فَتَّشْتُ في قاموسِ ذاكرتي . . |
نَخَلْتُ الأبجديةَ . . . |
غُصْتُ في كتبِ البلاغةِ والبيانِ . . . |
بحثتُ في دُرَرِ الكلامِ . . . |
فما رجعتُ بغيرِ يأسي من طريفي والتليدْ! |
ماذا أُسَمّي هندْ؟ |
هندٌ ضحكةٌ عذراءُ ما مرَّتْ على شفةٍ . . . |
وقافيةٌ مُخَضَّبَةٌ بدمعِ الوجدِ . . . |
أغنيةٌ تُرتِّلُها الحمامةُ . . . |
وردةٌ كانت بمفردِها الحديقةَ . . . |
صولجانُ العشقِ في الزمنِ الجديدْ |
وأنا الشهيدُ الحيُّ . . . |
سادنُها |
وحارسُ بابِ حجرتِها العنيدْ |
وأنا طريدُ الجنةِ المحكومُ بالعَطَشِ المؤبَّدِ |
والمكوثِ وراءَ سورِ الوصلِ |
أحمل صخرةَ الحرمانِ في الوادي السعيدْ |
وأنا أريدُ . . . . |
ولا أُريدْ |
موتاً يليقُ بدمعِ هندٍ . . . |
أنْ أخُرَّ مُضَرَّجاً بالوجدِ |
بين هديلِ مبسمِها |
ووردِ فمٍ وجيدْ |
هندٌ زفيرُ الياسمينَ . . . |
شهيقُ جنّاتٍ . . |
بخورُ صباحِ عيدْ |
ويمامةٌ ضوئيَّةٌ |
حَطَّتْ على شبّاكِ قافيتي |
فَزَغْرَدَتِ السطورُ |
وفاضَ دمعُ الشعرِ من مُقَلِ القصيدْ |
وأنا أريدُ . . . |
ولا أُريدْ |
بحراً "خليليًّا " |
يليقُ بِلَهْوِ أشرعةِ الحريرِ الأسودِ الغَجَريِّ . . |
بحراً هادئاً يهفو لزورقِها . . |
أريدُ . . . ولا أريدْ |
جُرْحاً يليقُ بدفءِ راحتها . . |
تُمَسِّدني فأشفى . . |
ثمَّ أجرحني |
فتمسح بالوشاحِ دمي |
فأَرْحَقُ عطرَ بيدرِها النهيدْ |
وأنا أريدُ . . . |
ولا أُريدْ |
عشقاً أُجَنُّ بهِ . . فَتَعْقِلُني . . |
ضَياعاً في حقولِ المَنِّ والسلوى |
يُريحُ بها حقيبة عمرِهِ |
الصبُّ الشريدْ |
ماذا أُسمِّيها؟ |
الخرافَةُ؟ |
مرةً ضحكتْ |
فأمطرتِ السماءُ الفُلَّ والنعناعَ |
صارَ الشوكُ ورداً . . . |
عدتُ طفلاً |
تَسْتحثُّ خطايَ أسرابُ العصافيرِ . . |
الفراشاتُ . . |
المدينةُ كلها ركضتْ معي . . |
حتى الرصيفُ الصخرُ شاركنا النشيدْ |
وأنا أريدُ . . . . |
ولا أُريدْ |
جرحاً أموتُ به . . |
لأُولدَ في هواها من جديدْ! |
ماذا أُسمِّيها؟ |
الحقيقةُ؟ |
عاتَبَتْني مرةً |
فاغْتاظت الأنهارُ من حقلي . . |
وخاصَمَ ليلتي القنديلُ . . . |
أصْحَرَتِ البساتينُ . . |
استحالَ العشبُ في عينيَّ دَغْلاً . . |
نَكَّسَتْ أغصانَها الأشجارُ . . |
واكتهل الندى . . |
فأنا أريدُ . . ولا أريدْ |
عَطَشاً يجِفُّ دمي بهِ |
لِتَزِقَّ لي نَسَغاً |
فَيَلْبَسُ حُلَّةَ النبضِ الوريدْ |
وأنا أريدُ . . |
ولا أريدْ |
كوخاً على سَعَةِ الهوى |
لا كنزَ "قارونٍ" |
ولا أملاكَ "هارون الرشيدْ" |