شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 5ـ (1)
لكل داء دواء.. يُستَطبُّ به
إلا الحماقة.. أعيت من يداويها
ولقد أعيتنا فعلاً.. وقبل حلول ضرب مدفع الإفطار بوقت قصير.. حيث كنا في سيارة أجرة.. وأتينا مفرق طريق على رأس زقاقين وقف في منتصفهما سائق يصلح عطلاً في سيارته.. وبعض السيارات وراءه لا يلتفت إليها.. ولا يقبل مساعدة أحد لإزاحة سيارته عن الطريق.. فضرب له سائق الأجرة البوري مثنى.. وثلاث.. ورباع.. فقال له: عد من حيث أتيت فلا طريق لك من هنا.. ولا درب معك كما ترى.. فأبى ـ وكرر النفير.. فكرر عليه السائق ما قال. وزاد.. إن خراب سيارتي هو مانعي.. فكيف أستطيع أن أفسح لك الطريق.. وهذا حالي. ولا أريد مساعدة أحد لإزاحتها عنه..
فطلبت من سائق التاكسي أن يعود بنا لندرك البيت في وقت معقول.. فالدنيا رمضان.. فأصر إلا أن يمر من هذا الزقاق بالذات.. مهما طال به الوقوف.. ولما كان الوقت ضيقاً جداً.. فقد نزلت من التاكسي ولم أدفع له أجراً ـ وبدأت السعي والسير الطويل داخل الأزقة.. لا ينتهي المشوار.. ولا تساعدني قدماي..
ومضيت أفكر في السائق الخصوصي الذي وقف في منتصف الطريق بسيارته يصلحها ولم تسمح له حماقته بمساعدة الناس له على إزاحتها من الدرب.. وفي سائق الأجرة الذي أصر على الوقوف للمرور من الزقاق نفسه مهما طال به الوقوف.. وفي نفسي.. أبيت إلا أن أقطع المشوار زحفاً على الأقدام!
وهنا.. تذكرت حكاية قصيرة.. في المعنى المماثل من كل الوجوه تقول:
يحكى.. أن أحمقين اصطحبا في طريق.. فقال أحدهما.. تعال نتمنى على الله.. فإن الطريق تقطع بالحديث.. فقال أولهما.. أنا أتمنى قطائع غنم أنتفع بلبنها.. وبلحمها.. وبصوفها.. وقال ثانيهما.. أما أنا فإني أتمنى قطائع ذئاب.. أرسلها على غنمك.. حتى لا تترك منها شيئاً..
فصاح الأول.. ويحك.. أهذا من حق الصحبة وحرمة العشرة.. فتصايحا.. واشتدت بينهما الخصومة حتى تماسكا بالأطواق.. وتعاركا..
ثم تراضيا في النهاية على أن يكون حكماً بينهما أول من يطلع عليهما من الدرب.. فطلع عليهما شيخ يركب حماراً عليه زقان من عسل.. فأوقفاه.. حيث حدثاه بحديثهما.. وكيف أن أحدهما تمنى أن تكون له غنم ليستفيد منها.. والآخر تمنى أن تكون له ذئاب لتأكل تلك الغنم.
فمضى الشيخ إلى حماره ـ ثم فك الزقين من على ظهره.. وجاء بهما للرجلين حيث فتحهما وأسال ما بهما من العسل على التراب.. قائلاً بعظمة وبزهو في تؤدة تامة.. وفي تعقل رزين:
صب الله دمي.. مثل هذا العسل.. إن لم تكونا أحمقين!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1560  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 58 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج