شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كرة القدم (1)
اللَّهم إني أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربّ أن يحضرون، وأسألك الهداية في هذه الدنيا الملأى بالتفاخر والتكاثر والله إن حاجتنا للاتفاق والتعاضد والتساند وشد أزر بعضنا بعضاً أكثر من حاجتنا للمشاحنة والبغضاء واتباع هوى النفس الأمارة بالسوء، ولم يقض على الأمم والشعوب في السابق اللاحق إلا التفرق والبغضاء وعدم اتفاق الكلمة وتآلف القلوب، ويجب ألاّ يصل بنا التهور، وحب الذات والمفاخرة إلى حد القضاء على الروابط التي تربطنا ببعض والتي نحن في حاجة إلى تقويتها وشد أزرها، كذلك يجب ألاّ يصل بنا الاختلاف على أشياء تافهة لا قيمة لها بالنسبة لغيرها إلى حد التقاطع والتنابذ كما أنه يجب أن نتعظ من الدروس التي تلقيها هذه الحياة علينا وعلى غيرنا من الأمم فنتجنب كل ما من شأنه أن يفت في عضدنا أو يضرنا، أو يكون حجر عثرة في طريق تقدمنا، هكذا يجب أن نكون ولهذا يدعونا الواجب لأنا أحوج إليه من غيره بكثير. قلت سابقاً ما معناه انتشرت كرة القدم في حجازنا وسررت من ذلك الانتشار وطلبت تشجيعها من مواطني ولم تكد تصل تلك الكتابة إلى أيدي أشخاص يعرفون الكاتب حتى أنحوا عليه باللائمة لا كرهاً في الرياضة ولا بغضاً بها وإنما لما أحدثت من أثر سيئ في نفوس بعض الفرق الرياضية وقد وصلتني كتب عديدة تحوم حول هذا الغرض وقد شكرت أولئك المخلصين عملهم ووطدت النفس على الرجوع إلى الموضوع ثانياً فكتبت إلى عدة أدباء ليوافوني بالحقيقة، وقد أخذت مؤخراً ردوداً مطوّلة على ذلك إن اختلفت في الغرض فإنها تتفق في الجوهر وهذا هو المطلوب. ولم أترك الموضوع كل هذه المدة إلا لأجل التثبت من بحثه وقد كنت أحس من الكتابة التي كانت تنشر في جريدة ((صوت الحجاز)) الغرّاء حول الرياضة شيئاً غير قليل من العداء المستحكم حلقاته بين بعض الفرق الرياضية وبالأخص في جدة ولم ألبث أن سمعت الألسنة تقوله وتصرح به ثم ما لبثت أن قرأت ملاحظات وردوداً تفيد وكلمة واجبة وأشياء كثيرة لا أتذكرها الآن في جريدة صوت الحجاز وكأنها كانت تدل في مجموعها على وجود العداء، المتتبع لما نشر حول الرياضة بجريدة صوت الحجاز الغرّاء يعرف شيئاً غير قليل من ذلك والذي يؤسف له أن العداء تطوّر محزناً حتى وصل إلى دخول الشخصيات البارزة في أرباب النفوذ والجاه في تنفيذ المآرب والغايات. إني أريد الآن أن أستعرض الذين يعتنون بهذه الرياضة في جدة لدى ما وصلت إليه الحالة ونجرد أنفسنا من الغايات والأغراض ثم نحكم العقل في ذلك ونقبل حكمه. إن الذين يعتنون بكرة القدم في جدة ومكة وهم الشباب الناهض وأكثرهم في جدة من المثقفين الذين نطلق عليهم لفظ أدباء وهؤلاء، هم رجال الأمة الذين نعلّق عليهم آمالاً كثيرة وإن واجبهم يدعوهم للعمل والمصلحة العامة. والسعي في ما يعود بالنفع على وطنهم وأمتهم أكثر من غيره وقبل كل شيء ثم إن على المتعلم المثقف من الواجبات أكثر من الذي على غيره لأن علمه وتثقيفه حمّلاه واجبات لا يصح أن تحمل للجاهل، والجاهل من الظلم أن يكلّف بعمل جهله وواجبات المتعلم المثقف السعي لخدمة بلاده ووطنه خدمة صادقة نزيهة مجردة من الأغراض بعيدة عن هوى النفس كما أنه يجب أن يكون قدوة حسنة لغيره فيستضاء بنوره، ثم إن نهضتنا الحديثة نحن أهل الحجاز وتكويننا الجديد في كل شيء لرتق الفتوق التي أحدثتها يد الأزمان في حياتنا الماضية يدعوانا إلى أن نصرف إلى الإصلاح شأننا وأن نقدم الأهم على المهم والأصلح على الصالح وأن نتفاهم مع بعضنا بالحسنى وأن نعطف على بعضنا وأن نرشد بعضنا وأن نحل محل التباغض والشحناء الحب والولاء ونترك هذه العادة السيئة التي استحوذت في ما بيننا بالتفاهم وبالتي هي أحسن وهذا كله لا يمكن أن يقوم به إلا المتعلمون المثقفون الذين يستطيعون بمقدرتهم وعلمهم التودد إلى القلوب فإذا كان هذا الحب عليهم نحو غيرهم وأمتهم فكيف به نحو أنفسهم بالطبع هم أولى به دون غيرهم ثم إن تعليمهم وتثقيفهم هو أجلّ وأعظم من أن ينازلوا به إلى مثل هذه الأشياء التي هم واقعون الآن تحت تأثيرها والتي شغلتهم عن أشياء كثيرة من واجباتهم وصارت حاجزاً منيعاً دون ذلك تسرب ذلك إلى غيرهم فانصرف التاجر عن متجره وصاحب الحانوت عن حانوته والتلميذ عن مدرسته والعامل عن عمله. جاء في بعض المكاتيب التي وصلتني من جدة ما يلي:
إني أعرف عدداً غير قليل من الأدباء وأرباب الحرف وأصحاب الأعمال تركوا أعمالهم بلا تردد لا يهمهم إلا أن يؤذن العصر فيخرجوا إلى ملاعبهم إلى أن قال ولقد صرح لي كثيرون وزبائنهم يحلمون في الليل بالكرة والقون والكورة والأوت سايد وأن التعب أثر على أفكارهم وأجسامهم، وعطل أعمالهم ومع ذلك هم لا يستطيعون سلوها قطعياً إلى أن قال ولقد تعرضت لأحدهم لأثبط همته فغضب ولكن نسي تلك النفوس التي تشقى وتتعذّب دون أن تشعر أو تحس، نسي الصانع عمله الذي خلاه، نسي الصغير الذي ترك أمه في الظلام تنتظر قدومه لاستحضار ضروريتها، نسي تلاميذ المدارس الذين ضيّعوا فرصة يذاكرون فيها دروسهم، نسي من لم يأكل ليسد اشتراكه مخافة الفضيحة أمام أصحابه.
