(( كلمة الأستاذ نادر صلاح الدين ))
|
ثم تحدث الأستاذ نادر صلاح الدين - مشاركةً منه في هذا الاحتفاء - فقال: |
- بسم الله الرحمن الرحيم |
السادة الأفاضل: |
والكلمةُ التي أشرفُ بأن تجد لها مكاناً بين الشداة، وفي هذا اللقاءِ الأدبي الثقافي الأصيل بمناسبة تكريم شيخنا وأستاذِنا، هي مجردُ إلماحةٍ عجلى عن ملامح من إسهاماتِ عالمٍ أريبٍ فذٍّ ورائدٍ من رواد الفكرِ والأدب..، ملامحَ من إسهاماتِ شيخِنا الفاضل وأستاذِنا هاشم دفتردار المدني في المنهل.. المجلة السعودية الأولى. |
- وأؤمن إيماناً كاملاً بأن حقَّ أستاذِنا علينا وعلى الأجيال من قبلنا، تعجز الكلماتُ وتقصُرُ الخُطب عن إيفائه..، فهي قاصِرة أمام طودٍ شامخ عظيمٍ. |
- ولأستاذنا الشيخ هاشم مع المنهل رحلةٌ طويلةٌ..، نَثَرَ فيها من مِدادِ يراعه على صفحاتها أزهاراً زاهرة، راحت تفوح شذَا فكرٍ وأدب وعلمٍ وتعليمٍ..، فأستاذنا صال في ميادين شتَّى.. في الفكر والأدب، والصِّحافة والسياسة، والأماكن والبلدان، وغيرِ ذلك من الفنون..، وسأكتفي بعرض نموذجين من كتابات أستاذنا في المنهل، نقف من خلالهما على جانب من جوانب الشخصية الفكرية الرائدة الفذة، المتعددة. |
- أما الأول: فهو النموذج القصصي، وأستاذنا ولج باب فن القصة في المنهل، فكتب قصصاً بعنوان: "من أبناء الجزيرة العربية" بطلها سهل بن مالك الفزاري..، وهو إذ يكتب تلك القصة العربية المستمدة من التاريخ.. لا يكتفي بمجرد سرد أحداث تاريخية، بل منها نتعلم اللغة الفصحى.. والسلسة السليمة من غير ابتذال، الجزلة في غير ضعف ولا وهن، بأسلوب رقيق رشيق؛ وفيها ينثر القيم العربية الأصيلة، ونتلمس عزّاً وافتخاراً بالعربي وقيمه الأصيلة، مما يدلنا دلالة واضحة على رؤية الكاتب. |
- وهناك القصة الفنية، كقصة: "باقل في الاختبار" والتي أراد منها أن تكون قصة توجيهية تعليمية، تبين عاقبة عدم الاكتراث والإهمال؛ كما أن هناك الأقاصيص الواقعية، التي جاءت إحداها بمثابة رسالة أدبية في شكل أقصوصة، وجهها إلى أحد الوجهاء الأكرمين في طيبة الطيبة حين حل عليه ضيفاً؛ ومنها نقف على أخلاق عربي أصيل، متخلقٍ بخلق الإسلام، حريص على أن يتعلم الأجيال القيم والمثل الأصيلة. |
يقول فيها: "كتبت ما رضيت عنه دون مبالغة ودون غمطٍ للحقيقة التي لمستها بكل حواسي".. |
ويقول فيها أيضاً: لأني مؤمن بقول الله (جلّ وعزَّ): ولا تبخسوا الناس أشياءهم وهل يكون البخس إلاَّ من زنيم؟ |
- هذا.. بجانب إلباسه لأقاصيصه أسلوباً أدبياً رشيقاً. |
- وفي النقد الأدبي لأستاذ الأجيال طريق واضح المعالم بيِّن الملامح، فلم يكن نقده نقداً هدّاماً يتحامل فيه على من ينقده، بل كان ينقد في أدب جمّ، وبعلمِ واثقٍ من علمه وقدراته، وبأخلاق عالم فاضل.. حتى يبدو وكأنه هو الَّذي يتعلم ممن ينقده.. لا يُعلِّم بل يتعلم. |
- ونلحظ ذلك في: (حصاد العيد) ديوان الكاظمي شرح الشيخ عبد القدوس الأنصاري (رحمه الله). |
- ففي تعليقه على أبيات الكاظمي نتلمس رؤيته الفنية الواعية؛ وعن شرح أستاذِنا عبد القدوس الأنصاري (رحمه الله) يقول: |
- "وكلما حاولت أن أتناول فصلاً من مؤلفاته بالتوضيح، ألفيته قد كفاني ذلك بما وضّح هو وأبان" هذا إضافة إلى ما نقف عليه في نقد أستاذنا هاشم من ثقافة واسعة، وإلمام عريض، وسعة اطلاع على الأدب والتراث..، مما يشهد بأستاذيته؛ وما قلناه في ذاك نقوله عن دراسته المستفيضة في المنهل عن شاعرية شاعر العروبة محمد حسن فقي، والتي نشرت في محرم 1398هـ؛ وعما كتب عن ملحمة الشاعر فارس السعدي: "طوفان النور" 1388هـ. |
- تلك إلمامة سريعة لبعض ما نشره في المنهل، والكلمات عاجزة قاصرة أمام باعه الطويل في الفكر والأدب، وعطاء أستاذنا ما يزال مستمراً، أدام الله عليه الصحة، وجعله لنا وللأجيال ذخراً. |
|
|