تَعافَيْتُ من داءِ يأْسي .. |
ومن ظَنِّ أمسي .. |
فَجِئْتُ إليكِ أقودُ سفينةَ عمري |
فلا تخسريني .. |
أنا مُتْرَفٌ .. مَتْرَفٌ .. فاغْنَميني |
وكوني ضِفافَ اليقينْ |
أنا أَوَّلُ الحالمينْ |
بكوخٍ على هُدْبِ نَبْعٍ تَوَسَّطَ بُستانَ تينْ |
فلا تخسريني .. |
سأُهديكِ ثوباً من الوردِ |
فَيْئاً نَدِيًّا كجفنٍ تَنَدّى بدمعِ الحنينْ |
وأسقيكِ راحاً من النبعِ في كوزِ طينْ |
وخبزاً نَقِيًّا كماءِ الجبينْ |
سأُمطِرُ بَرْدَكِ دفئاً |
وَصَيْفَكِ بَرْدا .. |
أَجودُ ـ إذا أَصْحَرَ الشوقُ ـ وَجْدا |
فماذا تُريدينَ أكثرَ من أَنْ |
أصوغَ لك الوردَ عِقدا؟ |
وأغسلَ باللثمِ جيداً وَخَدّا؟ |
وماذا تريدينَ |
أكثر من أَنْ يكونَ الهوى الطائعَ المستبدا؟ |
أنا آخرُ الفاتحينْ |
حصاني حصيرٌ من الخوصِ |
سيفي يَراعٌ |
وَدِرْعيَ غصنٌ من الياسمينْ |
فماذا تُريدينَ أكثرَ من أَنْ تكوني المليكةَ |
في واحةِ العاشقينْ؟ |
جَواربكِ بَطٌّ .. وُحُرّاسُكِ النخلُ والياسمينْ |
وماذا تريدينَ أكثرَ من أَنْ |
تسيلَ على قدميكِ الجداولْ |
وتأكلَ من راحتيكِ البلابلْ؟ |
أكثرَ من أَنْ تنامي |
يُغَطّيكِ عشبٌ |
ويحرسُ عينيكِ صَبٌّ أمينْ |
تَحطُّ على شَفَتيكِ الفراشاتُ .. |
يغتاظُ ثغري .. فأضحكُ .. |
أضحكُ من غَيْرَةِ المُسْتكينْ |
فَتَستيقظينْ |
على كركراتِ فتاكِ الطليقِ السجينْ؟ |
وماذا تريدينَ أكثر من أَنْ أكونَ |
سفيرَ هواكِ لدى الأزمنهْ |
أُمَثِّلُ طُهْرَكِ في حضرةِ المئذنهْ |
وأنقلُ للسوسنَهْ |
تفاصيلَ أشذائِكِ المُزْمِنَهْ؟ |
وماذا تريدينَ |
أكثرَ من أن أكون صريعَ هواكِ |
فأُورِثُ عينيكِ دمعي .. |
وأُورِثُ خَدّيكِ رَوْعي .. |
وأُوْرِثُ ليلَكِ مفتاحَ بابِ الأَرَقْ .. |
وَصُبْحَكِ ما كان لي من قلقْ .. |
وأُورِثُ جيدَكِ ياقوتةَ الصبرِ |
عندي من الصبرِ فَيْضٌ .. |
وكنزُ جنونٍ دفينْ |
وأُورِثُ صدركِ همًّا كثيراً |
لديَّ من الهمِّ ما سوف يكفيكِ عمراً طويلاً |
ويُغْنيكِ عن أنْ تمدي يديكِ |
لساعةِ حزنٍ من العالمينْ |
فماذا تريدينَ |
أكثرَ من أَنْ تكوني |
وريثةَ هذا الشقيّ الحزينْ؟ |
* * * |