فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
ـ 29 ـ (1) صفة التطفيل والطفيليين حالة لا يجيدها إلا طفيلي بالطبع وبالفطرة والمران وهو فن يتعمق في دراسته ليكون في الصنعة بصيراً بها.. وبما تتطلبه من معرفة بنفوس الناس وطبائعهم.. وبحقيقة المناسبات التي يختارها الطفيلي وبمكان الحفلات والولائم والدعوات يغشاها بقدم ثابتة وعلم راسخ.. وقد اخترنا لحكايتنا اليوم ابن دراج الطفيلي واسمه عثمان.. وقبل أن نسردها لا بد أن نتزوّد بشيء من أخباره.. وبملح من طرائفه ونوادره في هذا الباب.. حتى نكوّن عن شخصيته الصورة الكاملة له بقدر الإمكان.. ومن تلك.. إنه قيل لعثمان بن دراج أتعرف بستان فلان؟ قال بلى والله.. وإنه لَلْجَنَّةُ الحاضرة في الدنيا.. قيل له.. فلم لا تدخل إليه فتأكل من ثماره تحت أشجاره وتسبح في أنهاره؟ قال لأن فيه كلباً لا يتمضمض إلا بدماء عراقيب الرجال! وقال له مرة.. كيف تصنع بأهل العرس إذا لم يدخلوك حفلتهم.. قال أنوح على بابهم فيتشاءمون بذلك فيدخلوني ليكتفوا هذا الشر الوبيل. وقل له رجل.. ما هذه الصفرة في لونك؟.. قال من الفترة بين الوجبتين.. ومن خوف كل يوم من نفاد الطعام قبل أن أشبع. هذا.. وإن عثمان بن دراج هو القائل مشيداً بطبيعة فن التطفيل فيه: لذة التطفيل دومي وأقيمي لا تريمي أنت تشفين غليلي وتسلين همومي! أما الحكاية عنه.. فتقول: حكي أن ابن دراج سار إلى باب علي بن زيد.. أيام كان يكتب للعباس ابن المأمون فمنعه الحاجب.. وقال.. ليس هذا وقتك.. قد رأيت القوّاد يحجبون فكيف يؤذن لك أنت؟.. قال.. ليست سبيلي سبيلهم.. لأنه يحب أن يراني.. ويكره أن يراهم.. فلم يأذن له الحاجب.. فبينما هما على ذلك إذ خرج علي بن زيد فقال ما منعك يا أبا سعيد أن تدخل؟ قال: منعني هذا البغيض.. فالتفت إلى الحاجب.. فقال: بلغ بك بغضك أن تحجب هذا؟ ثم قال.. يا أبا سعيد.. ماذا أهديت إلي من النوادر.. قال: مرت بي جنازة ومعي ابني سعيد.. ومع الجنازة امرأة تبكي الميت تقول.. بك يذهبون إلى بيت لا فرش فيه ولا وطاء.. ولا ضيافة ولا غطاء.. ولا خبز فيه ولا ماء.. فالتفت إلي ابني قائلاً: يا أبت.. إلى بيتنا والله يذهبون بهذه الجنازة.. فقلت له.. وكيف ويلك.. قال لأن هذه صفة بيتنا.. فضحك علي وقال لابن دراج قد أمرت لك بثلثمائة درهم.. قال قد وفّر الله عليك نصفها مقابل أن أتغدى معك.. لأنه كان مع تطفيله أشره الناس.. فقال له علي بن زيد.. عليك موفرة كلها وتتغدى معنا! * * *   [1] المصدر: جريدة عكاظ 14/10/1387هـ ـ 14/1/1968م.
طباعة تعليق  القراءات :1008  التعليقات :0
صفحة 82 من 113

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج