شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مشروع القرش
حَدث تاريخي خطير (1)
لا بدع وعلماء الاقتصاد على تباين ألوانهم متفقون على أن التوحيد المالي صك مضمون النجاح، قالوا: وفي ضخامة رأس المال والاستغناء عن الأرباح وأحكام التدبير ثلاث ضمانات تكمّل النتيجة وتسجل فلاح أصحابها.
ومشروعنا اليوم مال موحد تشترك فيه الأمة فينتظر تضخمه على مرور السنوات بفعل النظام وأوضاعه ثم لا ربح فيه يوزّع منه كما أن تدبيره سيقوم على كواهل رجال مصطفين تنتخبهم الأمة من مئات ألوفها.
لا بدع أن مشروعنا ـ إذاً ـ سيكون حدثاً تاريخياً خطيراً ـ سيحيينا إذا صحبنا التوفيق من جديد حياة عملية قوامها الاستثمار بأوسع معانيه.. استثمار صادراتنا الضائعة ثم تنميتها ليربو نتاجها ويتضاعف.
يحيينا لنجاري بلاد العالم التي تموّلنا فضلاتها حتى اليوم بما يقيم الصلب ويكسو الهيكل، والتي تشحذنا الإبرة والكبريت وكل لزومياتنا في الحياة من فئة القرش إلى قيمة الألف وعشراته. يحيينا لنقوى بما ننتج على استغناء عن ((الغير)) ولو في بعض ما نستورد ـ على الأقل نقوى على الاستغناء بما يحرثه بدونا ويشيده عالمنا وتصنعه أيادينا.
للبدائي السّاذج أن يضحك ملء شدقيه من هذه الأحلام ولا يعنيني كثيراً ضحكه أو سخريته، فالجاهل في كل وقت لا يؤمن بالمنطق وليس لفلسفته المقدمات التي تسبق النتائج قيمة في نظره وفي سر تأخر كل الأمم والشعوب الجاهلة على وجه الأرض.
عرف هذا الاستعماريون بالتجارب فجعلوا من قواعدهم ألاّ يجادلوا المستعمرين لهم إذا كانوا جهلاء بل يتركونهم للحوادث تدلي لهم بالحجج ويصايرونهم حتى يضعوا أعينهم على النتائج.
إذاً ـ لندع البدائي البسيط الساذج يسخر ويملأ شدقيه ضحكاً ونمشي صعداً في طريقنا حتى نجعله أمام أحداث واقعة لا سبيل إلى كفرانها والصبر قمين لنا في النهاية بالنصر المبين والفتح الذي يحطم كفره وعناده والذي يأتي به صاغراً في ذله يعتذر عما بدا ويستصفح في ما أسلف. لندعه ونمش في طريقنا فنستعرض اليوم شيئاً من حقائق المشروع.
يختلط على البعض الفرق بين مشروعنا وشركة الاقتصاد والتوفير لأن الأخيرة جعلت من القرش قاعدة بنت عليها دعائم الشركة إلاّ أن الفرق بين الناحيتين شاسع: فشركة التوفير محدود مشتركوها ومشروعنا عام تشترك فيه البلاد من أقصاها إلى أدناها وشركة التوفير تجبي من شركائها قرشاً عن كل يوم في السنة لصاحب السهم الواحد وعشرين قرشاً في اليوم لصاحب العشرين سهماً ثم تعتبر لهذا المشترك ربحاً في آخر كل عام يتكافأ مع ما دفعه للصندوق، أما مشروعنا فقوامه قرش واحد بعد كل ثلاثة شهور أو أربعة أو مثل ذلك، يدفعه المواطن كتبرع خيري لا ينتظر وراءه ربحاً.
ولا يملك التصرف في هذا القرش إلا نفر ينتخبهم الشعب من بينه انتخاباً حراً ويضع أمواله بين أيديهم يوجهونها حيث شاؤوا ضمن حدود النظام وقيوده.
وتتلخص قيود النظام في هذه الناحية بالاّ تصرف الأموال إلا في مشاريع اقتصادية (زراعية أو صناعية) كأن يحيوا أرضاً مواتاً أو يشيدوا معملاً للنسيج أو الحياكة أو في معنى ذلك من ضروب الصناعة على مختلف أنواعها.
وتموج أسواق البلاد بما تنتج هذه المنشآت ويجد المواطن في العمل مجالاً ثم تعاد الغلة؟ فيها من ربح وما يضاف إليها من تبرعات جديدة إلى الصندوق ليوسّع في منشآته ويدخل عليها ما تستطيعه من تعديل وتحسين وهكذا دواليك ما كرّت سنون وتداولت أعوام.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال وجيه مؤداه: ((إن لكل شيء مصيراً فما مصير هذه الأموال إذا تعاقبت عليهم السنون طالت أو قصر؟)).
والنظام لم يغفل هذه الناحية ولم يهملها فقد نص على أن ليس للشركة أجل محدود ولا تحله إلا إرادة ملكية وفي هذه الحالة عين ورثته وحصرهم في متمولي أمانة العاصمة والمعارف والأوقاف يومها مع مديري المدارس الأهلية غير التحضيرية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :465  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 44 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج