شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 49 ـ (1)
والحكاية اليوم تجمع أشتاتاً من الصور الإنسانية من الوفاء.. لحالة المنهزم الهارب ليعيش ليله ونهاره مذعوراً.. وللمتستر عطفاً على طريد لا يعلم أمره.. ومن حلاوة العفو يتقدم به لمالكه أعز الناس عليه.. إلى تبدل البغضاء حباً للمتفضل واعترافاً بجميل العفو عنه.
وهي على لسان صاحبها عبيد الله بن قيس الشاعر الملقب بالرقيات لأنه شبب بثلاث نسوة اسم كل واحدة منهن رقية.. وأمره من الزبيريين معروف:
قال عبيد الله.. خرجت مع مصعب بن الزبير حين بلغه شخوص عبد الملك بن مروان إليه.. فلما نزل مصعب بمسكن وهو موضع قريب من نهر دجيل وقد رأى معالم النور به ممن معه دعاني ودعا بمال ومناطق فملأ المناطق والأحزمة من ذلك المال وألبسني منها.. وقال لي انطلق حيث شئت فإني مقتول.. فقلت له لا والله لا أريم حتى أرى سبيلك فأقمت معه حتى قتل.. ثم مضيت إلى الكوفة فأول بيت صرت فيه دخلته فإذا امرأة طيبة ما إن رأتني وحالة ذعري حتى رقت بي في درجة لها إلى غرفة.. فقعدت فيها حيث أمرت لي بالطعام والفرش والماء للوضوء فأقمت كذلك عندها أكثر من حول تقيم لي ما يصلحني وتغدو علي في كل صباح فتسألني كيف أصبحت.. وما حاجتك؟.. ولا تسألني من أنا.. ولا أسألها من هي.. وأنا في ذلك أسمع الصياح في والجعل..
فلما طال بي المقام وانقطع الطلب وضجرت من بقائي أخبرتها ذات صباح أنني أريد الشخوص إلى أهلي.. فقالت لي: نأتيك بما تحتاج إليه إن شاء الله.. فلما أمسيت وضرب الليل بأرواقه صعدت إلي وقالت إذا شئت فنزلت وقد أعدت راحلتين عليهما ما أحتاج وأعطت العبد نفقة الطريق.. حتى جئت منزلي بمكة فدهش أهلي وقالوا ما فارقنا الطلب عنك إلا هذا الوقت فأقمت عندهم حتى أسحرت ثم نهضت ومعي العبد حتى قدمت المدينة فجئت عبد الله بن جعفر وهو يعشي أصحابه فجلست معهم وجعلت أتعاجم وأقول: يار يار بن طيار بالفارسية.. ومعناها الصاحب والمعين.. فلما خرج الناس كشفت له وجهي.. فقال لا حيلة في أمرك.. إلا أنني سأكتب إلى أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان فهي زوجة الوليد بن عبد الملك.. وعبد الملك أرق شيء عليها.. فكتب إليها يسألها أن تشفع له إلى عمها.. وكتب إلى أبيها يسأله أن يكتب إليها كتاباً يسألها الشفاعة..
فدخل عليها عبد الملك كما كان يفعل وسألها.. هل من حاجة؟.. قالت نعم لي حاجة. فقال قد قضيت كل حاجة لك إلا ابن قيس الرقيات.. فقالت: لا تستثن علي شيئاً.. فنفح بيده أي ضرب بها ضربة خفيفة.. فأصاب خدها فوضعت يدها على خدها.. فقال لها: يا بنيتي ارفعي يدك فقد قضيت كل حاجة لك.. وإن كانت ابن قيس الرقيات فقالت إن حاجتي ابن قيس الرقيات تؤمنه فقد كتب إلى أبي يسألني ذلك.. قال فهو آمن.. فمريه أن يحضر مجلس العشية.
فحضر ابن قيس.. وحضر الناس حين بلغهم مجلس عبد الملك فأخر الإذن.. ثم أذن للناس.. وأخر إذن ابن قيس الرقيات حتى أخذوا مجالسهم ثم أذن له.. فلما دخل عليه قال عبد الملك.. يا أهل الشام.. أتعرفون هذا.. قالوا: لا.. فقال: هذا عبيد الله بن قيس الرقيات الذي يقول:
كيف نومي على الفراش ولما
تشمل الشام غارة شعواء
تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي
عن خدام العقيلة الزهراء
فقالوا: اسقنا دم هذا المنافق.. قال الآن وقد أمنته وصار في منزلي وعلى بساطي.. لقد أخرت الإذن له لتقتلوه.. فلم تفعلوا.
فاستأذن ابن قيس الرقيات أن ينشده مديحه فأذن له.. فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
عاد له من كثيرة الطرب
فعينه بالدموع تنسكب
كوفية نازح محلتها
لا أمم دارها ولا صقب
واللَّه ما إن صبت إلي ولا
إن كان بيني وبينها سبب
حتى قال فيها:
إن الأعز الذي أبوه أبو العاصي
عليه الوقار والحجب
يعتدل التاج فوق مفرقه
على جبين.. كأنه الذهب!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :942  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 102 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج