شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الزيدان.. يقايض بالحب (1)
بقلم: عبد اللَّه عمر خياط
أحسب أن أستاذنا الزيدان في غير ما حاجة لكلمة مني في يوم عرسه ولكن صدقاً أنا المحتاج لأن أرسل هذه الكلمات لتكون صيداً لي لا يبخسه، فالأستاذ الكبير محمد حسين زيدان ليس هو من الرواد الذين قامت على مشاعل حروفهم نهضتنا الأدبية لتكون ضوءاً وضياء لمن جاء بعدهم.. فقط.. ولكنه علم بين الرواد إذ أعد العشرة منهم.. وأنا بهذا لا أوجبه أو أتملقه.. ولكنها الحقيقة التي نقرها ونعترف بها جميعاً..
ولئن كان الشيء بالشيء يذكر فما أحسبني أنسى ذلك اليوم الذي جمعتني فيه رحلة من رحلات الفيصل عليه رحمة الله لحضور مؤتمر للقمة العربية.. في أحد صالونات الأوتيل.. بالنفر المتواجد من رجال الصحافة والأدب.. وهم إن لم تخني الذاكرة الوالد الصديق عبد المجيد الشبكشي والصديق الحبيب عمران محمد العمران والأستاذ الشاعر عبد الله ابن إدريس ورفيق السنوات الحلوة الأستاذ حسن أشعري والأستاذ الصديق الذي يعطي ولكن بميزان حامد مطاوع ورجل الحرف والسياسة الأستاذ محمد عبد القادر علاقي.. والكل منهم وأنا معهم رئيساً لتحرير جريدة من جرائدنا الغراء.. وطال الحديث.. وامتد النقاش كما هي الحال حتى في مؤتمرات القمة.. وهل يمكن أن نخرج من ثوبنا كعرب عشقهم الحوار.. وغرامهم المناكفة؟
ولكن ما علينا.. فالذي حدث من بعد ذلك النقاش هو الاتفاق على العشرة الذين لا يمكن للتاريخ أو الناس إلا أن يحفلوا بهم ويؤرخوا لهم وبهم لنهضتنا الأدبية.. وبالإجماع كان الأستاذ الزيدان منهم.. بل وأكاد أقول في المقدمة منهم..
وكيف لا؟.. وليس من محفل.. أو مجلس أدب وعلم إلا والزيدان وإن تباعد عن الصدارة.. تواضعاً.. فلا أحد يرضى إلا بأن يذهب الزيدان إلى الصدر.. وإلا فالصدر حيث هو لا يقول هو ذلك.. وإنما حضور المجلس يجعلونه كذلك..
عرفت الزيدان من سنوات لا أريد أن أحسبها بالأرقام.. حتى لا تكون احتساباً من العمر أمد الله في عمره.. فأنا لا أرى العمر بالسنوات يقاس.. ولكني بالعطاء أراه مقياساً.. ولقد عاش الزيدان سنوات عمره معطاء لا يقايض إلا بالحب.. ويا نعم المقايضة..
بالحب تقايض معنا.. ونحن نعمل معه يوم كان مديراً لتحرير جريدة البلاد يفتح مكتبه بعمارة باخشب ليجتمع بعد دقائق من وصوله ياسين طه وعزيز ضياء ومحمد الصباحي وضياء الدين رجب وعبد الله عريف إن نزل من مكة وما أكثر ما كان يفعل.. إن لم يكن من أجل عمل فحباً في مجلس يدير حواره الزيدان.
لا تعيروني بالشيب وضعف الذاكرة إن أنا نسيت أن أذكر العديد من روّاد ذلك المجلس الذي كبر.. واتسع مع قبول الأستاذ الزيدان لترؤس تحرير جريدة البلاد واستمرار مجموعتنا.. في العمل معه.. وأعني الزملاء الجفري والمليباري عثمان والداري والكثيري يرحمه الله..
وكما عرفت الزيدان في العمل.. فقد تعرفت عليه.. وأخذت منه الشيء الكثير خارج العمل وقد تفرقت بنا السبل في عالم الصحافة.. أو في دنيا الأدب.. ولوجه الحق أقول: بأنه لم يبخل.. بل.. كما أنه لا يعرف البغض فإنه لا يعرف البخل..
وكيف يعرف البغض.. أو البخل من عاش حياته عاشقاً يهوى العطاء حتى وإن بات طاوياً أو تكبد المشقة..
سألته يوماً وقد رأيته يداعب خصلة شعر! أو تراك بالحب كلفاً؟
فقال.. وكأنه يريد أن يدافع عن نفسه.. أو يدفع بي عن التهور في مزيد من الأسئلة المراهقة:
وذو الشوق القديم وإن تعزَّى
مشوق حين يلقى العاشقينا
ولكني بلماضة عدت أقول له.. ولكن ما رأيك.. فيما أنت ترى؟ وفرك يديه ليردد قول الشاعر:
وردية الخد بالوردي قد خطرت
تميس فيها وتثني القد إعجابا
لم يكف قامتها الهيفاء ما فعلت
حتى اكتست من دم العشاق أثوابا
وهكذا عرفت الزيدان العاشق.. الزيدان الذي يرى في الحب حياة للوجدان.. لا يرهق العصب ويلبس الدم حرارة متجددة على حد تعبيره الذي استعرف منه القاعدة.. وإن لم أنجح في الالتفاء.
إنها كلمة كان بودي أن أملك ناصية الخطابة لأتحدث بها في حفل كريم أقامه صديق كريم هو الأستاذ عبد المقصود خوجه لتكريم أستاذنا الكبير محمد حسين زيدان.. وعندما سمع الصديق الجفري بأمنيتي شدني إلى القلم ((إن صح هذا التعبير)) لأكتبها كلمة ينشرها في أربعائه الذي أكد فيه مجدداً قدرته على العطاء الناجح من بعدما عجزت عن التحدث بها.. فهي كلمة مرسلة أخذها الصديق الجفري لتكون في صفحة منشورة ليس من أجل الزيدان الذي هو موضع التكريم دائماً وإنما لتكون كما أسلفت رصيداً لي عند من تعلمنا منه العطاء والحب الأستاذ الكبير محمد حسين زيدان أمد الله في حياته.. وأمتعنا به.. وبعطائه المتجدد وأبداً.. والجديد دائماً أو ذلك ما نتمناه ونرجوه.. وعلى حد ما يردده الأستاذ الزيدان دائماً.
منى إن تكن أحسن المنى
وإلا فقد عشنا بها زمناً رغدا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :722  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 6 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.