شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المرأة الحجازية جوهرة ثمينة (1)
جمع الليل آخر خيط من خيوطه السوداء وسار مسرعاً وأخذت جيوش الإصباح تركّز أعلامها في الأفق كانت سماء بيروت صافية.
تلاشت تلك الأحلام اللذيذة على صوت أقدام ففتحت عيني فإذا أنا بشاب مصري يتثقف في لندن وأتى لبنان للاصطياف وكان يسكن في الغرفة المجاورة لغرفتي ـ بادرني قائلاً: أرجو ألاّ أكون أزعجتك قلت: عفواً تفضل: قال: مالك مضطرب البال؟ قلت: بعض ذكريات الوطن تركت ما ترى قال ذكريات الوطن حلوة واتخذ مجلسه متناولاً إحدى المجلات، مقلباً صحائفها فاستوقفه مقال بعنوان ((تدهور المرأة من المسؤول عنه؟ أين العلامة)) أخذ يقرأه بصوت مسموع مني وما انتهى حتى قال (ويل للإنسان من جور الإنسان) يعيبون على المرأة تهتكها وفجورها وهم الذين أوصلوها إلى ما وصلت إليه صدقني يا عزيزي إذا قلت لك إن أسباب فساد المرأة من الرجل، أخذ الرجال يطالبون بحرية المرأة حتى إذا ما نالتها تركوا لها الحبل على الغارب فتوسعت وخلطت بين حقوقها وغيرها ولما أن اكتوى الرجال بلهيب نار عملهم رأوا خطر جناية ما ارتكبوه ومن ثم أخذوا يعيبون عليها ما هي فيه قالوا إنه يجب أن يعالج. نعم إنه داء ولكن كيف يعالج وقد أفلت الأمر من أيديهم فهل يوجد علاج؟ فات لقد استفحل الداء ومن الصعب الدواء قال نعم من الصعب الدواء ثم صمت بائساً ضاماً شفتيه مثلما تغم الزنبقة الذابلة أوراقها ثم اعتدل في جلسته وقال بصوت أجش ما هي فكرتكم في المرأة؟ قلت: ما منحه الدين الإسلامي للمرأة ساعدنا على تحقيقه وما منعه عنها منعناه. قال: هل هذه فكرتك وحدك أم فكرة كل الشباب. قلت: أظن أنها فكرة كل الشباب قال: كم مدارس الأناث في مكة قلت: لا شيء قال: إذن أنتم تحاربون فكرة تعليم المرأة قلت: لا قال: إذن لماذا لا تؤسس لها مدارس؟ قلت لأن بعض القوم يعتقدون أن فساد المرأة يأتي من وراء تعليمها قال وهل تقرونهم على هذا الرأي؟ قلت: إذا كان تعليم المرأة يقتصر على مبادئ الدين وترتيب المنزل وتربية الأطفال فلا نقرهم في ما يذهبون إليه، وإذا كان تعليمها يتدرج إلى مزاحمة الرجل لتصل إلى ما وصلت إليه المرأة الأجنبية وترتكب ما أراه وتراه من أمور لا تقبلها الضمائر ولا يقرها الوجدان فخير للمرأة الحجازية أن تبقى جاهلة إلى الأبد قال: ولما لا يؤسسون المدارس على الطريقة التي يعتقدون صلاحها وفائدتها؟ قلت: إن الموضوع دقيق جداً وتحقيقه شاق إذ لا تزال العقلية الحجازية ترضخ للكثير من العادات والتقاليد المضرّة، وتطور العقلية يحتاج إلى جهاد عنيف وأمد كبير وليس المهم وجود الفكرة وإنما المهم الدقة في تنفيذها والحرص على أن نصل إلى النتيجة المفيدة دون زلة قدم، الموضوع أشبه بالهاوية فهو يحتاج إلى تؤدة في السير وثبات في وضع القدم وهذا ما يفكر فيه المصلحون وينوون السعي لتحقيقه فعسى أن يوفقوا: قال: مسكينة المرأة الحجازية قلت: لماذا؟ قال: إنها لا تعرف غير المسجد وبيت أهلها، تكاد تجزم بأنه محجوز عليها والقليل منهن اللاتي يعرفن بيوت صديقاتهن: قلت: ولكن في ذلك الصلاح وإني أعرف الكثير من عقلاء المشرق والمغرب يغبط الحجاز على ذلك. قال: ولكن حبسها يورثها السقم: قلت: ليس ما تتصور حبساً، وإذا كان حبساً فذلك الحبس خير من هذا الانطلاق وما فيه من مصائب وويلات: قال: وهي محتقرة مهانة، ثم مع كل هذا قانعة راضية. قلت: إن صح قال: لقد زرت الحجاز ونزلت بدار.. وكان يندر اليوم الذي لا أسمع فيه صوت السياط يلهب به جسد زوجته وأحياناً كريمته. قلت: غريب جداً قال: هل معنى هذا أنك تبرئ بعض الحجازيين من هذه العادة لقد شهدت الأمر بنفسي. قلت: لا أبرئ بعض الحجازيين من هذه العادة، وإنما أؤكد لك أن وقوع ذلك لا يكون إلا نادراً قال: إن المرأة العربية لديكم فاضلة مؤدبة فيجب أن نجد ممن يعولها الرفق والإحسان، إن المرأة العربية من أحسن النساء في العالم نشأت على حسن الأخلاق وهي لا تستطيع أن تدافع عن نفسها كما تدافع أختها في غير الحجاز كل هذا يقضي بأن تحافظوا عليها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :511  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثالث - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج