شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بحث في الزواج (1)
الزواج رباط مقدس توشج به الأرحام ويوصل به الأنام، الزواج رباط وثيق العرى يربط الزوج بالزوجة فيألف منهما العائلة، الزواج أس حياة المجتمع، وعلى الإقبال عليه تتوقف الحياة، الزواج ضروري للمجتمع الإنساني، وبكثرته يكثر النسل وبقلته يقل وباضمحلاله يضمحل، الزواج أمر عظيم ويجب أن يكون الاعتناء به عظيماً. ولقد وردت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية حاثة عليه وداعية إلى فضله لما له من التأثير الحسن في حياة الأمة ومجتمعها وأخلاقها.
لقد شعرت أوروبا بالخطر الذي يهدد حياة مجتمعها الإنساني فألفت الجمعيات وسنّت القوانين ووضعت الأنظمة لتدارك ذلك، وهذا من إحدى حسنات الإسلام عليها ومن أفضال الشرق على الغرب.
أتى الزواج رحمة للأمة، ورفاهية لها. ولكن خطتنا العوجاء أدخلت عليه من العادات السيئة ما جعلنا نئن من ثقله، ونشكو من آلامه ونتنفس الصعداء مما ينتابنا من مصائبه كل ذلك أدخلناه عليه من عنديات أنفسنا مع كون الزواج براء منه.
ومن الغريب أن الأمة بأسرها ـ إلا المتمصلح من وراء تلك العادات ـ تشكو من العادات السيئة التي جعلناها فرضاً لازماً وواجباً مقدساً مر الشكوى، ومع ذلك مقبلة عليها، لا حباً فيها، إنما تحاشٍ من الفضيحة والعيب كما يعتقد الكثير منا.
ولا أعلم أي فضيحة، وأي عيب يصيبها إذا هي أضربت عن تلك العادات وحلت الزواج من تلك القيود التي قيدته بها؟
إني أرى أن العيب والفضيحة هما التمسك بتلك العادات، والعض عليها بالنواجذ، تلك العادات السيئة التي حملت النفوس فوق طاقتها، والجيوب فوق يسرها. وحباً في إظهار حقيقة العادات التي أدخلناها على الزواج فإني سآتي ـ بصور متتابعة ـ عما يحضرني من تلك العادات، داعياً الأمة لأن تستعرض كل ما أقوله، ثم تحكم عقلها وتختار الأصلح لها بغض النظر عن قول زيد أو عمرو. أما التقليد الأعمى والتمسك بالعادات المهلكة الضارة فهذا شيء يؤلم يجب أن نتجنبه.
الخطيئة الأولى:
تبقى الأم المسكينة أيام حياتها ترقب هذه، وتخمن على تلك وتدير بنظرها في كل من تراها، وتزنها بميزان عقلها، وتعادلها بمن سبقها، هذا كله يدور في خلد الأم وابنها بعد لم يبلغ الحلم، ولم يصل من الزواج.
وحينما يدخل الأمر في دور العمل الجدي نجد أن من رمقتهن بنظرها، وخمنت عليهن بفكرها وبنت عليهن أوهامها، ذهبن إلى غيرها. وعند ذاك تعمل من جديد ولكن ذلك العمل يكون على عجل فتأخذ تفتش ـ قبل كل شيء عن من تكون شغالة خياطة طباخة، وذلك لسبب ـ سنأتي عليه عندما نأتي على بحث النزاع ـ أما الخلق الحسن والجمال اللذان هما الكل في الكل أو بمعنى غير على أساسهما تبنى العشرة الزوجية فهذه قد تراقبها، وإذا راقبتها فالمراقبة سطحية ((أي بنظرة واحدة يعقبها اختفاء وراء الأبواب الموصدة)) أما الوصف فإنه كما يلي صورة طبق الأصل:
((ست، عاقلة، غندورة كل خد عليه وردة)) يا سلام شيء جميل، إذاً ماذا أريد بعد هذا بسم الله نتقدم.
الخطيئة الثانية:
هذا هو الخداع بعينه، والمتزوج المسكين قد غررته تلك الأوصاف، فبنى عليها العلالي والقصور، أما الذي غررته فلم تكن تريد الإساءة إليه، ولكن قد يكون الحسن في عينيها قبيحاً في عينه وهذه وقوعها في حجازنا كثير، والتألم منها عظيم. ولو عالجنا هذا الداء بعلاج الحكمة الدينية لكان ذلك أصلح من النزاع الذي تعاني منه الأسر، وتذوق مراراته وآلامه؟ الرجوع إلى الحق فريضة. فهل نحن منتهون؟
مدن الحجاز جميعها تئن وتشكو من هذه العادة السيئة عادة الصداق فلو أضربنا عنها لزال ذلك الألم، ولراج أمر الزواج وكثر نتاجه.
أنا أعرف أن هذه الكتابة لا تفيد ولذلك أطلب من الحكومة بإلحاح شديد أن تنظر في هذه المسألة وتضع لها حداً فاصلاً يتناسب مع ماليتنا، ووسطنا لأن الضرر منها عظيم والبلاء جسيم، وكله مشاهد ومحسوس وملموس.
يجب أن نشفق على الفقير فينا فنعمل عملاً لا يؤثر عليه، ولا يحول بينه وبين هذه الغاية. يجب علينا ذلك. ثم من المؤسف أن نبقى دائماً أبداً نعرف الواجب ونقول به، ونضرب صفحات عن عمله والله إن هذا مؤسف ومؤلم.
من الخرافات في الزواج:
تطرقت الخرافات في الحجاز إلى كل شيء فأصبحنا نرى أثرها في أفراحنا وأحزاننا وأعيادنا وغير ذلك، وبالرغم من أن مظهرها الخارجي خف كثيراً عن ذي قبل فأثرها لا يزال عالقاً بالأذهان في كثير منا ـ وعسى أن نأتي عليها في يوم ما ـ من تلك الخرافات التي أحللناها محل الواجب، وعظمنا من شأنها ـ وضع الصداق في قطعة من القماش يكون لونها أخضر، ويكون بين الدنانير الحمر شيء من الفضة، وهذا تفاؤل ـ كما يقولون بالخضرة والبياض للزوج والزوجة الجليلين، أو عمل هذا لازم وضروري وبالأخص عند النساء اللَّهم لا حول ولا قوة إلا بك.
من المؤلم أن نستسلم للخرافات إلى هذه الدرجة أو أن نضعها في هذا المركز الذي لا يجوز وضعها فيه وأن نتعالى في ذلك إلى هذه الدرجة، ومن المؤسف أننا نرى نزاعاً ينشب بين الشاب وأهله من أجل هذه الخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإني مورد هنا بعض ما اطلعت عليه من مآسٍ لهذه الخرافة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :479  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 29 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.