شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَديث ذو شجون
(حول مشروع القرش) (1)
اقترحت تنفيذ مشروع القرش لتأمين مستقبل الناشئة ولنتقدّم في حياتنا الصناعية خطوة إلى الأمام ووضعت مواد أساسية للمشروع. وقد كنت أكتب الاقتراح ونفسي تحدثني بأن لا محالة سوف ينفذ وسيستمر وسيتحقق شيء من أحلامي الذهبية.. لثقتي برجالنا الماليين ومفكرينا البارزين.. وشبابنا المثقف.
وقد حدثت ضجة حول الموضوع قابلتها بقلب فرح طروب ضجة قلمية على صفحات صوت الحجاز زادتني يقيناً وثقة بقرب موعد تنفيذ المشروع واستسلمت لتيار أحلامي وآمالي.. وكلما زاد انتظاري زادت ثقتي ولكن أخيراً.. ثارت زوبعة صاخبة جعلتني أطرد كل أمل وأعبس لكل فكرة.. وتركتني أعض أصابعي أسفاً، أما ما هي هذه الزوبعة؟ فإليك حديثاً دار على ألسنة رجال ماليين مثقفين. ومفكرين بارزين. ومحسوبكم بالطبع.
أنا: ما رأيكم في مشروع القرش. متى يمكن تنفيذه وهل ترون أن نبدأ بالعمل؟
مفكر: بعد تفكير طويل عريض ـ هذا مشروع يصلح لمصر. ولا يصلح لنا.
أنا: لماذا؟ هو: لأن الحجاز فقير ولا يمكن دفع القرش.
مفكر ثانٍ: يا عزيزي قرش. قرش واحد. تعجز عن دفعه.. شيء غريب..
مفكر ثالث: معلوم.. حضرتك لا تدري عن أحوال الناس.
مفكر رابع: ولكن ما رأي حضرة..
رجل مالي: أنا مستعد أدفع حينما أرى لجنة يرأسها رجل مالي يعتمد عليه.
رجل مالي آخر: أنا أحسن لي أدفع القرش في ثمن كزبرة وبقدونس.
أنا: أفكاركم عالية جداً.
هو: في خيلاء.. بارك الله فيكم.
رجل مالي ثالث: وعليكم أن تقرروا كيفية العمل وعلينا أن نساعدكم.
جميع المفكرين: دعونا نؤسس نظاماً.
أنا: وأنا أتطوع بكتابته وعليكم إملائي.
المادة الأولى ـ تتكوّن لجنة مشروع القرش من ثمانية أعضاء يجري انتخابهم ومن رئيس هو.. وأمين صندوق .. ومن سكرتيرين هما.. و.. المرشح للرئاسة لا، لا، أنا لا أقبل الرئاسة.
المرشحون للسكرتارية.. ونحن لا نقبل السكرتارية.
الجميع: يضحكون.. ثم يقولون لي.. أكتب.
المادة الثانية ـ الرئيس هو أمين الصندوق.
المرشح للرئاسة: وهذه مصيبة أخرى.. لا.. لا.. لا أفعل.
أنا: أرشح نفسي لأمانة الصندوق أيضاً..
مفكر: جاء وقت الغداء.
مفكر ثانٍ: حقيقة..
أنا: يجب أن نراعي قاعدة تقديم الأهم على المهم.
رجل مالي: وأليس الغداء أهم.
مفكر: اس.. اس..
الجميع: ماذا؟ ماذا؟ خير إن شاء الله؟
المفكر: يجب أن تستأذن الحكومة.
أنا: الحكومة لا تعارض ونحن نستأذن حينما نتفق.
المفكر الجائع: اسمحوا لي أنا ذاهب لأني جائع.
الجميع: ونحن والله مثلك وهيا قمنا..
وقام الجميع واتفقوا على الأكل ولم يتفقوا على المشروع ولا أي شيء.
وعاودنا الاجتماع مرة أخرى.. واتفق الجميع على أن هذا الوقت غير ملائم لتنفيذ المشروع.
وهكذا دفنت فكرة المشروع.. دفنت وهي لم توجد بعد..
وأنا أسأل هؤلاء متى يأتي الوقت الملائم؟ هل حينما تقوم الساعة أم قبل ذلك بدقائق تأمل أيها القارئ وإن وجدتني مخطئاً فعليك أن تقوم بواجبك لتوضح لي الحقيقة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
حول مشروع القرش (2) :
الحق أني حين قرأت منذ أيام مضت ما جاء في صوت الحجاز الغرّاء عن فكرة مشروع القرش لم أستبشر بل لم تؤثر في نفسي تلك المقالات أكثر مما يؤثره أي إعلان أقرأه على صفحات الجرائد وعهدي بنفسي توّاقة إلى الخدمات الوطنية التي تعود بالسعادة والهناء على الوطن وأبنائه، ولكن هذه المرة لم تثر نفسي ولم يتحرك قلمي ولم توجد في نفسي أي عاطفة ذلك لأني عجمت عود قومي قبل هذا في اقتراحات قدمها إليهم الصفوة منهم فلم أر منهم التفاتاً بل في غالب الأحيان كنا نخرج من الموضوع بحزازة في النفوس تنشأ عند مداولة البحث الذي ليس فيه من إخلاص غير الأنانية وحب الذات.
ضمني مرة مجلس مع نخبة من الأفاضل هم إخواني وأصدقائي الذين أحبهم فذكرت قصة لهم كانت أثرت في نفسي أشد تأثير وهي أن محامياً من الحجاج تلا علي مرة من مذكراته ما ترجمته.
المدينة المنورة هي مهجر الرسول صلى الله عليه وسلم ومأوى الإيمان هكذا نعرفها ولكني آسف حيث لم أجد في أناسها أولئك الذين كنت أتصورهم وأولئك الذين صورهم لي التاريخ الإسلامي المجيد، عزّ النفس وسمو الأخلاق والتضحية والإيثار بالمال (في المدينة المنورة بعض أناس مهنتهم هي..) ولكن التبعية عليكم أنتم الشباب سيروا بأمتكم إلى الأمام.. وجهوا أبناء وطنكم إلى الأعمال والصناعات اغرسوا في نفوسكم كره السؤال.
هذه القصة تلوتها على أصدقائي فرأيتهم يشاركونني في جزعي وتألمي فاغتنمت هذه الفرصة وقدمت لهم فكرة مشروع القرش وكنت قد قرأتها قبل أيام عن مصر في جرائد مصر. فلم يعارضني أحد بل الكل ارتاح للفكرة ووضعت على بساط البحث الذي دام ليالي طويلة وانتهى بهذه الأمور الثلاثة من يستأذن الحكومة؟ من يتولى الرئاسة؟ ومن يجمع هذه القروش؟
وماتت هذه الفكرة غير أنها ولدت فكرة أخرى هي.. مشروع التعليم الليلي.. وكانت العقبة فيها أيضاً هي: 1 ـ استئذان الحكومة، 2 ـ القيام بالمصاريف. فانجلت الأولى بفضل الشيخ محمود شويل والأستاذ محمود الحمصي بالذهاب إلى سمو الأمير المعظّم لطلب الإذن بتبرع المثري الموفق الشيخ عابدين بغدادي، وبعد أن انحلت العقدتان تولّدت عقدة ثالثة هي من يتطوّع بالتعليم فانسل الأعضاء واحداً بعد واحد ولم يبق العبء إلا على أساتذة المدرسة الذين كتب الله عليهم العمل في الليل والنهار وها هي المدرسة سائرة على برنامج حسن بفضل الله تعالى ولم يبق من الأساتذة المتبرعين غير حضرة السيد ماجد عشقي مدير المدرسة التحضيرية والشيخ عبد الحق النقشبندي والشيخ محمد سالم. هذا إخفاق واحد من إخفاقات كثيرة جعلتني لا أؤمن بهذه الضجات التي تقوم ثم لا تلبث نارها أن تخبو وهذا هو السبب الوحيد الذي جعلني أقرأ عن مشروع القرش كما أقرأ عن إعلان بسيط ومنذ أيام وقع نظري على جريدة الحجاز الغرّاء فقرأت على صفحاتها مقالاً للكاتب الفاضل عبد العزيز ضياء الدين وقد كنت من قبل قرأت لنفس هذا الكاتب مقالاً كان موضوع إعجابي وتقديري، ذلك أن النقطة الأساسية في ذلك المقال هي جمع القرش وصرفه في توجيه الناشئة نحو العمل الصناعي وهو نفس الرأي الذي ارتئيه وأحب أن يكون أساساً لموضوع القرش. هذا هو الذي حفزني إلى الكتابة وجدّد في نفسي ثورة خمدت بين اليأس والقنوط، الذي ظهر أن كاتب المقال الفاضل يحب أن يكون مشروع القرش مشروعاً حجازياً عاماً أي يعمّ الحجاز وتجمعه هيئة يمثل أعضاؤها كل بلدة من الحجاز. لكن الذي أحبه أن يكون المشروع محلياً أي يقتصر على أن تقوم هيئة من كل بلدة في الحجاز تجمعه وتصرف في المحل الذي تراه مناسباً لحالة البلدة التي هي فيه. وسأبسط في فرصة أخرى رأيي من خصوص القرش المدني وصرفه مع بيان الطرق المناسبة للعمل.
هذا وإني أدعو كل فرد من أبناء المدينة المنورة أن يقدر واجبه الوطني فيمد يده إلى مساعدة المشروع وأن يتقدم إلى إبرازه في حيز العمل فقد كفانا الكلام وإلى متى نبيع ونشتري كلاماً فقط.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :486  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج