شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التربية والتعليم
عندما يتحدث محمد سعيد عن التربية والتعليم، فإنه يتحدث عن أشياء كثيرة، عن المدرسة مبنى، وأساتذة، ومناهج، وأساليب تعليم، ومنافذ إنفاق، وعن المنزل، والأسرة وكيف تُنشئ وتربي. وعن المرأة وتعليمها، وعن المجتمع وموقفه من التربية والتعليم ووسائلها. وهو لا ينسى ما تبذله الدولة في ذلك على الرغم من شحّ مصادر دخلها إذ ذاك، ومع هذا فقد أنشأت الكثير من المدارس والمعاهد، وبذلت العون للمدارس الأهلية التي كانت قائمة ((كالفلاح)) و ((الصولتية)) وهذا ما أشاد به صاحبنا.
وكان محمد سعيد قد نشأ في بيت علم وعلى يد رجل تعليم، فلقد كان أبوه أزهرياً وفد على الحجاز وامتهن التدريس، لذا لقب بـ (خوجه) كما هي عادة أهل ذلك الزمان في تلقيبهم من يلبس الجبة والعمامة ويمتهن التدريس، وكان أسلاف خوجه من العرب النازحين إلى مصر، فوفوده على الحجاز عودة إلى موطن أسلافه، وفي مكة المكرمة كان مولد ابنه محمد سعيد الذي عني أبوه بتربيته، وغرس حب العلم والعربية في نفسه، ومن هنا كانت عناية هذا الابن بالتربية والتعليم وإدراكه ما بينهما من تلازم جعل كمال كل واحد منهما مرتبطاً باقترانه بالآخر، فجدّ في الدعوة إليهما وإصلاحهما.
لقد كان الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود من الرجال المثقفين الذين هيأهم استعدادهم لأن يطرقوا بأقلامهم كل باب وأن يسيروها في كل طريق من طرق الإصلاح، وذلك ما جعل الكثيرين من أقرانه ينفسون عليه ويتهمونه بادعاء المعرفة في كل شيء، ولو أنهم نظروا إلى المثقفين من الأدباء لشمل الحياء أقلامهم، وهذا حديث له موضع آخر، فما شأن أبي عبد المقصود مع التربية والتعليم. لقد نظر إلى مدارس زمانه فوجدها على نحو لا يكفل لها أداء رسالتها على الوجه الأمثل، فأراد أن يسهم في إصلاحها بالدعوة إليه، فتحدث عن المدرس ومهمته وما يجب في إعداده ثم ما يطلب منه وهو يؤدي عمله من أساليب فنية وعلمية وتربوية.
وتحدث عن المدرسة والقائمين عليها، وعن النظم والمناهج، وأوضح أن ذلك كله لم يكن في مدارس الحجاز على الوجه المرضي إذ ذاك ولم يغفل عن مسؤولية البيت والمجتمع وأنهم شركاء للمدرسة في المسؤولية عن أجيال المستقبل وكان لا يهمل في مسألة التعليم شيئاً حتى بنايات المدارس وطرق الإنفاق عليها.
وقد يحس القارئ لمقالته أن الرجل كان يقسو على المسؤولين عن التعليم وخصوصاً المدرسين، وأنه كشف عيوبهم في كلمات، غير أنه كان معذوراً لأنه تيقَّن أن المدرسة هي الأساس الأول والمتين لبناء المجتمع الأمثل ـ وذلك ما ذكره في صدر حديثه ـ ووجد أن هزّ تلك المدارس هزًّا قوياً لتستيقظ فتتنبه لمسؤوليتها فتسهر على إصلاح ما فسد من أمرها، وتقوّي ما كان صالحاً فيها.
ولم ينسَ المرأة في أحاديثه عن التعليم، فدعا إلى تعليمها لأن في ذلك سبيلاً لإصلاح ذريتها. وتحدث عن الطفل وتربيته وأوضح أن المسؤولية الأولى تقع على الأسرة ورأسها في ذلك (الأم) وأشار إلى دور المدرسة في تربية الطفل وأن عليها جزءاً من المسؤولية، لكنه طالب بإعداد المدرسة أيضاً لهذه المسؤوليات.
أما التربية التي هي جزء من التعليم في أغلبها، فإنه قد وسع دائرة الحديث فيها حيث تحدث عن الوقت الذي يضيع هباء عند أبناء زمانه اللَّهم إلاّ في زمن المواسم وهو محدود. ثم عن الرياضة وهي لون من ألوان التربية البدنية إذا أحسن توجيهها عادت على المجتمع والفرد بخير كثير.
ومن أمثلة حديثه عن التربية البدنية حديثه عن الكرة، فلقد كتب عنها داعياً إليها ومشجعاً عليها، حتى إذا أبصر الناس ينقسمون عليها إلى أحزاب وشيع تشتد بينهما الخلافات التي قد تصل إلى المنازعات والمشاجرات نادى بوجوب التوجيه السليم لهذه الرياضة البدنية التي لم يقصد من وراء تشجيعها سوى تنمية القوى البدنية إلى ما يصحب ذلك من تنشيط القوى العقلية من طريق التفكير السريع في الحركة المفضية إلى حصول الهدف. ومن حديثه عن الدرجات أنه يرى أن المدارس في حاجة إلى إصلاح يشمل جميع مقوماتها، ولذلك فهو يقول عنها: إن حاجة مدارسنا إلى التحمل أكثر من حاجتها إلى الغربلة.
ومنه أيضاً قوله: لقد كانت بعض المدارس مقلوبة الكيان في نظامها وتنظيمها. أما الآن، فقد طرأ عليها شيء من التعديل لكنه يحتاج إلى عناية أكثر وترتيب أجمل. وهو لا يقف عند حد كشف العيب وإبراز النقص، بل يدعو إلى ما يسد به الخلل ويصلح به العيب ويكمل به النقص.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :783  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 243 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.