم اقتحام حصون الإسلام.. فما يصرف للقس سوجارت يومياً مليون دولار لتمكنه من خدمة أهدافه.. وغيره آلاف.. وتتكفل الحكومة الأمريكية بتوفير ميزانية كاملة لنحو 42 ألف داعية منتشرين في إفريقيا السوداء.. وفي آسيا. |
أما نحن فنكتفي بالدعاء: |
أما المسلمون.. فواقعهم يعكس صورة قاتمة.. تصدم الثقة الإنسانية والإيمانية. فعلى حد زعم الشيخ.. أن كثيرين من رجال الأعمال المسلمين عندما تطلب إليهم التبرع لنجدة المسلمين.. ومحاربة المسيحية.. والوقوف في وجه مدِّها المنتشر تجدهم يكتفون برفع أيديهم بالدعاء إلى الله. |
وأنه لعار.. ومؤلم جداً أن يكون هذا موقف المسلمين على هذا النحو من السلبية وهم يرون إخوانهم ممتحنين في أعز ما يملكون في عقيدتهم. |
وفي العدد القادم إن شاء الله سوف نستكمل حديث الداعية الإسلامي الذي سجَّل مستوى رفيعاً من القابلية وجذب الجمهور فقد ضاقت بهم دار المحتفي الأستاذ عبد المقصود خوجه.. وقد سجلت له هذه البادرة بالكثير من الامتنان.
|
|