شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بَدَدٌ على بَدَدِ
(( إلى وطنٍ من لحم ودم.. وحبيبة من ماء وضوء وتراب ))
فَتَّشْتُ في قلبي فلمْ أجِدِ
إلاّكِ قنديلاً يُضيءُ غَدي
وَفَحَصْتُ ذاكرتي .. أَفاتنةٌ
أُخرى يُنادِمُ طَيْفَها خَلَدي؟
وَنَخَلْتُ حنجرتي لعلَّ بها
بعض الصَّدى من ((هِنْدَ)) أو ((دَعَدِ))
فَوَجَدْتُها تشدو لِيُثْمِلَها
ما فيكِ من طيبٍ ومن غَيَدِ (1)
وَوَجَدْتُني من دونِها شَفَةً
خرساءَ.. أو جفناً إلى رَمَدِ
فكأنَّما الأرحامُ قد عَقُمَتْ
مِنْ بعد مَنْ أهوى فلم تَلِدِ
ما أنتِ؟ قوليها علانيةً..
هلاّ أَجَبْتِ سؤالَ مُفْتَأَدِ (2) ؟
أنساكِ؟ حاشى.. عهدَ مُحْتَنِفٍ
أهواكِ ما عَمَّرْتُ من أَمَدِ (3)
تبقينَ ما ظَلَّ الفؤادُ على
دينِ العظيمِ الواحدِ الأحدِ
جَسَدي؟ رَمَيْتُ بهِ إلى جَدَثٍ
يمشي معي .. لا تحذري جَسَدي
فأنا بَخورُكِ يا مُبَشِّرَةً
بِعَفافِ مسنودٍ إلى عَمَدِ
وأنا صَداكِ .. كَتَمْتُ حَشْرَجَتي
وَغَدَوْتُ رَجْعَ صُداحِكِ الغَرِدِ
شُلَّتْ إذا نَسَجَتْ لفاتنةٍ
أُخرى مناديلَ الهيامِ يَدي
وَتَهَشَّمَتْ مرآةُ مُقْلَتِها
عَيْني إذا تُغْوى بِمُنْتَهِدِ (4)
ما حُجَّتي يومَ الحسابِ إذا
شَهَدَتْ عليَّ بِنَكْثِها عُهُدي؟
أَوْلَسْتُ من أدى يمينَ هُدىً
جهراً وأَشْهَدَ عِزَّةَ الصَّمَد؟
أَنْ لا يُبايِعَ غَيْرَ مُفْطِمِهِ
وَسَرابِهِ وِرْداً لِثَغْرِ صَدي؟
ولقد ظَمِئْتُ وكنتُ في غُدُرٍ
فشربتُ نيراني .. ولم أَرِدِ (5)
قَنَعَتْ بِصابِكِ ـ غيرَ آسفةٍ ـ
شَفَتي .. فيا صابَ الحبيبِ زِدِ (6)
لكِ في فمي كأسُ ومائدةٌ
لا تَبْخَلَنَّ بِدَوْرَقٍ .. فَجُدِ
وَرَضَيْتُ من بحرٍ صَبَوْتُ إلى
مرجانِهِ الضَوئيِّ بالزَبَدِ!!
ما حيلتي؟ فَلَقَدْ خُلِقْتُ إلى
سوطِ الهمومِ وَمِدْيَةِ النكدِ
للموحشاتِ أكنتُ مغترباً
دامي الخطى .. أو كنتُ في بَلَدي
للموتِ بجفوني فأَتْبَعُهُ
أَمَلاً بِعَطْفِكِ يومَ مُلْتَحَدي (7)
أنا ((قَيْسُكِ)) المطرودُ .. خيمتُهُ
بينَ الخيامِ يتيمةُ الوَتَدِ!
يا حُزْنَ ماضي العمرِ يا أَبَتي
يا صَبْرَ باقي العمرِ يا وَلَدي
رِفْقاً بِعُكّازي فَقَدْ وَهُنَتْ
ساقي .. وأحداقي بلا مَدَدِ
أَسْرَفْتَ في إذلالِهِ عَسَفاً
فارفقْ بهِ يا حزنُ واقْتَصِدِ
جِئْني بها صَحْواً لِتُوْقِظَ بي
طفلَ المُنى فَيَشُدَّ من عَضُدي
عطفاً عليَّ وطاعةً .. فَلَكَمْ
نادى الرَّسيفُ وليس من أَحَدِ (8)
يا مَنْ أَسَرْتَ غدي أَغِثْ أملي:
إياكَ تُرْخي ـ أسري ـ صَفَدي
سَيَضيعُ لو أطْلَقْتَ مُخْتَبلاً
طارَتْ حَمامَتُهُ ولم تَعُدِ
نَثَرَتْ عليه هديلَها فَغفا
طفلاً تُهَدْهِدُهُ يَدُ الرَّغَدِ
وَمَضَتْ فعادَ نزيلَ وَحْشَتِهِ
يمتارُ من جمرٍ ومن كَمَدٍ (9)
زهراؤهُ وطنٌ ومئذنةٌ
وحديقةٌ قدسيَّةُ الرَّفَدِ
يَبُسَ الضياءُ على نوافذِهِ
أَمّا ظلامُ دروبهِ فَنَدي
فاحْكِمْ عليه وثَاقَهُ حَرَداً
لمزيدِ ترحالٍ بلا سَنَدِ (10)
أنا أنتَ .. حَدِّقْ بيْ تَجِدْكَ على
شَفَتيَّ مكتوباً.. وفي كَبِدي
أنا أنتَ .. فَتِّشْني تَجِدْ بِدَمي
ما فيكَ من جَمْرٍ ومن بَرَدِ
تَجِدِ ((الفراتَ)) يسيلُ من مُقَلي
دمعاً فأشْرَبُهُ على جَلَدِ
تَجِدِ الخرابَ ((البابليَّ)) على
وجهي وَذُعْرَ العاشقِ ((الأَكدي))
أنا ((بابلُ)) .. وأنا حرائقُها
ورمادُها .. وشريدُها الأبدي
و ((السومريُّ)) الطفلُ أَنْسِجُ منْ
عُشْبِ الضفافِ وَزَهْرِها بُرَدي
وأنا ((الرصافةُ)) باتَ يوحِشُها
جسرُ الهوى حيث الزمانُ رَدِي
وأنا ((السماوةُ)) حيثَ نَخْلَتُها
سَعَفٌ وَعِذْقٌ غيرُ مُنْتَضِدِ (11)
والمُسْتجيرُ بِبِئْرِ غُرْبَتِهِ
هلاّ مَدَدْتِ إِليهِ من مَسَدِ (12)
إنْ قدْ عُدِمْتِ الحبلَ يُنْقِذُهُ
مُدِّي له طوقاً من الرَّشَدِ
هل تسألين الآن كيف أنا؟
أنا في الهوى: بَدَدٌ على بَدَدِ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :538  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 30 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.