سيدة النساءِ يا مسرفةَ الدلالِ |
لا تأخذي بما يقول عاشقٌ |
في لحظةِ انفعالِ... |
قلبي ـ وإن خذلتِهِ ـ لمّا يزلْ |
طفلاً بريء القوس والنبالِ |
لستُ الذي يمكن أنْ ينتهرَ النهرَ |
وأنْ يغضبَ منْ تشبّثِ الجبالِ... |
هل يزعلُ العصفورُ من سماحةِ البيدر ؟ |
والزهرُ من الربيعِ؟ |
والنسرُ من الأعالي ؟ |
لا تأخذي بما يقولُ عاشقٌ |
أغضبَهُ أنَ التي هامَ بها |
عصيَّةُ الوصالِ... |
يحدث أن أشيّدَ في خيالي |
منارةً فرعاءَ مثلَ جيدكِ النائمِ |
خلف برقعٍ وشالِِ |
يحدثُ أن أجعل من عينيك |
قنديلينِ في معتكفِ ابتهالي |
يحدث أن أزرعَ في خيالي |
حديقةً فوق سهولِ الخصرِ يا حبيبتي |
يحيطها بستان برتقال ِ... |
يحدث أن أنسجَ في خيالي |
ثوباً من العشبِ .. |
ومنديلاً من الهدبِ... |
وشالاً مزهراً من ورقِ الدوالي .. |
يحدث أن أجعل من يديكِ في خيالي |
سوراً |
يقيني من ذئاب وحشةَ الليالي |
يحدثُ أن أسوقَ نحو بيتكِ |
النّوقَ العصافيريّةَ... الغزلانَ .. |
والهوادجَ التي تئنُّ تحتها جمالي ... |
يحدث أن تسافري يومين عني |
فأحطمُ الكؤوسَ كلّها |
وأعلن الإضراب عن كتابة الشعرِ |
وعزف العودِ |
والجلوسِ في حديقتي الوارفة الظلالِ... |
يحدثُ أن تزفّكِ البحارُ لي |
حوريّةً يرمي بها الموجُ إلى رمالي... |
يحدثُ في خيالي |
أن تزعلي مني لأني لم أقبلكِ مساءً |
غير ألفِ قبلةٍ... |
يحدث أن أكتبَ في خيالي |
قصيدةً |
تعجزُ أوراقي وأبجديتي عن نقلها |
من مرجلِ اشتعالي ... |
يحدث أن يُجلسَني خيالي |
عرشَ المنى |
يجلس عن يمينيَ الأطفالُ والطيورُ |
والملوكُ عن شمالي |
وكلما صَفَقتُ كفي |
يقف الماردُ ما بين يدي |
مُلبياً سؤالي... |
يحدثُ في خيالي |
أن أهزمَ الطُغاة والعتاة والأباطرهْ |
وكلَّ ما في الأرضِ من جبابرهْْ |
يحدث أن أطهّرَ الحقول من كلِّ الجرادِ البشري |
في بساتين الفراتين |
وفي "الجليل"... "يافا"... ورياض " الناصره" .. |
وأُسرجَ الخضرةَ في القفار |
حتى تستحيلَ جنّةً أرضيّةً |
ضاحكةَ السِلالِِ .. |
يحدث أن أقيمَ جسرَ الودِّ |
بين الشاةِ والذئب |
وبين الصقرِ والعصفورِ |
بين الضبْعِ والغزالِِ |
يحدث في خيالي |
أن الطواويسَ التي تسلقتْ سقيفةَ النضالِ |
تخرج من كهفِ التنازلاتِ |
نحو شُرفةِ النزالِ ؟! |
يحدثُ أن أموتَ في خيالي |
لكي أرى دمعكِ |
حين يحفرُ الرفاقُ لي |
حفيرةَ الزوالِِ... |
يحدثُ أن أفيقَ من خيالي |
على صياحِ ديكِ جوعي |
وصدى سُعالي |
عَطَشي لمائكِ الزلال |
يحدثُ في خيالي |
أنْ أستحي منّي لأني قد أضعتُ العمرَ |
في بريّةِ الخيالِ ! |
* * * |
سيدة النساء يا مسرفةَ الظنونِِ |
سيدة النساءْ |
بين ضفافِ الأرضِِ والسماءِ |
جسرٌ من اليقينْ ... |
وبيننا نهران من ضحكٍ |
ومن بكاءْ |
وحقل ياسمينْ |
تشكو سواقيهِ احتراقَ الماءْ |
* * * |