شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
واجب الأمة نحو المدارس (1)
من الشيء المسلَّم به والذي لا يحتاج إلى دليل أن المشاريع العمرانية، والمؤسسات الخيرية لا تتوطد دعائمها ولا يتم نجاحها ولا تظهر فائدتها إلا إذا شجعت وعضدت ومن أهم الأشياء التي يجب أن تساعد بها، وتقدم إليها المساعدات المالية، التي هي من الضروريات الأولويات لحياتها وتقدمها، وكلما كان تقدم تلك المشاريع والمؤسسات عظيماً كانت فائدتها أعظم وثمرتها أحسن والعكس بالعكس.
ولما كانت الأمة بصفتها كتلة واحدة في تكوين مجتمعها وهي مسؤولة عن تحسينه وتثقيفه وتهذيبه، وبث روح الحياة فيه، فقد أصبح عليها من الواجبات نحو ذلك شيء عظيم.
ولما كانت الأمة تتكوّن من الأفراد ليتسنى للأمة الذين ينتمون إليها ويرتبطون بها فقد أصبح على كل فرد منها واجب ومطلوب منهم التكاتف والتآزر للقيام بعبء هذه الحياة ليتسنى للأمة السير بجانب غيرها من الأمم، ثم يجب علينا أن نلاحظ سير الحياة وتطورها عملاً بتنازع البقاء وبقاء الأمثل، فيكون تمركزها قوياً وتسير على أساس متين.
وإن الواجب يقضي بأن يعمل كل فرد من الأمة لإسعادها ورقيها بعزيمة صادقة ونيّة خالصة بقدر استطاعته وبحسب مداركه، وأن يقدم لمؤسساتها الخيرية ما يستطيع بحسب وسع ذات يده، وإن واجب المثقفين المتعلمين وأرباب الثروة نحو هذه الأشياء أعظم من واجب الجاهل، ومن واجب المعدم الذي لا يجد ما يقدمه لأن جهل الأول وإعسار الثاني أوجب بهما هذه الشفقة وخفف عنهما هذا الواجب.
ونظراً إلى كوننا قد أخذنا نسعى للحياة من جديد، فيجب أن يكون سعينا حثيثاً وأن يكون سيرنا على أساس ثابت، ولما كانت المشاريع العمرانية والمؤسسات الخيرية من أهم الأشياء التي نحتاجها والتي تعود علينا بالفائدة فيجب على كل فرد منا أن يوجه شطراً من عنايته إليها، وبالأخص أرباب الثروة، والذين لا يضيرهم ذلك، وإن الثروة التي لا تستفيد منها الأمة، والتي لا ينفق منها قسم في صالحها وتحسين أحوالها وترفيه حياتها لربما يكون عدمها أحسن من وجودها.
وإن المدارس التي تضع بين جدرانها أولادنا وأفلاذ أكبادنا ومنح قلوبنا ومن هم أعز الناس عندنا والتي على ثمرتها يتوقف سير حياتنا وتقدمنا لها علينا واجبات يجب أن نقدمها إليها ويجب أن نعضد بها ويجب أن نمد إليها يد المساعدة ويجب أن نتعهدها بين كل حين وآخر لأن ذلك في صالحنا زيادة على كونه واجباً علينا (والواجب لا يترك) وإذا لم نؤد هذا الواجب على الوجه الأكمل متساعدين جميعاً مقسمين هذا العبء الثقيل الذي قضت سنَّة الكون بأن نحمله فيكون سيرها ضعيفاً وسنضطرها لأن تغلق أبوابها.
وما دمنا الآن نسعى في إعادة المجد القديم، فما أجدرنا أن نشجع المدارس لأن ذلك له أثر قوي في ما نطلبه ونرنو إليه فنقدم إليها شيئاً مما أنعم به الله علينا لبث روح الحياة والنشاط فيها وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً (المزمل: 20) كما أنه يجب أن نسعى جهدنا في الإكثار من المدارس لأن لا شيء في العالم يفيد الأمم أحسن من العلم ولا شيء يضرها ويؤخرها مثل الجهل، ولا نستطيع أن نقضي على الجهل ونوسع دائرة العلم إلا بالمدارس والإكثار منها، ويجب أن تكون دينية وصناعية وفنية، وإن احتياجنا الآن إلى كل شيء يقضي علينا بأن نوجد كل ما نحتاجه، وما علينا الآن إلا أن نتبع الطرق المشروعة في تكوينه وتغذيته وتقدمه وتحسنه لينجح، وإن هذا مطلوب من الأمة كما هو مطلوب من الحكومة، إذ إنه كما على الحكومة واجبات، على الأمة واجبات أيضاً، وإذا لم يقم كل من الحكومة والأمة بالواجبات التي عليها متكافئين متساعدين فسيكون سيرنا بطيئاً.
والحقيقة أن الأمة مقصرة في كثير من الواجبات التي عليها وبالأخص في مساعدة المدارس والجمعيات الخيرية مع أن هذا واجب عليها، ثم نحن في حاجة شديدة إلى ذلك وما دامت الحاجة شديدة فيجب أن يكون من جميع الطبقات كل بقدر جهده، وبحسب استطاعته ولو كان ذلك قليلاً لأن من القليل يتولد الكثير.
ومن القطر تسيل الأودية.
فهلا سعينا لأداء هذا الواجب.
وهلا حفزتنا شهامتنا ونحن أهلها إلى ذلك.
وهلا دفعتنا الغيرة والحمية ونحن أبناء العرب الأشاوس لسد هذا الفراغ؟
هلا عملنا ذلك.
والله لئن عملنا ذلك وقمنا به فسنسدي إلى أبنائنا ووطننا أعظم خدمة إنسانية جليلة وبذلك نخطو خطوة واسعة في سبيل التقدم الذي كل منا يلهج به، ويلوكه في لسانه ليل نهار. أما إذا أهملنا ذلك فسنكون قد قصرنا.
ثم يجب أن نعرف معرفة تامة أن المدارس الأهلية في حاجة شديدة إلى المساعدة وأن هذه الأزمة الخانقة قد أثرت فيها كثيراً ويكفي أن نرى كثيراً من أساتذتها قد تنازلوا من قسط عظيم من رواتبهم إزاء هذا المشروع الإنساني الجليل فما أحرى الأمة أن نمدها أيضاً بما تستطيعه من مساعدة لأن المنفعة مشتركة.
فهل نحن فاعلون..
إنا لذلك منتظرون..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :975  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

وحي الصحراء

[صفحة من الأدب العصري في الحجاز: 1983]

الأعمال الشعرية الكاملة وأعمال نثرية

[للشاعر والأديب الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج