شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(80) (1)
قابلت اليوم صديقاً قادماً من بلد جُلِدَ فيه على قفاه مرات.. ومرات حتى أصبح وبكل جزء منه دبرة لا يتميز فضل وجودها بأنها حمته الإحساس الكامل بألم الجلد باعتبارها مراكز التخدير في هذه الأجزاء من قفاه المهري..
وحتى يعرب لي عملياً عن فرحته الكبرى بالفرار من ذلك المسمط الذي كان فيه فقد ألمح أن نتغدى سوية في الفندق المطل على البحر والذي ينزل به.. وضغط طويلاً على كلمة البحر ليضعف مقاومتي فأقبل الدعوة.. لعلمه بأنني من عشاق منظر اليم..
وتحقق له ما أراد.. وانطلق الحديث هادئاً ومائجاً بحكم الجو.. ولما كان الصديق من ممارسي الأدب.. والشعر بالذات.. قديماً فقد كان ذلك المدار والمرد.. وفجأة انتصبت أمامنا علامة استفهام كبرى بسبب استعراضنا أسماء بعض الكتّاب والشعراء.. والصحفيين المدرسين. وما بين هؤلاء وأولئك مما ترد التسمية لهم بصيغة.. فويصل.. للتصغير.. أو للتحبيب..
والعلامة إياها تقول.. هل الأسلم في طريق الأدب.. السير على الخط الواحد؟.. وهل المشي في شتى دروبه يعتبر محققاً للامتياز المنفرد؟.. أم دليل قوة خارقة وطبيعة شاملة؟..
والأمثلة الحية.. مثلاً.. تقول لقد بدأ بعض الروائيين العالميين شاعراً أو صحفياً.. أو كاتب مقال قصير أو طويل.. ولكنه استقر أخيراً على خطه الواحد في عالم الأدب الواسع.. روائياً.. لم يعد يمارس الشعر.. مستقلاً.. ولا كذلك الصحافة.. أو الكتابة بمعناها المعروف.
كما تقول تلك الأمثلة كذلك.. إن لبعض الشعراء الممتازين مشاركات دائمة تسلكهم في عداد الكتّاب المرموقين.. وإن لبعضهم بالإضافة إلى ذينك الخطين الرئيسين مسارات واضحة المعالم في دروب أخرى.. للمقابلة مع المغايرة..
فقلت.. لقد سألني من أيام بحضور بعض الأخوان مطرب ذو صيت.. أنه يجد من نفسه حنيناً واستعداداً للتمثيل المسرحي والسينمائي.. بل وتراود ذاته النزاعة إلى الممارسات الفنية بأنواعها أن ينخرط في سلك المؤلفين بكل ما تنطوي عليه كلمة التأليف..
وأجبته أنه لا حرج على تلك النفس في تلك المراودة وألاَّ تثريب عليه في أن يجرب ويباشر كل ذلك.. فإن في محيطنا العربي الأمثال الحية لا تحصى على ما تريد.. ويريد.. أما الاختصاص بالتعبير الدقيق.. أو السير على الخط الواحد بمسمانا.. فصفة غربية محضة في التقدير.. أو المعدل العام.. لما يكتب لها لدنيا الشيوع المطلق..
واستثنى الروائي العالمي الممتاز.. باعتبار الرواية اليوم في عالم الأدب هي الوعاء الكبير. يستطيع بها الروائي التمكن من ممارسة الشعر روحاً.. والنثر علماً.. والصحافة ثقافة.. والرواية فناً.. في وقت واحد..
وتقول التجارب.. كاستدراك لا بد منه.. إن حد الطاقات وتحديد الموهبة في مجالها الأشد إلحاحاً لا شك أنه مصدر تفوق وامتياز.. على عكس تبديد المواهب هنا.. وهناك.. على أنه مهما تنوّعت مجالات وصفات الأديب بأخذه من كل شيء بطرف كما يقول الجاحظ.. فستظل شهرته محدودة بباب منها.. أو بما نسميه الخط الواحد..
وعندما أخذ الصديق برأسي ليفليها.. وليحدد ماهية مخيخها الصغير.. قفزت واقفاً ومودعاً بمعذرة ارتباطي بموعد.. قد حان!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :582  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 119 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.