شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في الوقت الضائع (1)
بقلم: علي محمد الرابغي
استطاع الأستاذ عبد المقصود خوجه أن يأخذ زمام المبادرة.. وأن يسرق الأضواء من الآخرين (على الأقل مبكراً) باحتفائه بالجفري الأديب والكاتب والصحفي.. والإنسان قبل ذلك وبعده..
ومع أن الحفل كان مشاركة عفوية كان سمتها البساطة إلا أنها كانت على قدر حب الآخرين لذلك.. فقد جاءت خليطاً من المشاعر التي تباينت.. في وقعها وفي رتمها وإيقاعاتها..
ولكنها كانت ولا شك تصدر في مجموعها عن تآلف وائتلاف على تكريم موضوع الحفاوة.
الجفري كما عرفته:
ولقد عرفت الجفري في صيف عام 73 هجري.. كان ذلك في الطائف.. وكان أبرز ما يميزه الأناقة.. في ردائه.. وفي كلمته.. وفي حروفه.. ولقد كان ديوانه.. ملتقى الآراء.. والإبداعات لكل الشباب: الباخطمة.. وأمين وحسن موسى.. ونوري كشميري ومحمود سفر وسليمان الغاطي.. وخالد فطاني وكثيرين لم تعد الذاكرة لتقوى على ذكرهم..
كان هؤلاء في صف.. وكانت تصدر عنهم ومنهم مجلة مهبط الوحي.. وأذكر أن المجلة.. لم يكن ينقصها مما يعطيها أهلية زميلاتها.. إلا أنها كانت تكتب فقد كانت الترويسة.. تحمل اسم رئيس التحرير، مدير التحرير، وسكرتير التحرير..
وكان الجفري هو الفنان الذي يصنع هذه المجلة.. خطاً وإخراجاً.. وكان أنيقاً في كل ذلك.. وكان له الفضل على أن تأخذ الكتابة بتلابيبي.. فكنا لا نهدر قرشاً.. إلا في كتاب وكانت مكتبة الثقافة (لعبد الرزاق كمال) تخصص يوماً للثقافة تجرد فيه الكتب القديمة وتبيع الكتاب بريال.
وكان الجفري مولعاً بالأدب وبكرم ملحم كرم.. ولقد أثر فينا الزميل..
وفي الصف الآخر كان بكر كشميري العمري (الآن) وفريق آخر.. ونشأ تنافس.. ولا أقول صراعاً..
ومضى الأحباب كل في طريق إلا الجفري فإنه آثر الولاء للأدب فصادق الحرف.. وغاص في بحيرة الكلمة.. وراح يصطاد في غابات الصور البلاغية.. حتى كان له ما أراد..
وكل ميسر لما خلق له.. أما الآخرون فقد ركبوا طموحاتهم بهويات مختلفة ومع ذلك وصلوا.. إلى غاياتهم..
لذلك فإن الجفري عندما تصل به أيامه.. إلى جائزة اليونسكو العربي.. فإن ذلك أقل ما تجود به الأيام.. تقديراً لذلك الكثيب العريق.. من الأيام التي طرحها الجفري وراءه.. وهو يجري خلف الثقافة.. يجذَّف بمجذافه..
زيدان والطيب واللغوصة:
ولقد كان حفل الخوجه.. مهرجاناً للحب كما أراد الجفري أن يسميه.. وكنت من الذين عاشوا هذا المهرجان ورصد حركته.
لقد تناوب الكلمة كثيرون.. كان في مقدمتهم المضيف.. ثم تصدى لها الأستاذ الكبير محمد حسين زيدان.. وكانت الفرحة (تحوم حوله).. فأطلق كلماته كبالونات الفرح الملونة تطايرت في أجواء الحفل..
ولكن محمد سعيد طيب وشقاوته التي تأبى إلا أن (تعلن عن ذاتها) فرقع أكثر من واحدة من تلك البالونات.. التي حملها الهواء فظلت معلقة.. حتى قال الطيب.. إنني أطرح سؤالاً.. وضعه على لساني الأستاذ حسن قزاز..
وهو إذا كان الزيدان قد جاء بالجفري إلى جريدة البلاد فمن جاء بالزيدان؟
وهنا تحرك الزيدان (الكم) في كيف عاجل.. عاجل به القزاز فأرواه تحت وقع الكلمات اللدنة والطرية.. عندما قال.. لقد فاتني أن أقول:
لقد جاءت بي إلى البلاد الحاجة.. وكان حسن قزاز وحامد مطاوع نعم الزميلين ونعم الصديقين..
وعندما علق الخياط..
أراد الزيدان.. أن يطيب خاطره.. أيضاً.. وكأنه لا يريد لهذا المهرجان أن يتعكر.
فقال: إني أشهد أن أحسن رئيسَي تحرير تعاملت معهما هما القزاز والخياط ولم يشأ أن يجامل اللاري.. رضا.. رغم تعليقه..
وكان مقبل العيسى (مقبولاً) في قصيدته التي ألقاها.. بالمناسبة..
وأسهم الشاعر الكبير معالي الشيخ عبد الله بلخير بكلمة قصيرة يتحدث فيها عن معرفته للجفري التي كان الزيدان فيها الواسطة..
وتحدث الدكتور محمد عبده.. فأجاد عندما قال إن الجفري انطلق يعبر من داخل وجدان هذه الأمة.
وكذلك فإن محمد سعيد طيب.. قد أعطى تشخيصاً للجفري.. فكان من رأيه أنه (أي الجفري) شفاف يخضع للحالة النفسية الراهنة التي يعايشها فهو يكون تارة كالنسمة وتارة كالإعصار..
ثم تحدث عزيز ضياء هذا الإنسان أو الإبداع الذي يركب قدمين تمضيان به رخاء حيث أصاب.. فانطلقت العبارة من ذهنه عبر دروب الضياء الفكري.. فكانت عبارته نازكة وفكرته متأنقة.. وقال بأن الجفري أول من أدخل ألـ التعريف على المعرف.. ومع ذلك شق جواده الطريق..
وتكلم آخرون.. ولكنهم كانوا.. كما لو كانوا يهتفون ويصفقون.. من داخل المدرج ولكنهم أرادوا المشاركة في التعبير..
وتحدث الجفري:
وكان يغوص.. في عمق المشاعر التي ارتفعت به وكانت كلماته.. تخرج مرتعشة كأنه.. يقف لأول مرة.. لتؤكد.. إنه فنان يصدر في كل شيء عن وجدان راقٍ.. ومع أنه حاول الاعتراف بأنه لا يجيد الخطابة.. ولكن الصدق.. جعل كلماته.. تأخذ القدرة التعبيرية في ركابها وتمضي لتصافح الجميع فرداً فرداً..
حقيقة أن يفوز أديب سعودي بجائزة إقليمية.. على مستوى الدول العربية فإن في ذلك إنجازاً يحق لنا أن نفاخر وبأن يفتخر الجفري بأن أتته الجائزة عن أهلية وشرعية..
ونأمل أن نراه وأنداده وهم يرتفعون إلى ذرى وهامات العالمية إن شاء الله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :471  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.