شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
محمد سعيد من شواهد فراسة الملك عبد العزيز
إن شواهد فراسة الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ تطالعنا كلما قلّبنا صفحات تاريخ هذه البلاد، مما لا يحتاج إلى شيء من تأكيد، لكننا نذكره هنا للمناسبة، وهي إسناده إدارة صحيفة أم القرى ومطبعتها إلى هذا الشاب الذي يدرج في الحادية والعشرين من العمر، فما الذي استطاع هذا الشاب تقديمه لهذه الصحيفة ومطبعتها.
لقد عُيِّن مديراً لجريدة أم القرى ومطبعتها سنة 1345هـ، وكان يقبل على عمله الجديد بنشاطه المعهود، وأخذ على عاتقه تطوير المطبعة بعد أن سماها ((مطبعة الحكومة)) وأرسل بعثتين إلى مصر، الأولى في عام 1345هـ ومهمتها إجادة فن الطباعة والتجليد، والثانية في آخر العام نفسه ومهمتها الدراسة في معمل الطوابع الزنكوغراف، وكان لهاتين البعثتين أثر كبير في تطوير فن الطباعة إلى ما أضافه إلى أجهزتها من إضافات.
أما التحاقه بالحسبة ـ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ فكان في عام 1350هـ، وهو أول من التحق بها من أهل مكة، وكان الناس يعجبون من أمر هذا الشاب الطويل، الأبيض الوسيم، العصري الأديب، الذي يدور على أرباب المحلات ويلزمهم بالقيام إلى الصلاة، وذلك أنه ما كان يلتحق بهذا العمل إلاّ من جاوز مرحلة الشباب وكان إذ ذاك في السادسة والعشرين وظل مديراً للجريدة والمطبعة إلى أن اشتد به المرض عام 1360هـ، فأناب مكانه في الإدارة الشيخ عادل ماجد كردي، ورحل إلى الطائف حيث نصحه الأطباء بالإقامة هناك وأنزل في قصر الشيخ يوسف ياسين، حيث توفي هناك ـ رحمه الله ـ بعد مغرب أحد أيام الخميس 1360هـ وكان قد شرع في إقامة مبنى جديد للمطبعة والصحيفة يكون أرحب وأكثر ملاءمة لمتطلبات هذين العملين.
وكان الملك عبد العزيز يثق فيه ويعرف حسن نياته وإخلاصه في العمل، ولذا كان سريع الاستجابة لاقتراحات الرجل. ومن تقدير الملك عبد العزيز له أن أجرى لأبنائه بعد وفاته مرتباً تقاعدياً فكان أولاد محمد سعيد أول من أجري لهم مرتب تقاعدي.
ولقد عرف صاحبنا الحياة واستقبل التعليم في أيام كان يرى كل ما من حوله مشوباً بالعجمة إن لم يكن جميعه أعجميًّا.
فلقد دخلت اللغة التركية الدواوين الرسمية، والمطابع، والمكتبات، والصحف مع قلة هذه الوسائل وهزالها، ثم كان حزب الاتحاد والترقي الذي كان يحاول فرض آرائه وأهدافه على الناس، وفي عام 1334هـ انتهى عهد الأتراك في الحجاز، وبدأ العهد الهاشمي. ومع أن دبيب الحياة في الوسائل التثقيفية من مدارس وصحف ومطابع ونحوها كان بطيئاً هزيلاً، إلاّ أن البون كان شاسعاً بين العهدين التركي والهاشمي.
وفي عام 1343 بدأ العهد السعودي في الحجاز، العهد الذي وحدت فيه البلاد وباتت بنجوة من الحروب وويلاتها، ومن أطماع الطامعين الذين يرهقون بنزواتهم العباد. ويمزقون بأهوائهم البلاد، فيسود الفساد والاستبداد ـ لقد انتهى ذلك في العهد السعودي فاستقرت الأحوال وهدأت النفوس، وأخذ الناس يصلون العمل بالعمل، والجد بالجد ليلحقوا بركب ما جاورهم من البلدان فانتشرت المدارس والصحف والمطابع وتقدمت أساليبها.
ومما كان له الأثر البالغ في اليقظة الأدبية، أمر الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ بإلغاء الحظر ورفع القيود عن الكتب والصحف والمجلات الوافدة، تلك التي منع دخولها الحجاز فيما قبل العهد السعودي، ولذا كانوا في تلك الأزمنة يتلقفون ما يُهرَّب منها فيجتمعون على قراءتها إذا كانت صحفاً، ويتبادلونها إذا كانت كتباً ومجلات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1347  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 237 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.