شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
( 18 )
تجوال...
كان اليوم التالي لوجودنا بالإسكندرية، موعد محاكمة الطلبة الجامعيين على الإضراب، وحادثة قتل الضابط، فذهبنا إلى المحكمة. وبواسطة شاب مصري موظف استطعنا الدخول إلى حيث وجدنا المتهمين في قفصهم، والنظار، وجلهم من الطلبة، وممن اتصل بهم أو بحياتهم بسبب.. في ساحتها..
والحرية جميلة، وبالأخص للمحروم منها، فإنها الحياة، وقد شاقنا منظر الطلبة يدخنون ويتجولون، ويتحدثون، وتتصل الأسباب بينهم وبين من في خارج القفص، وما راعنا شيء بقدر الإخطار بقرار المحكمة بجعل الجلسة "سرية" في آخر لحظة.. فحرمنا بذلك من متعة كبرى ذهب الخيال في تصورها إلى أبعد مدى..
ولكننا لم نرضخ لحكم الحرمان الكلي ـ فسألنا نفس الموظف الشاب ـ وكان لطيفاً معنا بعد أن عرف أننا حجازيون ـ عما تمكن مشاهدته فدلنا على محكمة استئناف مجاورة.. كانت جلساتها معقودة. فذهبنا وشاهدنا ما ذهب بكثير من روعة الصورة التي كانت مرتسمة في أذهاننا عن القاضي، والمحامي، والمتهم. وضعاً وإجراء. فالسرعة دون تتبع، وسرد الطابع الذي تعالج به القضايا، وربما كان تكوين الفكرة من دراسة الأوراق، السبب الرئيسي فيها..
وأنانيتنا في الغالب هي الموحية إلينا بقصور الإجراء، فهناك ترتيب معلوم عن غياب المتهم ـ الحقيقي أو الصوري ـ مثلاً فتحفظ القضية. وهناك سرد أجوف من المحامي لقضية، في حين انهماك القاضي بدراسة أوراق أمامه. وهناك مقاطعات تافهة لا يعنى بإيقافها أو تسخيفها. وربما كان للوقت بعض الأسباب.
ولكنا نعمنا على العموم بمسرح العدالة تجد الحرية فيه جمالها المفروض لها، ومقارعة الحجة بالحجة رغم ضياع كثير من الحقائق بين براثن البراعة التكتيكية، والمناورات التجريبية، فلكل مطلب عزيز ضرائبه وضحاياه.. كما تألمنا كثيراً لمناظر البؤس، ومرائى الشقاء، في كثير من المطلقات، وطالبات النفقة، والحقوق المهدورة.
وخرجنا بعد للتجول في شوارع البلدة وأزقتها، وقد كان موضوع استنكارنا هذه الأسماء الأجنبية تتميّز بها الشوارع بالإسكندرية، وقد يكون لوجودها من قبل مبرر أما بقاؤها للآن فهو المنكر المستبشع.
وكان الكورنيش الممتد مبعث إعجابنا الدائم فهو مفخرة "أبي السباع" التي هيأها لمصر رغم ما لابس قيامها من منكر عليه، ومس للسمعة.. فهو مجلى الذوق، والنظام. والترتيب. ومسرح الفتنة الطبيعية، ومجالها الرحب..
كما كان مرأى العمارات الكبيرة المطلة على البحر خالية تتثاءب في انتظار اليقظة والحركة والزحمة، مصدر عبرة للحياة والموت.. "فالمكان بالمكين" كما نقول في أمثالنا..
ونظام تخصيص الأتوبيس وحده للكورنيش بديع لضمان الهدوء النسبي. والترام ذو الطابقين ممتع جذاب..
ويكفي قبل وبعد أن يستعرض المرء الحوادث التاريخية الكبرى تحفل بها هذه المدينة "الإسكندرية" من الأمد القديم ليستروح نفحاتها. ويناجى طيوف أبطالها، وبطلاتها السابحة في الماء أو المزدحمة بشارع أو محطة ذات السحر، والفن، والجمال، كليوباتره..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :807  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 20 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج