شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(78) (1)
لبعض الكلمات.. والجمل المتداولة على أقلام الكتاب.. وألسنة الشعراء.. سحنات وملامح تكاد ترسم لك جوها مألوفة لديك.. لا تثير فيك جديداً من شعور.. أو تحرك فيك غريباً من إحساس.
فهي بهذا لا تفترق عن الوجوه المرئية منك من الناس مألوفة عادية لا تستلفتك أو يلفتك إليها وجه معبر داعٍ للتأمل أو التقدير أو بعث حالة ذهنية أو نفسية تشعر معها بالمغايرة.. وبالندرة.
ولهذا درج دلالو الحروف اليوميون.. من حقبة لأخرى.. لابتكار كلمات وتعابير حديثة.. أسوة بالموديلات النسائية.. لإحداث الانفعال المطلوب وللإقبال على استعمالها.. سائغة صانعة الأثر النادر المطلوب..
وللمثال الخاطف.. جمل.. وضع النقط فوق الحروف.. الاستقطاب.. أبعاد الموضوع.. الحقائق العارية. فيما يجري كذا.. يدور كذا.. وتلك ما تسيل على لعاب الصحفيين.. والزورق الحالم. والجناح المكسور.. والضباب الأزرق.. والبخور.. والترانيم.. مما تنشره براعات الشعراء.
ويسرف البعض في سبيل الجديد.. فيعمد إلى تغليف لفظ عامي في جملة زاهية دون اهتمام بالمضمون.. أو أي تعبير لا هم له في وضعه إلا أنه ذو رنين موسيقي.
ولقد قرأت اليوم أشياء من ذلك.. وتلك.. وهذه.. فرأيت الكلمة وكأنها بنت ليل قد ربطت على وسطها حزامها وأخذت ترقص عشرة بلدي أو.. على وحدة ونص كما يقولون.. للفت الأنظار إليها..
ومع أن للرقص البلدي عشاقه.. وبه الإثارة والتشويق.. إلا أن توالي الصيحات بأن يكون معبراً وغائباً في ذاته قد دعا محترفيه أو هواته لأن يجهلوه كذلك.. وتبدل أو يكاد يتبدّل معنى الرقص فعلاً في الأداء.. وفي بذلة الرقص نفسها باعتبارها للأداء الإطار المنظور.
ومن هذه النقطة البسيطة.. تعتبر مفرق طريق واسع.. همهمت بيني وبين نفسي بما رثّ من كثرة التداول.. ترى هل يغني التعبير ذاته عن المضمون المستهدف والمرغوب؟.. وهل نكتفي أحياناً بالمتعة بالعبارات البيانية المشرقة نعليها من المطالبة بالمضمون المادي.. أي الموضوعية.. باعتبارها صورة بيانية لا تكليف عليها؟.. وهل نقدر المضمون الحار في كلمات باردة باعتباره الهدف الأول منها؟.. وهل المطلب إثارة القارئ.. لا غير؟
وأخذت هذه ((الهلات)) تتقاطر في نغمشات ذهنية تكاد تحدث حكة أو جرباً في النخاع الأدبي من رأسي.. ولكنني قطعت الطريق عليها للأصل.. كداء.. ودواء.. وببساطة تامة رأيت أن الغرض من نشر قول الناثر.. أو سبك كلام الشاعر أن يجمع بين الأقانيم الثلاثة.. الهدف.. التأثير.. الإطار.. أي بين الموضوعية.. والاجتذاب.. والرداء الناصع.
أومأت مرة للجفري في حالة إظهار إعجابي بما يكتبه عن رحلته إلى لندن.. أنني انفعلت بكلمة الولوج في باب الفندق.. ولكنني أستنكرها.. استنكاري لكلمة قعر الموضوع التي رددها في مجال آخر، وقد يكون لبرود الكهولة دخل في هذا الرفض والاستنكار لاستعمال هاتين الكلمتين الراقصتين المحترفتين ولكن أعتقد أن المرد العام دون استفتاء في صفي!
وأعجبت بمقطوعة شعرية لأحد إخواننا من حيث موضوعيتها وصورها ولكن ذهب بكل هذا الإعجاب عدم هدايته وتوفيقه في استعمال كلمات ليست من الشعر في شيء.. وزادت المصيبة أن كانت تلك الكلمات في أعجاز وقوافي.. وما قيمة الصدر المرمري الناهد أن أطاح به عجز نافر!
لعلّني.. بما دار في رأسي اليوم أشبه بالدجاجة تنبش الثرى.. أو تقوقئ لدعوة سواها للمشاركة في النبش به.. تحصيلاً للرزق في فطانة.. أما الدردشة المطلقة نملأ بها فراغاً.. أو الكجكجة الشعرية نفرد لها إطاراً فليست من بحثي.. فقد أراحني دائماً منها المثل الشعبي القائل.. قول يسيدي.. قول!! هو الكلام عليه جمرك؟!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :573  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 117 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.