ما كنتُ عبداً للهوى |
ولا اسْتَبى الجَمالُ مني خافِقاً منيعا .. |
فما الذي غَيَّرَني |
حتى غَدَوْتُ المُدْنَفَ المُطيعا؟ |
مَلَكْتِ من أشجاريَ الأصولَ والفروعا |
فما الذي أَبْقَيْتِ للماءِ الذي أَعْشَبَ رملي |
فَغَدا خريفُهُ رَبيعا |
إنْ كنتِ قَدْ مَلَكْتِني جميعا؟ |
وما سَتُبْقينَ لِمَنْ أَحْبَبْتُ في يَفاعَتي |
إِنْ كنتِ قَدْ مَلَكْتِ في كهولتي |
ياقوتَةَ الحكمةِ .. والبستانَ .. واليُنْبوعا؟ |
وما سَتُبْقينَ لِمَنْ فارَقْتُ من أَرومتي |
إنْ كنتِ قد مَلَكْتِ مني الجفنَ |
والأهدابَ .. والدموعا؟ |
وما سَتُبْقينَ لِمَنْ أَحَبَّني قبلكِ يا أنيستي |
إن كنتِ قَدْ مَلَكْتِ مني شَفَةً |
ومقلةً .. |
وخافقاً ضَروعا؟ |
أُريدُ أَنْ اعْتَكِفَ الآنَ .. |
فهل تركتِ قلبي لحظةً واحدةً |
لَعَلَّني اكتشفُ الجسرَ الذي |
يُوْصِلُ عينيكِ بعينيَّ ولو سُوَيْعَةً |
من قبل أنْ أَسقطَ في مُغْتَرَبي مَروعا! |
سَرَقْتِني مني |
فما تَرَكْتِ لي ـ إِلاَّكِ ـ في صَوْمَعَتي شموعا |
فَمَسِّدي يبيسَ عمري |
آنَ للمهاجرِ الضائعِ أَنْ يبتدئَ الرجوعا |
مَنْ لي سوى يديكِ يا أسرتي |
يمكنُ أَنْ تكونَ حول خافقي ضلوعا؟ |
قِفي على شرفةِ عَيْني لحظةً |
عسى أعودُ هادئاً وَديعا! |
فالوَجْدُ قد صَيَّرَني مُشاكسِاً جَزوعا! |
تهْتُ .. فهل وَجَدْتِني |
من قبلِ أَنْ أَضيعا؟ |
* * * |
أَدْرِكْ أَنَّ ليلتي قارَبَتِ الهَزيعا |
وأَنَّ سنديانتي لمّا تَعُدْ ضاحكةَ الوَرْدِ .. |
ولا ربابتي |
تُثْمِلُ في لحونِها الجموعا .. |
أدرك أَنَّ نَجمكِ الصبوحَ |
لا زال على عادتِهِ سَطوعا .. |
وأنَّ من حولِكِ ألفَ عاشقٍ |
يحلمُ لو خَرَّ على يديكِ ـ من صَبابةٍ ـ صريعا .. |
لكنَّ قلبي لم يَزَلْ طفلاً |
وبستاني يفيضُ خضرةً |
وأنني لا زالَ في نخلةِ عمري رَطَبٌ |
هِزّيه يَسّاقَطْ جَنِيًّا: |
دَنَفاً .. عشقاً .. |
هياماً طاهراً خَشوعاً .. |
وَوَطِّنيني منكِ قلباً بعدما |
مَلَكْتِني جميعا! |
* * * |