شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 4 ـ (1)
لعلّ مما تحلو به بعض الروايات.. فكاهة تهش لها النفس.. ويروق بها الخاطر.. أن يذوب بين تضاعيفها الرمز.. مغزى دقيقاً بدهي الاستخلاص..
وطغيان الطمع.. أنانية وشرهاً في بعض الأفراد يفرض عليهم استغلال جهد الآخرين.. مساومة تزيد أحياناً على الحق الأصلي.. لصاحبه!!
يحكى.. أن بعض الولاة القدماء أرق ذات ليلة فقال لوزيره.. إنني أرقت الليلة.. وضاق صدري.. ولم أعرف ماذا أصنع؟.. وكان خادمه الخاص واقفاً أمامه.. فضحك.. فقال له.. ماذا يضحكك؟ أاستهزاء بنا؟.. أم استخفافاً بمقامنا؟.. فقال.. لا والله.. ما فعلت ذلك عمداً.. ولكنني خرجت بالأمس.. أتمشى بظاهر القصر إلى جانب النهر.. فوجدت الناس مجتمعين.. فوقفت فرأيت رجلاً واقفاً يضحك الناس ويقال له ابن المغازلي.. فتفكرت الآن في شيء من حديثه وكلامه.. فضحكت.. وإنني أطلب العفو مما فعلت.. يا مولاي.. فقال له الوالي.. لا!.. بل اذهب إليه وائتني به الساعة.. فذهب الخادم إلى ابن المغازلي.. وقال له.. أجب الوالي الآن، أجاب.. سمعاً وطاعة.. فقال الخادم الخاص تأتي معي بشرط.. هو أنه إذا أنعم عليك الوالي بشيء يكون لك أنت منه الربع.. والبقية.. أي الثلاثة الأرباع لي أنا؟.. قال له الرجل.. بل اجعل لي النصف ولك النصف.. فأبى.. فقال.. إذاً فالثلث لي ولك الثلثان فوافق الخادم الخاص.. بعد جهد عظيم.
فلما دخل الرجل على الوالي سلم.. وترجم.. فأحسن.. ووقف بين يديه.. فقال له الوالي.. إن أنت أضحكتني أعطيتك خمسمائة دينار.. وإن لم تضحكني أضربك بهذا الجراب ثلاث ضربات.. فقال المضحك في نفسه.. وماذا عسى أن تكون ثلاث ضربات بجراب كهذا.. وظنه فارغاً لا شيء فيه..
فأومأ بالموافقة..
ثم وقف.. وأخذ يتكلم.. ويتفكّه.. ويتمسخر.. وفعل أفعالاً عجيبة تضحك الجلمود.. ولكن الوالي لحالته النفسية الخاصة.. لم يضحك.. بل ولم يبتسم.. فتعجب الرجل.. ثم ضجر.. ثم خاف.. ثم صمت نهائياً.
فقال له الوالي.. الآن استحقيت الضرب.. وتناول الجراب ولفه.. وكانت فيه أربع زلطات.. كل واحدة منها وزنها رطلان.. فضرب المضحك ضربة واحدة لم تكد تقع على رقبته حتى صرخ صرخة عظيمة منكرة.. وافتكر الشرط الذي شرطه عليه خادم الوالي.. فالتفت للوالي قائلاً: اسمع مني كلمتين.. قال قل ما بدا لك.. قال.. إن خادمك هذا شرط علي شرطاً.. واتفقت معه على مصلحة.. وهو أن ما سيحصل لي من هبتك يكون له فيها الثلثان.. ولي أنا فيها الثلث فقط.. وما وافقني على ذلك إلا بعد جهد عظيم.. وحيث إنك فرضت عليّ ثلاث ضربات فيكون نصيبي منها واحدة.. ونصيبه منها اثنتين.. وقد أخذت نصيبي.. وبقي نصيبه هو..
هنالك.. ضحك الوالي.. ودعا بخادمه فضربه واحدة.. فصاح يا مولاي.. لقد وهبت ما بقي من نصيبي للمضحك!.. فضحك الوالي.. ثانية.. وأمر لكل منهما بخمسمائة دينار!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1543  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 57 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.