وقال آخر فرق الرياضة في جدة كثيرة منها الاتحاد والرياض والفلاح والإخاء والتآلف والاتفاق والنجاح والفريق المختلط والشهير بالعدنيين، وهذه الفرق لا يوجد بينهم اتفاق غالباً بل العداء والبغضاء أقرب بينهم أو هو مستولٍ عليهم وفي بعض الأحيان يصل إلى حد الملاكمة.. وإني أخشى أن تصل إلى معارك شديدة كمعارك المزمار (هكذا).
كلمة الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود الارتجالية..
ساداتي، إخواني..
يسرني أن أشاهد افتتاح مدرسة العلوم الشرعية لدرس الخطابة في عام 1357 هـ وهذا الفن الذي اهتم به الغربيون اليوم اهتماماً عظيماً، لما لمسوه من الفوائد الجمّة وأهمله العرب اليوم إهمالاً فظيعاً. إن هذا الفن لم يك للعربية، بل هو للعرب قبل أن يكون للأوروبيين، وللإسلام قبل أن يكون للغرب، فنحن إذا اعتنينا بهذا الفن فإنما نعتني بتراث آبائنا الذي أضعناه بعد أن أخذه الغربيون عنا وأصبحوا لا يعتمدون على شيء كاعتمادهم عليه فهم بالخطابة يؤثرون على قلوب شعوبهم، ويصلون إلى بغيتهم فيحاربوننا بها، يحاربوننا بسلاحنا.
إن الخطابة فن جليل، وله قواعد وأصول، وليست الخطابة الأصوات المرتفعة والجعجعة المزعجة لقد سمعت كثيراً من الخطب في مختلف المدارس والمحافل فكانت، كالندب في المآتم..
إن الخطيب لا يكون خطيباً إلا إذا كان قوي الشكيمة، طلق اللسان بليغ العبارة ليستطيع أن ينفذ بخطابته إلى قلوب سامعيه، فيستولي عليها، وإذا لم يستطع الخطيب تحقيق ذلك فإن خطابته ستكون ثقيلة على الأسماع، ثقيلة على القلوب وربما كان صاحبها ثقيلاً على الأبصار.
لهذا يجب أن نعتني بهذا الفن عناية كاملة وندرسه دراسة فنية كاملة، وإنه ليسرني أن يكون صديقي الأستاذ عبد القدوس الأنصاري هو الذي يقوم بتدريس هذا الفن في هذه المدرسة التي آمل لها من كل قلبي النجاح ولصديقي الأستاذ التوفيق في مهمته.
الصحف والمكتبات والطباعة:
تعد هذه الأمور الثلاثة من أهم وسائل التثقيف بعد التعليم وذلك لما تغذي به القارئ من أسباب المعرفة والثقافة.
ومن منطلق هذه الأهمية عني الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود بالحديث عنها إذ كتب عن الصحافة مقالاً نشره في سنة 1347 هـ أتبعه بكلمة عن المكتبات.
وفي عام 1357 هـ فصل فيه الحديث نوع تفصيل عن الطباعة في الحجاز.
وتعد مقالاته هذه رغم قصرها وإيجازها من أهم المصادر التي كتبت عن الصحافة والمكتبات والطباعة في الحجاز، وبخاصة أن الرجل كان يتحدث حديث العارف بهذه الأمور لأن عمله مديراً لمطبعة صحيفة أم القرى جعله أعرف بتاريخ هذين المرفقين.
ثم إن مقالاته كانت تلقى اهتماماً من أهل زمانه، يدل على ذلك الاستدراك الذي استدركه عليه في موضوع الصحافة الشيخ محمد ماجد الكردي.
ويبدو من عبارات الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود أنه كان يحترم الفكر وأهله ولا يرى حرجاً في نشر ما يستدرك عليه الآخرون، وهذه صفات أولي الفضل المتحلين بأخلاق العلماء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :487  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.