يجب أن نفهم ما نكتبه |
((حول مقال المنسف))
(1)
|
إني لا أريد أن أقابل سيئات الأخ بمثلها، ولا أريد أن أقول إن الكتابة التي كتبها سيئة وبعيدة عن روح النقد البريء، إني آسف على كون كتاباته الأخيرة أعطتنا دليلاً على نفسيته ونزعته. |
إن اعتقاد الأخ أو بمعنى أصح وهمه بأن سخط قسم من الأمة على الغربال جعله يكتب ما كتب مداهنة لهم، عله يكتسب رضاهم، وما حسب حضرة الأديب لتطور الأفكار في المستقبل حساباً. لذلك فقد اعتزمت خدمة للحق والحقيقة على طبع الغربال في كتاب مع إضافة مقالات جميع الكتاب الذين جالوا وسيجولون بأقلامهم حول مواضيعه في الماضي والمستقبل. |
يقول حضرة الأديب في قسم قرائه ((والحمد لله قد ظهرت الحقيقة ـ لاحقاً ـ وتبين للجميع أن خدمة الغربال وأن ما كتبه ليست إلا كماليات مفهومة وقشور اجتماعيات ليست بذات أهمية)) ومع كون هذا التعبير لا محل له فإني أعذر الأخ لأنه لا يعرف أن للغربال عدة مواضيع لدى جريدة ((صوت الحجاز)) ومنها موضوع بتوقيع الغربال وآخر بتوقيع حجازي وثالث بتوقيع صحفي وكلها لم تنشر، وإذا كان الغربال يكتب ويرسل إلى صوت الحجاز ولا تنشر فما ذنبه؟ وإذا كانت وسائل النشر مسيرة
(2)
في الحجاز فماذا يعمل الغربال؟ |
إني آسف جد الأسف على الخطة التي سارت عليها ((صوت الحجاز)) مؤخراً إذ هي قد أهملت عدة مقالات لا تخلو من الفائدة والمنفعة. |
ونحن نعتب هذا العتب على جريدة (صوت الحجاز) لأنها هي الجريدة الوحيدة التي يمكننا أن ننشر فيها أفكارنا وآراءنا ورغبتنا أن نراها للأمام. |
هذه كلمة بريئة أقولها مع احترامي لصداقة وشخصية جميع موظفيها. |
وإذا كنت شكرت الأديبين ((المنسف وم. راسم)) في مقالي السابق على مقاليهما فليس معناه أن ما جاء فيهما حق وحقيقة ولكن ذلك من باب التشجيع ليثابرا في النقد لأن نتيجة المثابرة نجاح مؤكد ووالله إنه يسرني نجاحهما وأطلب لهما التوفيق وإني الآن أستسمح ((المنسف)) لأناقشه في بعض ما جاء في مقاليه، وموعدنا م. ((راسم)) في مقال آخر
(3)
. |
لفظة المنسف بفتح الميم وكسر السين معناها في اللغة العربية فم الحمار، وبكسر الميم وفتح سين ((المنسف)) معناها الغربال الكبير، وأصلها نسف من باب فعل، وتجمع على ((مناسف)) ونسف الشيء قلعه من أصله. |
لم يكن بقصدي في أول الأمر أن أرد على مقال الأديب المنسف لعدة أمور: |
1 ـ لأن الأديب أفادنا في أول مقال نشر له أنه يعبر عن رأيه الخاص وما دامت المسألة محدودة، وتعبيراً عن آراء خصوصية، فهو حر في آرائه وأفكاره، حر في قبول ما يريد ورفض ما يكره هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن الآراء الخصوصية لم تكن في يوم ما ميزاناً لرأي الأمة، ولا يستند إليها، لأن رأي الفرد، قد ينطبق على رأي الأمة وقد يشذ. |
2 ـ لكونه مبنياً على غير أساس، وليست هناك حجج تؤيد أقواله، فهي أقوال بلا بينات. |
3 ـ لكون المقال من أوله لآخره استهزاء وصلافة، وخروجاً عن الحدود الأدبية فإني أقر بعجزي عن مساجلة حضرة الأديب في هذا الباب، لكون آداب المناظرة أرفع وأعظم من أن تسير على هذا المنوال، لأن النقد ليس معناه السباب والشتم. |
هذه بعض الأسباب التي جعلتني أغفل في مقالي السابق الرد عليه متمثلاً بقول القائل ((ولى أذن..)) ولكن ظهر مقاله الثاني على وضعية وأسس المقال الأول، وكان يكون نصيبه عندي كسابقه لولا أنه توجد فيه افتراءات لا يمكنني السكوت عنها، وإني أجل حضرة الأديب: من التمادي في مثل ذلك، خدمة للمصلحة العامة، والحق والحقيقة ونزاهة الضمير. |
قد يمكن أن أتساهل مع حضرة الأديب في كل شيء إلا في أمر كهذا لا يمكن أن أتساهل فيه لكونه افتراء محضاً مشوهاً للسمعة القلمية. |
يقول حضرة الأديب في قسم المطالعة ـ في المقال الثاني ـ ما نصه وقد عثرنا (يا ساتر) على آراء ومباحث وجمل سبق نشرها في صفحات الخارج ((وهذا زور وبهتان كنت أود أن يترفع عنه حضرة الأديب، وأن يفكر قبل أن يخط بقلمه تلك الكلمات التي تمس شرف الكاتب، أو أن يأتي بالجمل والمباحث التي يقول إنه سبق نشرها ويدلنا على المكان الموجودة فيه إذا كان صادقاً في مدعاه. أما كونه يقدم على مثل هذه المغامرة غير الحميدة فيصيب غيره في الصميم مكتفياً بقوله ((وقد عثرنا.. إلخ)) فلا يحق له ذلك ولا تقره نزاهة الضمير، ولا قوانين الكتابة، لأن القول المجرد غير المدموغ تبجح لا يفيد صاحبه. إن الواجب الأدبي يقضي على حضرة الأديب ألا يرمي الأحكام جزافاً بغير روية بل يجب أن يعرف معنى ما يكتب، أو يسترشد إذا كان جاهلاً بقوانين الكتابة)) وإذا كان قصده من الكتابة التحبير والتسطير فقط، فيجب ألا يتعرض لشرف غيره دون وجه حق. |
|