فَتَّشْتُ في قلبي فلمْ أجِدِ |
إلاّكِ قنديلاً يُضيءُ غَدي |
وَفَحَصْتُ ذاكرتي .. أَفاتنةٌ |
أُخرى يُنادِمُ طَيْفَها خَلَدي؟ |
وَنَخَلْتُ حنجرتي لعلَّ بها |
بعض الصَّدى من ((هِنْدَ)) أو ((دَعَدِ))
|
فَوَجَدْتُها تشدو لِيُثْمِلَها |
ما فيكِ من طيبٍ ومن غَيَدِ
(1)
|
وَوَجَدْتُني من دونِها شَفَةً |
خرساءَ.. أو جفناً إلى رَمَدِ |
فكأنَّما الأرحامُ قد عَقُمَتْ |
مِنْ بعد مَنْ أهوى فلم تَلِدِ |
ما أنتِ؟ قوليها علانيةً.. |
هلاّ أَجَبْتِ سؤالَ مُفْتَأَدِ
(2)
؟ |
أنساكِ؟ حاشى.. عهدَ مُحْتَنِفٍ |
أهواكِ ما عَمَّرْتُ من أَمَدِ
(3)
|
تبقينَ ما ظَلَّ الفؤادُ على |
دينِ العظيمِ الواحدِ الأحدِ |
جَسَدي؟ رَمَيْتُ بهِ إلى جَدَثٍ |
يمشي معي .. لا تحذري جَسَدي |
فأنا بَخورُكِ يا مُبَشِّرَةً |
بِعَفافِ مسنودٍ إلى عَمَدِ |
وأنا صَداكِ .. كَتَمْتُ حَشْرَجَتي |
وَغَدَوْتُ رَجْعَ صُداحِكِ الغَرِدِ |
شُلَّتْ إذا نَسَجَتْ لفاتنةٍ |
أُخرى مناديلَ الهيامِ يَدي |
وَتَهَشَّمَتْ مرآةُ مُقْلَتِها |
عَيْني إذا تُغْوى بِمُنْتَهِدِ
(4)
|
ما حُجَّتي يومَ الحسابِ إذا |
شَهَدَتْ عليَّ بِنَكْثِها عُهُدي؟ |
أَوْلَسْتُ من أدى يمينَ هُدىً |
جهراً وأَشْهَدَ عِزَّةَ الصَّمَد؟ |
أَنْ لا يُبايِعَ غَيْرَ مُفْطِمِهِ |
وَسَرابِهِ وِرْداً لِثَغْرِ صَدي؟ |
ولقد ظَمِئْتُ وكنتُ في غُدُرٍ |
فشربتُ نيراني .. ولم أَرِدِ
(5)
|
قَنَعَتْ بِصابِكِ ـ غيرَ آسفةٍ ـ |
شَفَتي .. فيا صابَ الحبيبِ زِدِ
(6)
|
لكِ في فمي كأسُ ومائدةٌ |
لا تَبْخَلَنَّ بِدَوْرَقٍ .. فَجُدِ |
وَرَضَيْتُ من بحرٍ صَبَوْتُ إلى |
مرجانِهِ الضَوئيِّ بالزَبَدِ!! |
ما حيلتي؟ فَلَقَدْ خُلِقْتُ إلى |
سوطِ الهمومِ وَمِدْيَةِ النكدِ |
للموحشاتِ أكنتُ مغترباً |
دامي الخطى .. أو كنتُ في بَلَدي |
للموتِ بجفوني فأَتْبَعُهُ |
أَمَلاً بِعَطْفِكِ يومَ مُلْتَحَدي
(7)
|
أنا ((قَيْسُكِ)) المطرودُ .. خيمتُهُ |
بينَ الخيامِ يتيمةُ الوَتَدِ! |
يا حُزْنَ ماضي العمرِ يا أَبَتي |
يا صَبْرَ باقي العمرِ يا وَلَدي |
رِفْقاً بِعُكّازي فَقَدْ وَهُنَتْ |
ساقي .. وأحداقي بلا مَدَدِ |
أَسْرَفْتَ في إذلالِهِ عَسَفاً |
فارفقْ بهِ يا حزنُ واقْتَصِدِ |
جِئْني بها صَحْواً لِتُوْقِظَ بي |
طفلَ المُنى فَيَشُدَّ من عَضُدي |
عطفاً عليَّ وطاعةً .. فَلَكَمْ |
نادى الرَّسيفُ وليس من أَحَدِ
(8)
|
يا مَنْ أَسَرْتَ غدي أَغِثْ أملي: |
إياكَ تُرْخي ـ أسري ـ صَفَدي |
سَيَضيعُ لو أطْلَقْتَ مُخْتَبلاً |
طارَتْ حَمامَتُهُ ولم تَعُدِ |
نَثَرَتْ عليه هديلَها فَغفا |
طفلاً تُهَدْهِدُهُ يَدُ الرَّغَدِ |
وَمَضَتْ فعادَ نزيلَ وَحْشَتِهِ |
يمتارُ من جمرٍ ومن كَمَدٍ
(9)
|
زهراؤهُ وطنٌ ومئذنةٌ |
وحديقةٌ قدسيَّةُ الرَّفَدِ |
يَبُسَ الضياءُ على نوافذِهِ |
أَمّا ظلامُ دروبهِ فَنَدي |
فاحْكِمْ عليه وثَاقَهُ حَرَداً |
لمزيدِ ترحالٍ بلا سَنَدِ
(10)
|
أنا أنتَ .. حَدِّقْ بيْ تَجِدْكَ على |
شَفَتيَّ مكتوباً.. وفي كَبِدي |
أنا أنتَ .. فَتِّشْني تَجِدْ بِدَمي |
ما فيكَ من جَمْرٍ ومن بَرَدِ |
تَجِدِ ((الفراتَ)) يسيلُ من مُقَلي |
دمعاً فأشْرَبُهُ على جَلَدِ |
تَجِدِ الخرابَ ((البابليَّ)) على |
وجهي وَذُعْرَ العاشقِ ((الأَكدي))
|
أنا ((بابلُ)) .. وأنا حرائقُها |
ورمادُها .. وشريدُها الأبدي |
و ((السومريُّ)) الطفلُ أَنْسِجُ منْ |
عُشْبِ الضفافِ وَزَهْرِها بُرَدي |
وأنا ((الرصافةُ)) باتَ يوحِشُها |
جسرُ الهوى حيث الزمانُ رَدِي |
وأنا ((السماوةُ)) حيثَ نَخْلَتُها |
سَعَفٌ وَعِذْقٌ غيرُ مُنْتَضِدِ
(11)
|
والمُسْتجيرُ بِبِئْرِ غُرْبَتِهِ |
هلاّ مَدَدْتِ إِليهِ من مَسَدِ
(12)
|
إنْ قدْ عُدِمْتِ الحبلَ يُنْقِذُهُ |
مُدِّي له طوقاً من الرَّشَدِ |
هل تسألين الآن كيف أنا؟ |
أنا في الهوى: بَدَدٌ على بَدَدِ! |