فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
(124) (1) قضيت جزءاً من يومي هذا مع جماعة من الأخوان.. تجمع بيننا كلنا قرابة فكرية.. ويلم شملنا جو ذهني واحد.. تجرد من وضر المادة اللعين تركناه عند عتبة المجلس.. بعيدين عن التباهي بالسيادة وبالجاه ينوبان صفة ومسمى.. عند بعض الناس.. عن الاسم الموروث.. وعن الصفة الإنسانية المكتسبة من الفرد ذاته تميزه عمن عداه.. وأشعر.. والشهادة لله.. أنها كانت بيننا ساعات عمر تحتسب بالدقيقة وبالثانية من العمر وعليه.. حيث أحس كل فرد من الجماعة أنه حي بالمعنى الدقيق للحياة.. حارة.. حلوة.. مديدة ذات رنين وجدوى.. وصاحبة مدى طويل المدى على الأيام بذكرياتها ذات الوجود المتحرك على الأيام الأخرى والتالية مكرورة.. لا يميزها عن بعضها إلا أرقام أوراق النتيجة المقطوعة كل صباح!.. وأعتقد كتفسير مضاد لما ذكرت.. أنه ليس من التعالي الكاذب.. أو الكبرياء الجوفاء التافهة البواعث أن شر ما يبتلى به المفكر الحساس وجوده مع من لا تجمعه به رابطة ذهنية.. أو من لا تنبض بوجوده الإنسانية نبضات الفطرة الذكية النابهة.. ومما يروى.. للتاريخ.. في هذا الباب كله أو بعضه.. أن مفكراً جليلاً قضت المناسبة بأن يأمر الحاكم بسجنه.. ولإتمام النكاية به فقد صدر الأمر كذلك بأن يكون رفيق سجنه أحد الدهماء المغلقة قلوبهم.. والمغلقة عليهم نفوسهم داخل جدرانها الأربعة الصماء.. فلم يسع هذا المفكر الحساس إلا أن يبعث للحاكم باستعطاف رقيق.. لا ليطلق سراحه.. بل ليتكرّم فيجعل سجنه انفرادياً ينقل بعيداً عنه رفيقه الأصم القلب والفكر.. غير غافل عما يجره عليه ذلك السجن الانفرادي من عذاب نفسي.. وضيق وجداني ما بعدهما عذاب أو ضيق.. حيث الصمت المطبق.. ليل نهار.. باعتبار أن الإنسان.. أي إنسان.. لا يطيق الصوم عن الكلام بوصفه في التعريف.. وفي الواقع.. كما عبر عنه المناطقة أنه: حيوان ناطق!. وهكذا ترجم لنا من قديم الزمان هذا المفكر المسكين في أمانة وفي صدق عملي.. ترجمة حية لمثلنا الشعبي الدارج والقائل: حجر أنيس.. ولا دا الجليس!! * * *   [1] المصدر: جريدة عكاظ 23/8/1387هـ ـ 25/11/1967م.
طباعة تعليق  القراءات :586  التعليقات :0
صفحة 163 من 168

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج